بحث متقدم
الزيارة
6147
محدثة عن: 2008/11/29
خلاصة السؤال
کیف یمکننا الوثوق بان العلماء الذین یقومون بالنصح و الخطابة صالحون لهذا العمل و جدیرون به؟
السؤال
نحن نعیش فی مجتمع یوجد فیه آلاف المسلمین و فیهم علماء کثیرون و کثیر منهم حسب رأینا لایمتلکون الجدارة و الصلاحة للارشاد، فمع هذا کیف یمکننا الوثوق بان العلماء الذین یقومون بالنصح و الخطابة صالحون لهذا العمل من ناحیة العقیدة الشیعیة؟
الجواب الإجمالي

علی اساس تعالیم الاسلام فانه یلزم علی عامة الناس و من أجل فهم الدین اما ان یحققوا بأنفسهم و یقوموا بالبحث العلمی للوصول الی الاحکام الالهیة، او یرجعوا الی علماء الدین، و حیث ان اکثر الناس لیسوا قادرین علی التفقه و الفحص بأنفسهم، فعلی هذا یجب علیهم مراجعة العلماء و قد ذکر الائمة الاطهار (ع) معاییر خاصة لمعرفة العلماء الصالحین تسهل علی الشخص الوصول الی العلماء الصالحین و الجدیرین، فقالوا مثلاً: من کان من العلماء حافظاً لدینه مخالفا لهواه مطیعاً لامر مولاه فللعوام أن یقلدوه.

اضافة الی ان الائمة (ع) قالوا: إن الحکمة ضالة المؤمن اینما وجدها عمل بها حتی لو کانت عند کافر.

الجواب التفصيلي

من اجل اتضاح الجواب یلزم التذکیر بعدة ملاحظات:

1. قیمة علم العالم: یقول الله تعالی فی القرآن الکریم حول فضیلة العلم و منزلة العالم: "قل هل یستوی الذین یعلمون و الذین لا یعملون"،[1] و قال فی موضع آخر: "فضل الله الذین آمنوا و الذین اوتوا العلم درجات و الله بما تعملون علیم".[2]

و فی الروایات ایضاً ورد بوضوح بیان قیمة العلم و العالم و ضرورة الرجوع الی العالم.

فقد ورد عن رسول الله (ص) انه قال ما مضمونه: "من أخذ العلم من أهله و عمل به نجا".[3]

و قال (ص) ایضاً: "النظر الی وجه العالم عبادة"،[4] و فی موضع آخر أوضح ضرورة تعلم العلم فقال (ص): "طلب العلم فرضیة علی کل مسلم و مسلمة".[5]

2. من مجموع الآیات و الروایات الاسلامیة یفهم ان الدین الاسلامی دین دائم و خالد و أن قوانینه ساریة علی البشر الی یوم القیامة، و لذا یجب علی الانسان ان یتعلم جمیع تلک الاحکام، و لتعلم الاحکام طریقان لیس لهما ثالث: فاما ان یرجع الانسان بنفسه و بثروته العلمیة الی المصادر الفقهیة و الدینیة و یستخرج الاحکام و المسائل منها، و ان لم یتمکن من ذلک و لم تکن له القدرة العلمیة فانه یرجع الی أهل الفن و الخبرة.[6]

3. وضع الرسول الأکرم (ص) و الائمة الأطهار (ع) معاییر لتشخیص العلماء الصالحین نذکر هنا بعضها:

روی عن الامام الحسن العسکری (ع) فی بیان قوله تعالی: "فویل للذین یکتبون الکتاب بایدیهم ثم یقولون هذا من عند الله"، أنه قال (ع): هذه لقوم من الیهود، الی ان قال: و قال رجل للصادق (ع): اذا کان هؤلاء العوام من الیهود لا یعرفون الکتاب الا بما یسمعونه من علمائهم فکیف ذمهم بتقلیدهم و القبول من علمائهم؟ و هل عوام الیهود الا کعوامنا یقلدون علماءهم، الی ان قال: فقال (ع): بین عوامنا و عوام الیهود فرق من جهة و تسویة من جهة، اما من حیث استووا فان الله ذم عوامنا بتقلیدهم کما ذم عوامهم، و اما من حیث افترقوا فان عوام الیهود کانوا قد عرفوا علماءهم بالکذب الصراح و أکل الحرام و الرشا و تغییر الاحکام و اضطروا بقلوبهم الی ان من فعل ذلک فاسق لا یجوز ان یصدق علی الله و لا علی الوسائط بین الخلق و بین الله فلذلک ذمهم و کذلک عوامنا اذ عرفوا من علمائهم الفسق الظاهر و المعصیة الشدیدة و التکالب علی الدنیا و حرامها فمن قلد مثل هؤلاء فهو مثل الیهود الذین ذمهم الله بالتقلید لفسقة علمائهم، فاما من کان من الفقهاء صائنا لنفسه حافظاً لدینه مخالفاً علی هواه مطیعاً لأمر مولاه فللعوام ان یقلدوه و ذلک لا یکون الا بعض فقهاء الشیعة لا کلهم فان من رکب من القبائح و الفواحش مراکب فسقة علماء العامة لا تقبلوا منهم عنا شیئاً و لا کرامة".[7]

و قال رسول الله (ص) أیضاً ما مضمونه: "لا تجالسوا الا عالماً یدعوکم من خمس الی خمس:

من الشک الی الیقین، و من التکبر الی التواضع، و من الریاء الی الاخلاص، و من العداوة و الحقد الی الخیر، و من الرغبة فی الدنیا الی الزهد".[8]

و علی أساس تعالیم الاسلام، فان العلم و المعرفة و الحکمة ضالة المؤمن أینما وجدها أخذ بها،[9] أی ان الانسان المؤمن یبحث عن العلم و الحکمة لیصلح حاله و هو یقبل کل کلام یکون علی أساس العقل و الحکمة و کما قال أمیر المؤمنین علی (ع): "خذ الحکمة ممن أتاک بها و انظر الی ما قال و لا تنظر الی من قال".[10] و بالطبع فان هذا فیما لو کان الانسان مطلعاً علی خصوصیات القائل و سلوکه و کان سلوکه مخالفاً لأقواله، فان ذلک سیوثر فی مستوی تأثیر أقواله حتی لو کانت حکیمة، و لکن فی هذا المورد ایضاً یمکن للانسان أن یستفید من علمه و حکمته طبقاً للتعالیم الدینیة.



[1] الزمر، 9.

[2] المجادلة، 11.

[3] عوالی اللئالی، ج 4، ص 77؛ الکافی، ج 1، ص 46.

[4] البحار، ج 1، ص 195.

[5] تنبیه الخواطر، ج 2، ص 176.

[6] راهنمای حقیقت (المرشد الی الحقیقة)، آیة الله جعفر السبحانی، ص 577.

[7] الحیاة، ج 2، ص 571.

[8] البحار، ج 1، ص 38.

[9] سهل بن زیاد عن بکر بن صالح عن بن سنان عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبی عبدالله (ع) قال (ع): "الحکمة ضالة فحیثما وجد أحدکم ضالته فلیاخذها"، الکافی، ج 8، ص 167.

[10] غرر الحکم، ص 58.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279429 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257214 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128130 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113226 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    88984 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59826 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59539 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56849 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49717 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47157 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...