یقول شارحوا کلام أمیر المؤمنین علی (ع) فی بیان معنی قوله (ِّ قِیمَةُ کُلِّ امْرِئٍ مَا یُحْسِنُهُ )[1]:ان قیمة کل شخص و شخصیة و منزلته بین الناس یرتبط بمقدار علمه و معرفته. و (یحسن) من احسن الشیء اذا تعلمه و صار حاذقاً فیه. أی ان عزة کل انسان و کرامته عند الناس هی بمقدار علمه. فاذا اردت ان یزداد احترام الناس لک و توقیرهم إیاک فازدد علما. لان ازدیاد القیمة و قلتها هو باعتبار وجود العلم و عدمه.
وقد اشار السید الرضی (ره) الى عظمة هذه الحکمة العلویة بقوله: و هی الکلمة التی لا تصاب لها قیمة و لا توزن بها حکمة و لا تقرن إلیها کلمة.[2]
ویقول ابن ابی الحدید فی شرح نهج البلاغة: قد سلف لنا فی فضل العلم أقوال شافیة و نحن نذکر هاهنا نکتا أخرى. یقال إن من کلام أردشیر بن بابک فی رسالته إلى أبناء الملوک بحسبکم دلالة على فضل العلم أنه ممدوح بکل لسان یتزین به غیر أهله و یدعیه من لا یلصق به. قال: و بحسبکم دلالة على عیب الجهل أن کل أحد ینتفی منه و یغضب أن یسمى به. و قیل لأنوشروان ما بالکم لا تستفیدون من العلم شیئا إلا زادکم ذلک علیه حرصا؟! قال: لأنا لا نستفید منه شیئا إلا ازددنا به رفعة و عزا. و قیل له: ما بالکم لا تأنفون من التعلم من کل أحد؟! قال: لعلمنا بأن العلم نافع من حیث أخذ. و قیل لبزرجمهر: بم أدرکت ما أدرکت من العلم؟ قال: ببکور کبکور الغراب و حرص کحرص الخنزیر و صبر کصبر الحمار. و قیل له: العلم أفضل أم المال؟ فقال: العلم. قیل: فما بالنا نرى أهل العلم على أبواب أهل المال أکثر مما نرى أصحاب الأموال على أبواب العلماء؟ قال: ذاک أیضا عائد إلى العلم و الجهل و إنما کان کما رأیتم لعلم العلماء بالحاجة إلى المال و جهل أصحاب المال بفضیلة العلم.
و قال الشاعر:
تعلم فلیس المرء یخلق عالما و لیس أخو علم کمن هو جاهل
و إن کبیر القوم لا علم عنده صغیر إذا التفت علیه المحافل[3]
قال امیر المؤمنین (ع): أُوصِیکُمْ بِخَمْسٍ لَوْ ضَرَبْتُمْ إِلَیْهَا آبَاطَ الْإِبِلِ لَکَانَتْ لِذَلِکَ أَهْلًا لَا یَرْجُوَنَّ أَحَدٌ مِنْکُمْ إِلَّا رَبَّهُ وَ لَا یَخَافَنَّ إِلَّا ذَنْبَهُ وَ لَا یَسْتَحِیَنَّ أَحَدٌ مِنْکُمْ إِذَا سُئِلَ عَمَّا لَا یَعْلَمُ أَنْ یَقُولَ لَا أَعْلَمُ وَ لَا یَسْتَحِیَنَّ أَحَدٌ إِذَا لَمْ یَعْلَمِ الشَّیْءَ أَنْ یَتَعَلَّمَهُ وَ عَلَیْکُمْ بِالصَّبْرِ فَإِنَّ الصَّبْرَ مِنَ الْإِیمَانِ کَالرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ وَ لَا خَیْرَ فِی جَسَدٍ لَا رَأْسَ مَعَهُ وَ لَا خَیْرَ فِی إِیمَانٍ لَا صَبْرَ مَعَهُ[4]
وقیل انه اذا کان الجهل مذموما فالتعلم محمود.وکما ان الجهل مذموم ما دام الانسان حیاً ،فان اکتساب العلم محمود.[5]
[1] نهج البلاغة ، الحکمة :81.
[2] نفس المصدر.
[3] شرح نهج البلاغة، ج18، ص230- 231، مکتبة آیة الله المرعشی النجفی، قم، 1404.
[4] نفس المصدر. نهج البلاغة ، الحکمة 82.
[5] مهدوی الدامغانی، محمود، مظهر التاریخ فی شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید ،ج 7، ص 297-298 ، منشورات نی ،طهران ، الطبعة الثانیة ،1375.ه.ش. ( بتصرف ).