إن دفاع أمیر المؤمنین علی(ع) عن نفسه، و حدیثه عن خصائصه و امتیازاته هو فی الحقیقة دفاع عن مقام الإمامة. لأن الناس إذا جهلوا ذلک فإنه سیصیبهم الخسران المبین (و للأسف کان هذا هو ما حصل فی تاریخ الإسلام).
و علی هذا الأساس فإن أمیر المؤمنین علیاً(ع) کان فی بعض الموارد التی یتطلّب الأمر فیها الکلام و الحدیث، فان یتحدّث بصراحة عن منزلته و عن شأن إمامته و قیادته، و قد وردت بعض هذه الموارد فی نهج البلاغة و نحن نکتفی بذکر مواضع ذلک: و هی الخطب: 3، 4، 5، 6، 10، 15، 16، 26، 34، 37، 74، 75، 84،87، 92، 93،108،126، 127، 130، 136، 137، 139، 156 و ...[1]
و نورد هنا نموذجاً واحداً فقط من تصریحات الإمام فی الخطبة المعروفة بالشقشقیّة[2] و التی اعترض فیها بصراحة علی غصب مقام خلافة رسول الله(ص) من قبل بعض الصحابة، و یصف نفسه بأنه أفضل شخص لهدایة و إمامة الأمة.
یقول الإمام فی هذه الخطبة النورانیة: "اما و الله لقد تقمّصها ابن ابی قحافة[3] ٌ و إِنَّهُ لَیَعْلَمُ أَنَّ مَحَلِّی مِنْهَا مَحَلُّ الْقُطْبِ مِنَ الرَّحَى یَنْحَدِرُ عَنِّی السَّیْلُ وَ لَا یَرْقَى إِلَیَّ الطَّیْرُ فَسَدَلْتُ دُونَهَا ثَوْباً وَ طَوَیْتُ عَنْهَا کَشْحاً وَ طَفِقْتُ أَرْتَئِی بَیْنَ أَنْ أَصُولَ بِیَدٍ جَذَّاءَ أَوْ أَصْبِرَ عَلَى طَخْیَةٍ عَمْیَاءَ یَهْرَمُ فِیهَا الْکَبِیرُ وَ یَشِیبُ فِیهَا الصَّغِیرُ وَ یَکْدَحُ فِیهَا مُؤْمِنٌ حَتَّى یَلْقَى رَبَّهُ فَرَأَیْتُ أَنَّ الصَّبْرَ عَلَى هَاتَا أَحْجَى فَصَبَرْتُ وَ فِی الْعَیْنِ قَذًى وَ فِی الْحَلْقِ شَجًا أَرَى تُرَاثِی نَهْبا".[4]
و بعد هذاالمقطع یبث شکواه قائلاً:" فَیَا عَجَباً بَیْنَا هُوَ یَسْتَقِیلُهَا فِی حَیَاتِهِ إِذْ عَقَدَهَا لِآخَرَ بَعْدَ وَفَاتِهِ لَشَدَّ مَا تَشَطَّرَا ضَرْعَیْهَا".[5]
[1] نهج البلاغة، الخطبة، 3.
[2] نهج البلاغة، صبحی الصالح، الخطبة 3، ص48.
[3] ورد فی نسخة نهج البلاغة لشارحه صبحی الصالح بدلاً من لفظة "ابن ابی قحافة(ابو بکر)" لفظة(فلان)، لکن ورد فی نسخة نهج البلاغة لشارحه ابن أبی الحدید و هو من أقدم الشروح لنهج البلاغة لفظه "ابن أبی قحافة".
[4] نهج البلاغة، الخطبة الثالثة، 45.
[5] نفس المصدر، 46.