إنّ الانسان إذا أدى واجباته وتجنب الأعمال المحرمة في حياته اليومية، يمكنه تحقيق الهدف المنشود الذی هو الكمال والسعادة. وبعبارة أخرى، إن الانسان بینما یهتم بشؤونه الطبیعیة في الحیاة و بعمله أثناء النهار والليل، مع ذلک یستطیع من خلال مراعاة الأخلاق، والتحلي بالأخلاق الحميدة في المجتمع والاسرة، وأداء الواجبات وترک المحرمات، وإن أمكن عن طريق القیام ببعض المستحبات، أن یکون انسانا ناجحا فی الحیاة، وفي هذا الصدد، ینبغي الاستفادة من الفرص و الاوقات علی اکمل وجه.
لذلك، ما هو المهم في موضوع التخطيط اليومي والأسبوعي والشهري، وما إلى ذلك في المرحلة الأولى، هو الانتباه إلى الواجبات وتجنب المحرمات. الجدير بالذكر أن الواجبات لا تقتصر على الصلاة والصوم، إلخ. بل يعتبر العمل والجهد في طلب الکسب الحلال، واللطف مع الوالدين، وصلة الارحام، وتحصیل العلم والمعرفة، والقیام بشؤون الأسرة، وما إلى ذلك أیضا من الامور الواجبة.
اما في المرحلة التالية، يجب تحديد واختیار العناصر الأكثر توافقًا مع نوع العیش ووقت ومكان حياة الشخص وتضمینها في الجدول الیومي. بالطبع، يجب أن تكون هناك فرصة للمتعة والاستراحة.
وفی الحقیقة، إنّ ما تلقيناه من النبي(ص) والأئمة(ع)فیما یتعلق باسلوب العیش هو أفضل جدول لاعمال الليل والنهار: وفي هذا الصدد قال رسول الله(ص): «وعلى العاقل أن يكون له ثلاث ساعات، ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يخلو فيها لمطعمه ومشربه، وهذه عون على تلك الساعتين».[1]
وفي رواية عن الإمام الرضا(ع) قد قسّمت ساعات النهار والليل إلى أربعة أجزاء. قال(ع): «واجتهدوا أن يكون زمانكم أربع ساعات، ساعة منه لمناجاته، وساعة لأمر المعاش، وساعة لمعاشرة الإخوان الثّقات والّذين يعرّفونكم عيوبكم ويخلّصون لكم في الباطن، وساعة تخلون فيها للذّاتكم، وبهذه السّاعة تقدرون على الثلاث الساعات».[2]
إنّ النقطة المشترکة في الروایات حول هذا الموضوع، هي تجنب الافراط والتفریط. فتقسیم اوقات اللیل والنهار إلی أجزاء لیس بمعنی أنه لا ینبغي أن تستغرق بعض تلک الاجزاء وقتا أکثر من البعض الآخر، بل بمعنی أنه لا ينبغي إهمال أي جزء من تلک الأجزاء خلال اللیل والنهار. فبالنظر الی ما قیل، لا يمكن كتابة وصفة يمكن للجميع استخدامها، بل يجب على كل شخص تنظیم برنامجه وفقا لظروفه الشخصية.
[1]. ابن أبی جمهور، محمد بن زین الدین، عوالی اللئالی العزیزیة في الأحادیث الدینیة، ج 3، ص 296، قم، دار سید الشهداء للنشر، الطبعة الاولی، 1405ق.
[2]. علي بن موسی الرضا(ع)، الفقه المنسوب للإمام الرضا(ع)، ص 337، مشهد، مؤسسة آل البیت(ع)، الطبعة الاولی، 1406ق.