Please Wait
الزيارة
6299
محدثة عن: 2011/12/18
کد سایت fa12305 کد بایگانی 19754
گروه الکلام القدیم
خلاصة السؤال
مع الاخذ بنظر الاعتبار قوله تعالى " إِنَّا جَعَلْناکُمْ خَلَقْناکُمْ مِنْ ذَکَرٍ وَ أُنْثى‏ وَ شُعُوباً وَ قَبائِلَ لِتَعارَفُوا..."، هل السعی للقضاء على ظاهرة اختلاف الشعوب و صهرها فی بوتقة ثقافة واحدة یعد مخالفة للارادة الالهیة؟
السؤال
مع الاخذ بنظر الاعتبار قوله تعالى " إِنَّا جَعَلْناکُمْ خَلَقْناکُمْ مِنْ ذَکَرٍ وَ أُنْثى‏ وَ شُعُوباً وَ قَبائِلَ لِتَعارَفُوا..."، هل السعی للقضاء على ظاهرة اختلاف الشعوب و صهرها فی بوتقة ثقافة واحدة یعد مخالفة للارادة الالهیة؟
الجواب الإجمالي

مع الاخذ بنظر الاعتبار اسباب نزول الآیة و کلمات النبی الاکرم (ص) لا نرى تنافیا بین القضاء على التمایز الطبقی و التفاضل العرقی و بین التلاقح الحضاری و التواصل الثقافی بین الشعوب فی اطار الثقافة الاسلامیة و التعالیم الربانیة الواردة فی القرآن و السنة المطهرة، فلا تنافی بین الآیة الشریفة و بین تلک الامور، و هذا ما یکشفه قوله تعالى " إِنَّ أَکْرَمَکُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاکُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلیمٌ خَبیر". و الدعوة الى التلاقح الحضاری –ان صدقت النوایا- تخلق حالة من التفاعل العلمی و المعرفی الکبیر یعود نفعه على جمیع الامم و الشعوب.

الجواب التفصيلي

کان الرائج فی المجتمع الجاهلی التفاخر بالانساب و الاحساب الى الحد الذی ترى کل قبیلة انها افضل من سائر القبائل و الاقوام، و کل أمة ترى نفسها افضل من سائر الامم.

و هناک من ذهب الى جعل المعیار فی التفاضل بین الناس مقدار الثروة و القصور و الحشم و الخدم و ما شابه ذلک من الامور، و من هنا یسعون بکل ما أوتوا من قوة لتحصیل تلک الامور التی یعدونها المعیار فی التفاضل. و هناک فریق ثالث ذهب الى اعتبار المنزلة الاجتماعیة و السیاسیة هی المعیار فی التفاضل و قوة الشخصیة. و من هنا کل فرقة سارت على الطریق الذی اعتقدته هو الحق فی الموازنة و المفاضلة.

و لما کانت تلک الامور کلها امور فانیة و زائلة و خارجة عن الذات الانسانیة، نجد الاسلام قد وقف موقف الرافض لاعتبار تلک الامور هی المعیار و المیزان فی المفاضلة، لیضع محلها معاییر اخرى کالایمان و التقوى و الطهارة الذاتیة و الاخلاقیة، بل حتى العلم و غیره جعله ذا قیمة عندما یکون فی اطار التقوى لا عندما یکون فی مسیر آخر.

و الجدیر بالذکر ان المفسرین ذکروا عدة اسباب لنزول الآیة تکشف عن عمق هذا الامر الالهی و مدى أهمیته، منها: إنّ النّبی (ص) أمر «بلالا» بعد فتح مکّة أن یؤذّن، فصعد بلال و أذّن على ظهر الکعبة، فقال «عتّاب بن أسید» الذی کان من الأحرار: أشکر اللَّه أن مضى أبی من هذه الدنیا و لم یر مثل هذا الیوم .. و قال «الحارث بن هشام»: ألم یجد رسول اللَّه غیر هذا الغراب الأسود للأذان؟! «فنزلت الآیة الآنفة.[i]

و فی حدیث آخر نقرأ أن رسول الله (ص) خطب بمکة فقال: یا أیها الناس إن الله قد أذهب عنکم عیبة الجاهلیة و تعاظمها بآبائها. فالناس رجلان: رجل بر تقی کریم على الله، و- فاجر شقی هین على الله. و- الناس بنو آدم و- خلق الله آدم من تراب قال الله تعالى:" یا أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناکُمْ مِنْ ذَکَرٍ وَ- أُنْثى‏ وَ- جَعَلْناکُمْ شُعُوباً وَ- قَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَکْرَمَکُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاکُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِیمٌ خَبِیرٌ.[ii]

و جاء فی کتاب «آداب النفوس» للطبری أنّ النّبی (ص) التفت إلى الناس و هو راکب على بعیره فی أیّام التشریق بمنى «و هی الیوم الحادی عشر و الثّانی عشر و الثّالث عشر» من ذی الحجة فقال: «یا أیّها الناس! ألا إنّ ربّکم واحد و إنّ أباکم واحد ألا لا فضل لعربی على عجمی و لا لعجمی على عربی و لا لأسود على أحمر و لا لأحمر على أسود إلّا بالتقوى ألا هل بلّغت: قالوا نعم! قال: لیبلغ الشاهد الغائب.[iii] و[iv]

و مع الاخذ بنظر الاعتبار اسباب نزول الآیة و کلمات النبی الاکرم (ص) لا نرى تنافیا بین القضاء على التمایز الطبقی و التفاضل العرقی و بین التلاقح الحضاری و التواصل الثقافی بین الشعوب فی اطار الثقافة الاسلامیة و التعالیم الربانیة الواردة فی القرآن و السنة المطهرة، فلا تنافی بین الآیة الشریفة و بین تلک الامور، و هذا ما یکشفه قوله تعالى " إِنَّ أَکْرَمَکُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاکُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلیمٌ خَبیر".[v]

اما قضیة العولمة او القریة العالمیة، او اعتبار لغة معینة هی اللغة الرسمیة للبلاد من بین سائر اللغات و اللهجات المتداولة فیه، فهذا کله لا یکشف عن انعدام اختلاف الشعوب و الاقوام فی الصفات و الممیزات قطعا.

و الدعوة الى التلاقح الحضاری –ان صدقت النوایا- تخلق حالة من التفاعل العلمی و المعرفی الکبیر یعود نفعه على جمیع الامم و الشعوب.



[i] حقی البروسوی، اسماعیل‏، روح البیان" ج 9، ص 90، دارالفکر، بیروت؛  القرطبی، محمد بن احمد، الجامع لأحکام القرآن‏، ج 9، ص 6160، انتشارات ناصر خسرو، الطبعة الاولى، طهران، 1364 ش.‏

[ii] القرطبی، الجامع لأحکام القرآن، ج‏16، ص: 341

[iii] نفس المصدر.

[iv]مکارم الشیرازی، ناصر، الأمثل فی تفسیر کتاب الله المنزل، ج‏16، ص: 564، مدرسة الامام علی بن ابی طالب (ع)، قم، الطبعة الاولى، 1421هـ.

[v] الحجرات،13.