ورد وصف الطاووس في الروایات بانه (و منْ أَعْجَبِهَا خَلْقاً الطَّاوُس)[1] .و جاء في صفته (الَّذِي أَقَامَهُ فِي أَحْكَمِ تَعْدِيلٍ وَ نَضَّدَ أَلْوَانَهُ فِي أَحْسَنِ تَنْضِيدٍ )[2]. و بالاضافة الی ذلک فقد ورد وصف الامام المهدي (عج) ایضاً بانه طاووس أهل الجنة.[3] فکل هذا المدح یدل علی ان الروایة المذکورة في مورد السؤال( التي یظهر منها التشاؤم من الطاووس) لیست في مقام التشاؤم من الطاووس، بل تقصد شیئآً آخر، و ایضاً فان هذه الروایة هي الروایة الوحیدة الواردة في شؤم الطاووس. و اما اصل الروایة فهو كالتالي: دخل طاوس اليماني على جعفر بن محمد الصادق (ع) فقال له: أنت طاوس؟ قال: نعم. فقال طاووس طير مشئوم ما نزل بساحة قوم إلا آذنهم بالرحيل، نشدتك بالله يا طاوس هل تعلم أن أحدا أقبل للعذر من الله؟ قال: اللهم لا. قال (ع): فنشدتك بالله هل تعلم أن أحدا أصدق في القول ممن قال لا أقدر و لا قدرة له؟ قال: اللهم لا. قال: فلم لا تقبل ممن لا أقبل للعذر منه و ممن لا أصدق في القول منه!! قال: فنفض أثوابه و قال ما بيني و بين الحق عداوة[4].
وحول سند هذه الروایة فانه ینبغي ان یقال: تفرد کتاب ورام بنقل هذا الحدیث بهذه الالفاظ مجردة عن ذكر سند الحدیث، و نقلته عنه ایضاً بعض مصادر الحدیثية الاخری.[5] و بناء علی هذا فلیس لهذا الحدیث سند صحیح یمکن الاعتماد علیه.
ویوجد احتمال في نص الحدیث ایضاً و هو أن الامام کان في مقام ذم شخص ما يؤمن به طاووس الیماني، و الذي اشار اليه العلامة المجلسي عندما قال: کان طاووس الیماني یقول بالجبر و نفي الاستطاعة فرد علیه الامام بذلک[6].
فاراد الامام باستعماله لكلمات ربّما کانت متداولة في عرف ذلک العصر أن ینبه الرجل الی بطلان مذهب الجبر الذي یؤمن به فیؤدي ذلک الی تراجعه عنه. و بناء علی هذا فیحتمل أن الامام قال ذلک لطاووس الیماني لأجل ارشاده و هدایته، و لم یقصد أنه یؤمن بالاعتقاد السائد حینئذ من أن الطاووس حیوان مشؤم.
و من الجدیر بالذکر أن مضمون هذه الروایة قد ورد في کتاب متأخر آخر،[7]و لکن لم یرد فیها ذکر التشاؤم من کلمة الطاووس.
[1] نهج البلاغة، ص237.
[2] نفس المصدر.
[3] البحراني، السید هاشم بن سلیمان، بهجة النظر فی اثبات الوصایة والامامة للائمة الاثني عشر، ص165، مؤسسة البحوث الاسلامیة للعتبة الرضویة المقدسة، مشهد، 1427ق.
[4] ورام بن ابي فراس، تنبیه الخواطر ونزهة النواظر المعروف بمجموعة ورام، ج1، ص15، مکتبة الفقیه، قم، 1410ق.
[5] المجلسي، محمد باقر، بحار الانوار، ج47، ص358، دار احیاء التراث العربي، بیروت، 1403ق.
[6] نفس المصدر، ص359.
[7] اعلام الدین في صفات المؤمنین، ص318-317.