بالنسبة الى القضیة المطروحة، لابد من التذکیر بان قوانین العمل شأنها شأن سائر القوانین الاخرى المصوبة قد خضعت بنحو کلی لاشراف مجلس صیانة الدستور فی عدم مخالفتها للشرع و لدستور الجمهوریة الاسلامیة. نعم، فی انطباق تلک القوانین على المصادیق و فی إجرائها تحدث احیانا بعض المعوقات و المشاکل، و نحتمل بان سؤالکم یدور حول هذه القضیة، فعلى سبیل المثال جاء فی المادة 27من قانون العمل: " کلما قصر العامل فی القیام بالمهام الموکلةالیه او لم یراع قوانین الانضباط المقررة یحق لصاحب العمل فسخ العقد بعد التحذیر الکتبی. و التعامل معه و فقا لمقررات لجنة العمل شریطة ان یمنحه ما یعادل آخر راتب شهری یتقاضاه بعدد سنوات الخدمة فی المصنع".
و من الواضح انه لایوجد فی القانون مخالفة شرعیة، لکن تقع المشکلة فی تفسیر حدود التقصیر التی جاءت فی نص القانون، و من هنا حاول القانون معالجة هذه القضیة من خلال الزام اللجنة الانضباطیة بالتذکیر الکتبی و .... و لکن هنا تکمن الخطورة حیث قد یقع الزلزل هنا فیجعل من الصعب اتخاذ القرار فیها.
على هذا الاساس، ان کنت غیر قادر بنحو مطلق عن اتخاذ القرار الصحیح و الحکم السلیم و کانت المقررات التی تتخذها تسبب فی الغالب ضیاع حقوق الآخرین، یجب علیک حینئذ الاستقالة عن مثل هذه المهمة و اعلم ان الله تعالى سیکون لک عونا و انه سیعوضک عما خسرته من مال فی الدنیا و الآخرة. نعم، لو کانت مواقفک فی اکثر الحالات منصفة و حافظة لحقوق الآخرین و لکن قد یقع احیانا خطا غیر مقصود و غیر ارادی، هنا علیک ان تقارن بین مقدار الصحیح فی عملک و بین الخطأ، لتعرف أیهما ارجح، مقدار الخدمة التی انجزتها او الخطأ الذی وقعت فیه؟ و على فرض الاستقالة هل یأتی من هو احرص منک على العمل و حفظ حقوق العاملین و اصحاب العمل معاً، أم لا؟ فاذن علیک المقارنة بین الاهم و المهم و لا ینبغی التفریط فی الاهم و ترک العمل من أجل بعض الاخطاء الجزئیة التی قد تصدر بصورة غیر مقصودة.
و نحن اذا رجعنا الى الآیات و الروایات تجدها تضع أمامک حلا مناسبا لمعالجة مثل هذه القضیة و هی ان تجعل نفسک میزانا بینک و بین غیرک، فاذا اردت ان تتخذ القرار ضع نفسک مکان من ترید الحکم ضده و ان تنظر الى القضیة نظرة عادلة و منصفة و تسأل نفسک لو کان هذا الخطا صدر منّی او ممن هو قریب منّی ما هو الموقف یاترى؟ ثم علیک عدم الغفلة عن الرقیب الالهی و انه و ان کان یعذرک عن الخطا السهوی و غیرالمقصود و لکنه لایعذرک عن الخسارة العمدیة التی تسببها للاخرین، و لا تکن مصداقا لقوله تعالى: "وَیْلٌ لِلْمُطَفِّفینَ*الَّذینَ إِذَا اکْتالُوا عَلَى النَّاسِ یَسْتَوْفُونَ*وَ إِذا کالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ یُخْسِرُونَ".[1]"
یقول أمیر المؤمنین (ع) فی وصیته للولاة و الامراء: "و لا تقض فی أمر واحد بقضاءین فیختلف علیک أمرک و تزل عن الحق و أحبب لعامة رعیتک ما تحب لنفسک و...."[2].
و فی الختام: نقول بما ان عملک یقتضی مراعاة حقوق العامل و رب العمل على السواء، من هنا یمکن ان تعتمد اسلوب المصالحة بینهما و بهذا تکون قد حفظت حقوق الطرفین فی آن واحد.