بحث متقدم
الزيارة
5840
محدثة عن: 2012/03/03
خلاصة السؤال
ما ذا يعني رمضان و ما هي حقيقته؟
السؤال
ما ذا يعني رمضان و ما هي حقيقته؟
الجواب الإجمالي

رمضان لغة مشتق من الرمض و: الرَّمَضُ و الرَّمْضاءُ: شِدّةُ الحَرّ. و الرَّمَضُ: حَرُّ الحجارة من شدّة حَرّ الشمس، و قيل: هو الحرّ و الرُّجوعُ عن المَبادِي إِلى المَحاضِر، و أَرضٌ رَمِضَةُ الحجارة. و رمض الرجل احترقت قدماه من شدة الحر و قيل سمي رمضان لارتماضهم في حر الجوع‏.

و في الاصطلاح هو الشهر التاسع من الشهور العربية و شهر صيام المسلمين و هو شهر نزول القرآن الكريم«شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ...».

و قد وصف الامام السجاد (ع) شهر رمضان بكلمات بليغة و رقيقة تكشف عن مكانة الشهر و منزلته في الفكر الاسلامي حيث يقول (ع): " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِحَمْدِهِ، وَ جَعَلَنَا مِنْ أَهْلِهِ لِنَكُونَ لِإِحْسَانِهِ مِنَ الشَّاكِرِينَ، و الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ مِنْ تِلْكَ السُّبُلِ شَهْرَهُ شَهْرَ رَمَضَانَ، شَهْرَ الصِّيَامِ، وَ شَهْرَ الْإِسْلَامِ، وَ شَهْرَ الطَّهُورِ، وَ شَهْرَ التَّمْحِيصِ، وَ شَهْرَ الْقِيَامِ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ، هُدًى لِلنَّاسِ، وَ بَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَ الْفُرْقَانِ،  فَأَبَانَ فَضِيلَتَهُ عَلَى سَائِرِ الشُّهُورِ بِمَا جَعَلَ لَهُ مِنَ الْحُرُمَاتِ الْمَوْفُورَةِ، وَ الْفَضَائِلِ الْمَشْهُورَة" إن شهر رمضان هو شهر التزكية و الطهارة، الشهر الذي يردع فيه الانسان نفسه و يكفها عن الميول و الشهوات و الغرائز الحيوانية و المادية حيث يقوم المصلي في آن واحد بتطهير البدن و الروح لينتقل بروحه الى عالم الطهارة و التسامي و التكامل، و يستضيء بنور الهداية الرباني. و ان حقيقته الباطنة عبارة عن: الوصول الى لقاء الله تعالى.

الجواب التفصيلي

رمضان لغة مشتق من الرمض و: الرَّمَضُ و الرَّمْضاءُ: شِدّةُ الحَرّ. و الرَّمَضُ: حَرُّ الحجارة من شدّة حَرّ الشمس، و قيل: هو الحرّ و الرُّجوعُ عن المَبادِي إِلى المَحاضِر، و أَرضٌ رَمِضَةُ الحجارة.[1]

و رمض الرجل احترقت قدماه من شدة الحر و قيل سمي رمضان لارتماضهم في حر الجوع‏.[2] و رمضت الغنم إذا رعت في شدّة الحرّ فقرحت أكبادها و يقال ارتمض بطنه: فسد، كأنّ ثمّ داء يحرقه.[3]

و في الاصطلاح هو الشهر التاسع من الشهور العربية و شهر صيام المسلمين و هو شهر نزول القرآن الكريم«شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ...»[4]. [5]

حقيقة شهر رمضان المباركة و باطنه

كل ما في عالم الوجود له حقيقة و باطن؛ و ذلك لان الدنيا تنزل للعوالم العليا، و كل ما يظهر في عالم الدنيا يمثل نموذجا لعوالم المعنى. ثم إن الاحكام و القوانين الالهية تتجلى في عالم الدنيا بصورة الاوامر و الدساتير العبادية، و لها اسرار باطنية. و هكذا الامر بالنسبة الى الاشياء الاخرى من الازمان و الاماكن فان لها هي الاخرى بواطن و حقيقة أخرى، منها شهر رمضان المبارك الذي وصفه النبي الاكرم (ص) حينما قال: "أيها الناس إنه قد أقبل إليكم شهر الله بالبركة و الرحمة و المغفرة شهر هو عند الله أفضل الشهور و أيامه أفضل الأيام و لياليه أفضل الليالي و ساعاته أفضل الساعات هو شهر دعيتم فيه إلى ضيافة الله و جعلتم فيه من أهل كرامة الله‏".[6]

و كان الامام السجاد (ع) كما ورد في الصحيفة السجادية يستقبل شهر رمضان بكلمات بليغة و رقيقة تكشف عن مكانة الشهر و منزلته في الفكر الاسلامي حيث يقول (ع): " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِحَمْدِهِ، وَ جَعَلَنَا مِنْ أَهْلِهِ لِنَكُونَ لِإِحْسَانِهِ مِنَ الشَّاكِرِينَ، و الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ مِنْ تِلْكَ السُّبُلِ شَهْرَهُ شَهْرَ رَمَضَانَ، شَهْرَ الصِّيَامِ، وَ شَهْرَ الْإِسْلَامِ، وَ شَهْرَ الطَّهُورِ، وَ شَهْرَ التَّمْحِيصِ، وَ شَهْرَ الْقِيَامِ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ، هُدًى لِلنَّاسِ، وَ بَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَ الْفُرْقَانِ،  فَأَبَانَ فَضِيلَتَهُ عَلَى سَائِرِ الشُّهُورِ بِمَا جَعَلَ لَهُ مِنَ الْحُرُمَاتِ الْمَوْفُورَةِ، وَ الْفَضَائِلِ الْمَشْهُورَة".[7]

إن وصف الإمام لشهر رمضان كشهر الله و شهر الاسلام و شهر نزول الوحي، يعكس مدى رؤية الامام السجاد (ع) و مدرسة أهل البيت (ع) لهذا الشهر المبارك، و انه عرصة لتجلي حقيقة الاسلام؛ و يعني التسليم المحض لله تعالى. هذه العرصة التي توفر للعباد فرصة التزكية و التطهير و اظهار الرضا بأمر الله تعالى و الخضوع له في كل شيء بما فيها الامساك عن المباحات في سائر الشهور، و الخضوع لله الباري المتعال. و يمثل هذا التمرين فرصة جيدة لتقوية الارادة و ليكون المحطة التي يتزود منها التقوى لسائر الشهور؛ و ذلك لان الانسان الذي يخضع للاوامر الالهية لمدة شهر كامل و يمنع نفسه من الحلال استجابة للامر الرباني و يمسك عن حاجاته الطبيعية كالطعام و الشراب، سيمتلك القدرة في سائر الشهور في مواجة وساوس الشيطان و أهواء النفس الامارة، و يكون في عداد المتقين و المخبتين.

إن شهر رمضان هو شهر التزكية و الطهارة، الشهر الذي يردع فيه الانسان نفسه و يكفها عن الميول و الشهوات و الغرائز الحيوانية و المادية حيث يقوم المصلي في آن واحد بتطهير البدن و الروح لينتقل بروحه الى عالم الطهارة و التسامي و التكامل، و يستضيء بنور الهداية الرباني.

إذن، يمكن القول بان حقيقة شهر رمضان هي: التحرر من ضغوط الانا؛ التحرر من الميول الحيوانية، ولادة الروح الالهية، و شهر رمضان هو شهر التخلق باخلاق الله تعالى، و ان حقيقته الباطنة عبارة عن: الوصول الى لقاء الله تعالى. فقد ورد في الحديث أن الله تعالى قال: «الصَّوْمُ لِي وَ أَنَا أَجْزِي بِه‏»؛[8]  و هناك من قرأ كلمة "اجزي" بصيغة المبني للمجهول " اُجزَی" بمعنى ان الصوم لي و انا جزاءه. و لشديد الاسف نرى الانسان تعلق بذاته و بكل ما هو متغير و ترك التعلق بالله تعالى؛ و ذلك لان كل ما سوى الله تعالى هو في معرض الزوال و التغيير و لا يمكن أن يكون جزاء للانسان؛ فان جزاء الصيام لقاء الحق تعالى.[9]



[1] ابن منظور، محمد بن مكرم‏، لسان العرب، ج ‏7، ص 160، الطبعة الثالثة‏، دار صادر، بيروت، 1414 ق‏.

[2] المصباح‏للكفعمي ص : 513.

[3] مصطفوي، حسن، التحقيق في كلمات القرآن الكريم، ج‏4، ص: 230، نشر: بنگاه ترجمه و نشر كتاب، طهران،  1360 ش.

[4]. بقره، 185.

[5]. القرشي، سيد علي اكبر، قاموس القرأن، ج ‏3، ص 123، الطبعة السادسة، دار الكتب الإسلامية، طهران، 1371 ش‏.

[6] الشيخ الصدوق، الأمالي، ص 93، انتشارات المکتبة الاسلامية، 1362ش.

[7] الصحيفةالسجادية (ع) ص : 186، الدعاء رقم44، إِذا دخل شهر رمضان.

[8]. شيخ صدوق، من ‏لايحضره ‏الفقيه، ج 2، ص 75، انتشارات جامعه مدرسين، قم، 1413 ق.

[9] جوادی آملي، عبد الله، حکمت عبادات، ص 33و131- 135و 145- 147، اسراء، قم، الطبعة الاولی، 1378ش.

 

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279359 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    256908 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128057 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    112878 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    88919 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59629 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59354 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56812 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49388 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47111 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...