بحث متقدم
الزيارة
5914
محدثة عن: 2012/03/17
خلاصة السؤال
ما هي نظریة الکسب التي قال بها المتکلّمون من العام حسب الظاهر؟ و هل هي صحیحة؟
السؤال
ما هي نظریة الکسب التي قال بها المتکلّمون من العام حسب الظاهر؟ و هل هي صحیحة؟
الجواب الإجمالي

تعد نظرية الكسب من اعقد النظريات التي حار فيها المتكلمون السنة، لانه في الوقت الذي حاول فيه تنزيه الباري تعالى من الشريك في الفاعلية و قالوا بان الفاعل هو الله حاولوا التخلص من لازم كلامهم بان هذه النظرية تستلزم الجبر، من هنا حاولوا الجمع بين الرأيين و ان الله فاعل مع عدم الجبر فقالوا: الله فاعل و الانسان كاسب[1].

وطبقاً لنظریة الکسب يكون الله سبحانه هو الخالق لافعال الإنسان و الإنسان یکسب الأفعال التي یخلقها الله. [2] إذن الکسب هو المزامنة بین خلق الفعل و خلق القدرة في الإنسان، فعندما نقول: إن شخصاً ما یمشي أو إنه یکسب المشي، یعني هذا إنه في نفس الوقت الذي یخلق الله فیه المشي یخلق القدرة و یحدثها في الإنسان الماشي لکي یشعر بأن هذا الفعل یؤدّیه باختیاره. [3]

في مقابل هذه النظریة، یری المعتزلة إن أفعال الإنسان لا تنسب إلا للإنسان لا غیر فالله سبحانه قد فوّض هذه الأفعال للإنسان.

نظریة الشیعة:

"روي أن أمیر المؤمنین (ع) سُأل عن القضاء و القدر فقال: لا تقولوا وکّلهم الله علی أنفسهم فتوهّنوه و لا تقولوا أجبرهم علی المعاصي فتظلموه و لکن قولوا الخیر بتوفیق الله و الشر بخذلان الله و کلٌّ سابق في علم الله". [4]

یقول العلامة محمد تقي الجعفري (ره) في توضیح هذا البحث في نظریة الشیعة ما یلي:

"أصل قدرة کل الوسائل التي تشکّل العوامل الطبیعیة لکل فعل هي من الله سبحانه و الاستفادة الإختیاریة لهذه القدرة و الوسائل مختصة بالإنسان. فرأي الإمامیة يتمثل في أصل (الأمر بین الأمرین) و أفضل تفسیر لهذا الأصل هو تفسیر آیة الله العظمی السید الخوئي (ره) الذي صوره بقوله: و ذلك كما إذا افترضنا ان للمولى عبداً مشلولا غير قادر على الحركة فربط المولى بجسمه تياراً كهربائياً ليبعث في عضلاته قوة و نشاطاً نحو العمل، و ليصبح بذلك قادراً على تحريكها، و أخذ المولى رأس التيار الكهربائي بيده و هو الساعي لا لإيصال القوة في كل آن إلى جسم عبده بحيث لو رفع اليد في آن عن السلك الكهربائي انقطعت القوة عن جسمه فيه و أصبح عاجزاً. و على هذا فلو أوصل المولى تلك القوة إلى جسمه و ذهب باختياره و قتل شخصاً و المولى يعلم بما فعله ففي مثل ذلك يستند الفعل إلى

محاضرات‏في‏الأصول، ج 2، صفحه 89كل منهما، اما إلى العبد فحيث أنه صار متمكناً من إيجاد الفعل و عدمه بعد ان أوصل المولى القوة إليه و أوجد القدرة في عضلاته و هو قد فعل باختياره و إعمال قدرته، و أما إلى المولى فحيث أنه كان معطي القوة و القدرة له حتى حال الفعل و الاشتغال بالقتل، مع أنه متمكن من قطع القوة عنه في كل آن شاء و أراد، و هذا هو واقع نظرية الأمر بين الأمرين و حقيقتها". [5]

إذن، لو کانت نظریة الکسب بمعنی إن الله سبحانه یعطي القدرة علی الفعل للإنسان و الإنسان یکسب هذا الفعل باختیاره و یکون أخیراً هو المسؤول عن کسب فعله، فهذا بیان آخر لنظریة الشیعة الإمامیة، أما إذا کان المراد من نظریة الکسب هو إن الإنسان لیس هو الفاعل للفعل (لأنه لا قادر إلا الله عزّ و جل) و لا هو الفاعل لکسب فعله، فتکون عندئذٍ نظریة الجبر المرفوضة لدی الشیعة الإمامیة.

 


[1]  ا نظر تفصيل ذلك: السبحاني، جعفر، رسائل ومقالات، ج‏3، ص: 111،  نظرية الكسب بين التفسير، والتكامل، والإبطال‏.

[2]  راجعوا جواب السؤال رقم 16786 (الموقع: 5997) في موقع إسلام کؤیست للحصول علی توضیح کامل عن نظریة الکسب.

[3]  البرنجکار، رضا، التعرّف علی الفرق و المذاهب الإسلامیة (آشنایی با فرق و مذاهب اسلامی)، ص 127 و 128 ، مؤسسة طه الثقافیة، الطبعة الرابعة، قم، 1381 ش، نقلاً عن الأشعري، مقالات الإسلامیین، ج 2، ص 199.

[4]  الطبرسي، الاحتجاج، ج 1، ص 209، نشر المرتضی، 1403 ق.

[5]  الجعفري، محمد تقي، الجبر و الإختیار، ص 214 -215، نقلاً عن دائرة المعارف (طهور). وانظر: السيد الخوئي، محاضرات‏ في‏الأصول، ج 2، صفحه 88.

 

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279471 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257336 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128200 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113313 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89028 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59880 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59591 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56883 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49822 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47192 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...