بحث متقدم
الزيارة
12331
محدثة عن: 2009/07/21
خلاصة السؤال
ما هی أهمیة و آثار صلاة اللیل، و ما هو حکم النوافل الفائتة و کیف و هل یمکن قضائها؟
السؤال
الرجاء التفضل ببیان أهمیة النوافل «التهجد فی اللیل» و آثاره، و ما هو حکم النوافل الفائتة؟ و هل یشترط الترتیب فی قضاء النوافل؟ و هل یمکن قضاؤها؟ وإذا کانت تقضى فهل یمکن أن تقضى فی أی وقت؟ و ما هو حکم قضاء النوافل بالنسبة إلى المریض الذی تفوته؟ و هل أن الترتیب شرط فی قضاء النوافل؟
الجواب الإجمالي

النوافل الیومیة من المستحبات التی أکد علیها القرآن الکریم و الروایات الشریفة تأکیداً کبیراً و خصوصاً نافلة اللیل.

یقول الإمام الصادق(ع) بخصوص آثار صلاة اللیل: «صلاة اللیل، تحسن الوجه و تحسن الخلق، و تطیب الریح، و تدر الرزق، و تقضی الدین، و تذهب بالهم، و تجلو البصر»  کما أن الرسول الأکرم (ص) أثنى على قضاء نافلة اللیل و عدها من الأمور التی تجلب رضا الله سبحانه وتعالى.

إن قضاء النوافل الفائتة من المستحبات. و بإمکان الإنسان أن یأتی بقضائها فی أی وقتٍ یرید، و لا یوجد أی فرق بین المریض و غیر المریض فی هذه المسألة، و من الأفضل مراعاة الترتیب فی الصلاة المستحبة.

الجواب التفصيلي

إن صلاة النوافل المستحبة کسائر المستحبات لها مراتب، ولذلک جاء التأکید مشدداً على بعضها و بلهجة أخف على البعض الآخر، و صلاة اللیل من النوافل التی ورد فیها تأکید شدید فی الآیات القرآنیة[1] والروایات الشریفة.

یخاطب الباری سبحانه رسوله الکریم فی القرآن بقوله: «وَ مِنَ اللَّیْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَکَ عَسَى أَنْ یَبْعَثَکَ رَبُّکَ مَقَامًا مَحْمُودًا»[2] و قد اعتبر المفسرون هذه الآیة دلیلاً على فضل صلاة اللیل، على الرغم من عدم تصریح الآیة بذلک، و لکن القرائن الموجودة تساعد على مثل هذا الاستنباط و التفسیر[3].

و قد وردت الروایات الکثیرة عن المعصومین فی فضیلة هذه النافلة تشیر إلى بعض الموارد على سبیل المثال:

1ـ قال النبی الأکرم(ص)ما مضمونه: « شرف المؤمن فی صلاة اللیل،و اذا کان یوم القیامة و جمع الاولون والاخرون نادی مناد این اصحاب صلاة اللیل فتقوم مجموعة قلیلة ثم یشرع فی حساب سائر الناس»[4].

2ـ قال النبی الأکرم(ص): «إن البیوت التی تصلى فیها باللیل بتلاوة القرآن تضیء لأهل السماء کما تضیء نجوم السماء لأهل الأرض».

3ـ و عن النبی (ص) أیضاً: «صلاة اللیل سراج لصاحبها فی ظلمة القبر»[5].

4ـ و عنه (ص): «علیکم بقیام اللیل فإنه دأب الصالحین قبلکم، و أن قیام اللیل قربة إلى الله، و تکفیر السیئات، و منهاة عن الإثم، و مطردة الداء عن الجسد»[6].

5ـ و سئل الإمام السجاد(ع): ما بال المتهجدین باللیل من أحسن الناس وجها؟ قال: «لأنهم خلوا بالله فکساهم الله من نوره[7]»[8].

6ـ و قد ذکر الإمام الصادق علیه بعض آثار صلاة اللیل فقال: «صلاة اللیل، تحسن الوجه و تحسن الخلق، و تطیب الریح، و تدر الرزق، و تقضی الدین، و تذهب بالهم، و تجلو البصر»[9].

و کما أن أداء صلاة اللیل مطلوبٌ و محمود فإن قضاءها کذلک بالنسبة لمن فاتته لأی سبب کان فلم یتمکن من أداء هذه العبادة العظیمة فی وقتها، یقول الرسول الأکرم(ص): «إن الله لیباهی ملائکته بالعبد یقضی صلاة اللیل بالنهار، فیقول: یا ملائکتی، انظروا إلى عبدی یقضی ما لم أفترضه علیه، أشهدکم أنی قد غفرت له»[10]. فکما أن قضاء الواجبات واجبٌ على المکلف، کذلک قضاء المستحبات مستحب له.

یروی عبد الله بن سنان عن الإمام الصادق(ع) قوله: «قلت له: أخبرنی عن رجل علیه من صلاة النوافل ما لا یدری ما هو من کثرتها، کیف یصنع؟ قال: فلیصل حتى لا یدری کم صلى من کثرتها، فیکون قد قضى بقدر علمه من ذلک»[11].

و لا بد من القول أن ترک الأعمال و الصلوات المستحبة لا یعد ذنباً و لا یترتب على هذا الترک عقاب و إذا أراد الإنسان أن یأتی بالقضاء فی أی وقت فله ذلک.

و قد أجاب الإمام الرضا (ع) شخصاً سأله قائلاً: لم أصل الصلاة المستحبة فإذا أردت قضاءها ففی أی وقت آتی بذلک؟ فکتب الإمام: «فی ساعة من ساعات اللیل و النهار»[12].

ولکن الأفضل أن تقضى نافلة اللیل الفائتة فی اللیلة التی تلیها وقضاء نافلة النهار الفاتئة فی الیوم الذی یلیه. قال الإمام الصادق(ع): «اقض ما فاتک من صلاة النهار بالنهار، و ما فاتک من صلاة اللیل باللیل»[13].

یقول محمد بن مسلم: «قلت له رجل مرض فتوحش فترک النافلة، فقال یا محمد إنها لیست بفریضة، إن قضاها فهو خیر له و إن لم یفعل فلا شیء علیه»[14].

ومن الطبیعی أن مراعاة الترتیب فی قضاء المستحبات هو الأفضل، خصوصاً فی صلاة اللیل فیجب الإتیان أولاً بالصلاة ذات الرکعتین ثم تقضى بصلاة رکعتین مستحبة.

یقول الإمام الباقر(ع): «إذا اجتمع علیک وتران أو ثلاثة أو أکثر من ذلک، فاقض ذلک کما فاتک تفصل بین کل وترین بصلاة لأن الوتر الآخر، لا تقدمن شیئاً قبل أوله، الأول فالأول، تبدأ إذا أنت قضیت صلاة لیلتک ثم الوتر»[15]



[1] الذاریات، 17؛ السجدة، 16؛ زمر، 123؛ الفرقان، 65؛ الإسراء، 81؛ المزمل، 4.

[2] الإسراء، 79.

[3] مکارم الشیرازی، ناصر، الأمثل فی تفسیر کتاب الله المنزل، ج‏9، ص: 87، نشر مدرسة امیر المؤمنین، قم.

[4] رضائی، سید عبد الحسین، إرشاد القلوب ـ ترجمة الرضائی، ج1، ص210 و 211، إسلامیة، طهران، 1377 ش، الطبعة الثالثة.

[5] إرشاد القلوب ـ ترجمة الرضائی، ج1، ص: 444.

[6] کمرهای، محمد باقر، السماء والعالم ـ ترجمة کتاب السماء والعالم بحار، ج6، ص210، إسلامیة، طهران، 1351 ش، الطبعة الأولى.

[7] الصدوق، علل الشرائع، ج2، ص 365، ترجمة ، ذهنی طهرانی، سید محمد جواد، انتشارات مؤمنین، قم، 1380 ش، الطبعة الأولى.

[8] عطاردی، عزیز الله، مسند الإمام الرضا علیه السلام، ج2، ص 178 ـ 180، مشهد مقدس (مؤتمر)، مشهد، 1406 ق، الطبعة الأولى.

[9] السماء والعالم ـ ترجمة کتاب السماء والعالم بحار، ج6، ص/ 210.

[10] وسائل الشیعة، ج4 ، ص: 75 و76؛ من لا یحضره الفقیه ـ ترجمة غفاری، ج2، ص 202.

[11] وسائل الشیعة، ج4، ص: 75 ـ 85؛ من لا یحضره الفقیه ـ ترجمة غفاری، ج2، ص:299.

[12] مسند الإمام الرضا علیه السلام، ج2، ص178 ـ 180.

[13] الکلینی، الکافی، ج3، ص451، إسلامیة، طهران، 1362 ش، الطبعة الثانیة، باب تقدیم النوافل وتأخیرها وقضائها وصلاة الضحى؛ بهبودی، محمد باقر، منتخب الکافی، ج2، ص336 ـ 368، مرکز المطبوعات العلمیة والثقافیة، طهران، 1363 شن الطبعة الأولى.

[14] علل الشرائع ـ ترجمة ذهنی طهرانی، ج2، ص: 175 ـ 177.

[15] الکافی، ج3، ص451، باب تقدیم النوافل وتأخیرها وقضائها وصلاة الضحى؛ ومنتخب الکافی، ج2 ص 366 ـ 368.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279466 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257325 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128191 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113308 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89023 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59877 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59588 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56879 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49819 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47189 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...