النجس: هو ما کانت نجاسته ذاتیة بحیث لا یمکن زوالها بحال من الاحوال ما دام العنوان باقیاً ولم یتبدل الى شیء آخر، (کالخنزیر و الکلب و الدم).
أما المتنجّس: فهو الشیء الطاهر بالذات المتنجّس بالعرض (کالید یصیبها الدم). و للإثنین مشترکات فی الأحکام الشرعیة کما لهما فوارق.
فمثلاً لو تنجّست الید الیمنى بالبول ثم لاقت الید الیسرى برطوبة جدیدة، فهذه الملاقاة تؤدی إلى نجاسة الید الیسرى و إذا لاقت الید الیسرى بعد جفافها لباساً رطباً، یتنجّس هذا اللباس أیضاً. لکن لو لاقى هذا اللباس شیئاً آخر برطوبة لا یحکم على الشیء الأخیر بالتنجس و التنجیس.
تعریف النجس و المتنجس:
النجس: ما کانت نجاسته بالذات (أی ذاته نجسه) بحیث لا یمکن زوالها بحال من الاحوال ما دام العنوان باقیاً ولم یتبدل الى شیء آخر، مثل (الکلب و الخنزیر و البول و الدم)، لذا قیل: ما بالذات لا یتغیّر، أما المتنجّس فطاهر بالذات، متنجّس بالعرض، کالید یصیبها الدم أو البول.[1]
و لا شک فی أن بین المتنجّس و عین النجاسة فوارق من حیث الأحکام الشرعیة، کما أن بینهما إشتراکاً ما. فالمتنجّس کعین النجاسة منجس إجمالاً.[2] لکنهما مختلفان من جهات. و بعبارة أخرى، لا یمکن تطبیق کل أحکام عین النجاسة على المتنجّس فقد یختلفان فی الأحکام الشرعیة أحیاناً. فعلى سبیل المثال لو تنجّست الید الیمنى بالبول ثم لاقت الید الیسرى برطوبة جدیدة، فهذه الملاقاة تؤدی إلى نجاسة الید الیسرى، و إذا لاقت الید الیسرى بعد جفافها لباساً رطباً، یتنجس هذا اللباس أیضاً، لکن لو لاقى هذا اللباس شیئاً آخر برطوبة لا یحکم على الشیء الأخیر بالتنجس و التنجیس.[3]
و بالطبع لدینا نوعا من المتنجّس الحامل لأوصاف النجاسة، أحدهما ما فیه بعض أجزاء النجاسة و الآخر ما فیه أوصاف النجاسة کالرائحة فقط. النوع الأول لا شک فی کونه من المتنجّسات أما الثانی ففیه إشکال.[4]
الأقوال فی عین النجاسة و المتنجّس:
ذهب مشهور الفقهاء القریب من الإجماع[5] الى أن المتنجس (الملاقی لعین النجاسة) کالنجس فلو لاقى شیئاً و فی أحدهما رطوبة مسریة (ناقلة للنجاسة) یتنجس هذا الشیء. و هناک قول مخالف ینسب للمحدث الکاشانی.[6]
فعن المحدث الکاشانی أن قال: لا تتعدى النجاسة من المتنجّس إلى شیء قبل تطهیره و إن کان رطباً إذا أزیل عنه عین النجاسة بالمسّح و نحوه، و إنما المنجس للشیء عین النجاسة لا غیر.[7]
إذن، فحکم عین النجاسة یختلف عن حکم المتنجّس من جهات، فلو تجاوزنا مخالفة عدد قلیل من الفقهاء، یمکن القول بأن مسألة تنجّس الأشیاء بملاقاتها بالمتنجّس لا یتجاوز الواسطة الثانیة[8] على أقل التقاریر، تعتبر من المسائل المتفق علیها عند الفقهاء و المجتهدین.
الموضوع ذات الصلة:
السؤال 6880 (الموقع: 6968) (الواسطة فی النجاسة).
[1] مغنیة، محمد جواد، فقه الإمام الصادق، ج 1، ص 41، مؤسسة أنصاریان، قم، 1421.
[2] البیار جمندی، یوسف، مدارک العروة، ج 2، ص 190، طباعة النعمان، النجف الأشرف، بی تا.
[3] توضیح المسائل (المحشّى للإمام الخمینی)، ج 1، ص 88، أستعانة بالسؤال 3592 (الموقع: 3945).
[4] راجع: مدارک العروة (للبیار جمندی)، ج 1، ص 201، الإشکال الموجود فی هذا القسم هو أن ظهور بعض آثار النجاسة، لا یؤدی النجاسة، فلو تغیّرت رائحة الماء بمجاورته للنجاسة لا ینجس. راجع: توضیح المسائل (المجشّى للإمام الخمینی)، ج 1، ص 51، یقول مراجع التقلید: "لو تغیّر لون الماء أو طعمه أو رائحته بمجاورته بعین النجاسة کالدم أو البول ینجس و لو کان کراً أو جاریاً. لکن لو تغیر لونه أو طعمه أو رائحته بالنجاسة الخارجیة کوجود المیتة إلى جنبه ـ لا ینجس.".
[5] لقد أدّعى جمع من العلماء الإجماع على هذه المسألة کامحقق الحلی فی کتاب المعتبر و الفاضل الهندی فی کشف اللثام و الوحید البهبهانی و العلامة بحر العلوم و المحدث البحرانی و المحقق القمی و صاحب الجواهر و الشیخ الأنصاری و عدّها البعض من ضروریات المذهب. أنظر: الطباطبایی، محسن، مستمسک العروة الوثقى، ج 1، ص 479، مؤسسة دار التفسیر، قم، 1416.
[6] "و لم ینسب الخلاف صریحاً إلا إلى المحدث الکاشانی فی مفاتیحه، و استظهر ذلک من الحلی فی محکی السرائر، و کذا عن السید المرتضى "قده"."
[7] البحرانی، یوسف بن أحمد، الحدائق الناظرة فی أحکام العترة الطاهرة، ج 2، ص 11، مکتب النشر الإسلامی التابع لجامعة مدرسی الحوزة العلمیة فی قم، قم، 1405، الفیض الکاشانی، محمد محسن، الوافی، ج 6، ص 149، نشر مکتبة الإمام أمیر المؤمنین علی (ع)، اصفهان، 1406.
[8] و ذهب السید الامام الخمینی (ره) الى کون الواسطة الثالثة منجسة أیضاً، حیث قال: المتنجّس منجّس مع قلة الواسطة کالاثنتین و الثلاث، و فیما زادت على الأحوط، و إن کان الأقرب مع کثرتها عدم التنجیس. (انظر: تحریر الوسیلة، ج1، ص: 123).