بحث متقدم
الزيارة
5282
محدثة عن: 2011/10/24
خلاصة السؤال
هل أن سائر الناس قادرون کالأئمة المعصومین (ع) على التصرف فی عالم الخلق؟
السؤال
کیف یمکننا أن نکون کالأئمة المعصومین فیما یخص التصرف بعالم الخلق؟
الجواب الإجمالي

إن للإنسان مکانة ممتازة بین موجودات هذا العالم، و إنه یمتلک قوى و استعدادات هائلة فإذا ما أحسن تنمیة هذه القوى و إخراجها إلى عالم الفعلیة ـ و هذا ما یحصل بالتقرب إلى الله و عبادته و إطاعته ـ فإنه من الممکن أن یکون له قدر من الولایة و التصرف فی عالم الخلق بقدر سعیه وحجم عمله.

و على هذا الأساس یقول الإمام الحسن المجتبى (ع): «من عبد الله عبّد الله له کل شیء».

الجواب التفصيلي

فی البدایة نقول: إن البحث فی التصرف فی عالم الخلق یندرج ضمن البحث عن الولایة التکوینیة، و معنى الولایة التکوینیة إدارة الموجودات فی العالم و التصرف العینی فیها، و هو أمر منحصر أولاً و بالذات فی ذات المولى المقدسة (الله) و ثانیاً و بالعرض بالنبی (ص) و الأئمة المعصومین (ع) و الإنسان الکامل. و هذه القاعدة یمکن ملاحظتها بصورة برنامج تنویری فی الکثیر من موضوعات القرآن الکریم من قبیل العزة و القوة و الشفاعة [1] .

و ببیان آخر فإن الولایة التکوینیة تعنی القوة و الاقتدار على التصرف فی مادة الکائنات بإذن الله التکوینی. و على هذا الأساس فإن جمیع المعجزات و الکرامات التی یظهرها الأولیاء تکون بواسطة هذه الولایة التکوینیة.

و علیه یمکن القول أن معجزات مثل (شق القمر) و (انقلاع الشجرة من مکانها و تحرکها نحو الرسول) من قبل نبی الإسلام (ص) و (شق الأرض) و (شق البحر) من قبل موسى (ع) فی قصة قارون و فرعون. و إحیاء الموتى من قبل عیسى (ع) و قلع باب قلعة خیبر من قبل الإمام علی(ع) کل هذه الأمور لیست إلا من قبیل تصرف الإنسان الکامل فی الکائنات، بواسطة الولایة التکوینیة [2] .

إذن فالأنبیاء و الأئمة المعصومون (ع) یمتلکون مثل هذه الولایة و القدرة على التصرف.

و الآن و قد اتضح معنى الولایة التکوینیة فمن اللازم معرفة مسألة مهمة و هی أن للإنسان مرتبة و موقعیة ممتازة و عالیة بین موجودات هذا العلم، فإذا استطاع أن یسیطر على نفسه و ینمی قدراته و استعداداته و تحویلها إلى عالم الفعل و هذا لا یتم إلا بالتقرب إلى الله و فی دائرة طاعته و عبادته، فإنه سوف یصل إلى مرتبة و مقام الولایة و التصرف فی عالم الخلق و ذلک بمقدار سعیه و عمله و جهاد نفسه.

و على هذا الأساس جاء قول الإمام الحسن المجتبى (ع): «من عبد الله عبّد الله له کل شیء» [3] . و عبارة الإمام هذه تعنی أن منشأ الولایة التکوینیة هو عبادة الله، و العبادة وحدها التی تجعل من الإنسان إنساناً إلهیاً و إن لم یکن إلهاً.

و قد جاء فی الأحادیث القدسیة أن الله قال: «عبدی أطعنی تکن مثلی» [4] .

و کذلک قال: "ابن آدم أنا غنی لا أفتقر أطعنی فیما أمرتک أجعلک غنیاً لا تفتقر یا ابن آدم أنا حی لا أموت أطعنی فیما أمرتک أجعلک حیاً لا تموت، یا ابن آدم أنا أقول للشیء کن فیکون، أطعنی فیما أمرتک أجعلک تقول لشیء کن فیکون" [5] .

لمزید الاطلاع تراجع المواضیع التالیة:

1ـ الإمام علی (ع) و علم الغیب و خالق الأرض و الرعد و البرق (السؤال 7474 الموقع: 8022).

2ـ وجه الله تعنی الإمام علی (ع) السؤال 8683 (الموقع: 10616).

3ـ (سعادة و کمال الإنسان) السؤال 704 (الموقع: 753).

4ـ (الإنسان و مقام خلیفة الله)، السؤال 2058 (الموقع: 2370).



[2] ترخان قاسم،.نگرشی عرفانی ، فلسفی و کلامی به: شخصیت و قیام امام حسین (ع)= شخصیة الامام الحسین نظرة عرفانیة فلسفیة کلامیة، ص 109 – 110، نشر چلچراغ، قم، ، الطبعة الاولی، 1388ش.

[3] المجلسی، محمد باقر، بحار الأنوار، ج68، ص184، مؤسسة الوفاء بیروت ـ لبنان، 1404 ق.

[4] آملی، سید حیدر، جامع الأسرار و منبع الأنوار، ص 363.

[5]   بحار الأنوار، ج90، ص376؛ الحلی، ابن فهد، عدة الداعی، ص310، دار الکتاب الإسلامی، 1407 ق.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

  • ما هو الهدف الاساسی للدعاء؟
    7790 العملیة 2011/05/21
    الادعیة تمثل تفسیرا للقرآن الکریم و شرحا للمعارف السماویة السامیة و مذکرة بالاسلوب التربوی القرآنی و مؤکدة للتعالیم الوحیانیة. و الدعاء نعمة لا غنى عنها و فرصة ذهبیة منحها الباری تعالى لعبادة للاتصال به و الحضور فی ساحته المقدسة و مد ید الاستمداد و الطلب منه لیکون ...
  • هل توجد أفعى فی ضریح الإمام الرضا (ع)؟
    5096 العملیة 2011/01/11
    عالم التقنیة الحدیثة و المونتاژ فی الأفلام و الصور من الامور المیسرة جداً و قد تستعمل فی إعداد إفلام غیر واقعیة. و لا ریب أن تشخیص الواقعی من تلک الافلام و تمییزه عن غیر الواقعی یعد من الامور الصعبة بالنسبة الى الافراد العادیین لکن بالنسبة ...
  • خاطب الله سبحانه نبیه الکریم قائلاً: "قُلْ لا أَمْلِکُ لِنَفْسِی نَفْعاً وَ لا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ" فهل ان طلب الشفاعة و الحاجات و الشفاء من النبی لا ینافی مدلول هذه الآیة؟
    8069 الکلام القدیم 2008/04/05
    ما ترید هذه الآیة الکریمة بیانه هو إثبات التوحید الأفعالی و نفی استقلال النبی (ص)عن الله سبحانه فی وجوده و سائر شؤونه حیاته. و علیه فلا وجود لأی منافاة بین هذه الآیة و الآیات التی تنسب الفعل و الشفاعة و.... إلى شخص الرسول الأکرم (ص)بإذن الله و إرادته، کما إنه ...
  • ما هو الوحی و کیف کان ینزل على الانبیاء؟
    9835 القرآن 2007/04/10
    (الوحی) فی اللغة الإشارة السریعة و یمکن أن تکون من جنس الکلام أو الرمز أو صوت مجرد عن الترکیب أو الإشارة و أمثال ذلک. و استعمالات القرآن المختلفة لهذه الکلمة و المعانی التی جاءت بها تلفت أنظارنا إلى مجموعة من المسائل: أولها: أن الوحی لا یختص بالإنسان، و ...
  • هل البخار المتصاعد من النجاسة نجس؟
    5253 الحقوق والاحکام 2011/04/17
    بخار البول أو الماء المتنجِّس طاهر فلا بأس بما یتقاطر من سقف الحمّام إلّا مع العلم بنجاسة السقف.[1]
  • هل یصح إهداء ثواب الخیرات للوالدین و إن کانا حیین؟
    6414 العملیة 2009/03/14
    یمکن لکل انسان القیام بالاعمال الخیرة و اهداء ثوابها للاخرین سواء کانوا من الغرباء ام من الاقرباء أو یقوم باهدائها للابوین خاصة حتى لو کانا حیین، و انه بعمله هذا لم ینقص من ثوابه شیء ابدا و سیحصل على نفس ثواب العمل الذی أهداه الیهم. ...
  • ما السبب في إختلاف التعابير عن عذاب يوم القيامة في القرآن؟
    8415 التفسیر 2012/09/20
    طريقة القرآن في عرضه للقصة القرآنية تتمثل بإكتفائه ببيان الملاحظات البارزة و المهمة منها و ما له أثر في إيفاء الغرض، و لا يدخل في جزئيات القصة و تفاصيلها، فلا يلتزم بحكاية القصة من أولها إلى آخرها، بل ينتقي منها ما فيه عبرة و فائدة على المستويين ...
  • ما الفرق بین المفهوم و الماهیة في المنطق؟
    6143 الفلسفة العلم 2012/07/19
    المفهوم بشکل عام یشمل المفاهیم الحقیقیة و الإعتباریة، و المراد من الماهیة هو المفهوم الحقیقي الذي یسمی أیضاً بالمعقول الأولي. و المفاهیم غیر الحقیقیة هي مفاهیم اعتباریة و غیر ماهویة و لیس لها قابلیة الوجود في الذهن و في الخارج معاً، و الجدير بالذكر هناأن هذه المفاهيم لیس ...
  • ما هی فلسفة وجود الشیطان؟
    7846 الکلام القدیم 2007/11/11
    أوّلاً: إن دور الشیطان فی الإغواء و الإضلال بالنسبة إلى الإنسان لا یتعدى حدود الدعوة، و ثانیاً: إن التکامل لا یکون إلاّ فیما بین التضاد، إضافةً إلى ذلک فإن خلق مثل هذا الموجود فی نظام هو الأحسن لا یعد أمراً عبثیاً لا هدف له، و إنما هو تجلٍ لرحمانیة وخیریة ...
  • ما هو تکلیف الطبیب إذا اضطر الى مشاهدة عورة المریض فی سبیل علاجه؟
    6661 الحقوق والاحکام 2010/10/21
    هکذا أجاب المراجع العظام على سؤالکم: س: هل یجوز للطبیبة النظر و لمس عورة المرأة للفحص و تشخیص المرض؟ج: لا یجوز إلا فی حالات الضرورة.س: ما حکم نظر الطبیبة إلى عورة ...

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279435 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257248 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128143 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113246 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    88997 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59838 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59551 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56856 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49741 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47165 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...