أهم الاسباب التی أدت الى اندلاع معرکة صفین هو تمرد معاویة على الشرعیة و امتناعه عن بیعة الامام (ع) متهما ایاه بالمشارکة فی قتل عثمان أو التستر على قاتلیه، و من هنا اندلعت معرکة صفین الشهیرة، و لما ظهرت بشائر النصر لجیش الامام (ع) قام معاویة و بمکیدة من عمرو بن العاص فرفعوا المصاحف على الرماح مطالبین بالصلح، فانطلت علیهم تلک الحیلة فاضطر الامام تحت ضغط قادة الخوارج و غیرهم للقبول بالتحکیم، و لما انتهت عملیة التحکیم بتلک الخیانة المعروفة و الخدعة الکبیرة، ندوموا على موقفهم و طالبوا من الامام (ع) ان یعود للحرب و شهروا السیف بوجهه، فارسل (ع) ابن عباس لیحاورهم و لکنه لم یفلح فذهب بنفسه (ع) و تمکن من اقناع ثمانیة آلاف منهم بالعدول عن موقفهم و بقی فی معکسر الخوارج اربعة آلاف عسکروا فی منطقة یقال لها النهروان، و قاموا بقطع الطرق و بقروا بطون الحوامل و عندها لم یجد الامام (ع) بدّاً من مواجهتهم فی معرکة عرفت تاریخیاً باسم النهروان.
واجه أمیر المؤمنین (ع) فی فترة حکمة التی لم تتجاوز الخمس سنوات ثلاث حروب أثارها خصومه و المتمردون على الشرعیة تمثلت الاولى فی الحرب التی قادها الثلاثة فی البصرة و التی عرفت فی التاریخ بحرب الجمل و قد انتهت الحرب بهزیمة مدویة للمعسکر الثانی (معسکر اصحاب الجمل)، الا ان النصر فی الجمل لم یعد الهدوء الى الشارع الاسلامی حیث نجم قرن معاویة بن ابی سفیان فی الشام التی حکمها ابناء أبی سفیان منذ الایام الاولى بعد السقیفة، فعندما شعر معاویة بان الامام أمیر المؤمنین (ع) لا یسمح له بمواصلة حکمه فی الشام لعدم امتلاکه المقومات الشرعیة التی تسمح له بتسنم هکذا منصب، خاصة و ان الامام (ع) أعلن بعد مبایعته مباشرة، برنامجه الحکومی القائم على اقامة العدل و ازاحة کل المنحرفین و المفسدین من الساحة و التی استغلت الظروف السابقة للوصول الى مناصب ینبغی ان یتولاها المؤمنون المخلصون. و من هنا حاول معاویة التذرع بشتى الذرائع للحیلولة دون تحقیق الامام (ع) هذا الهدف السامی فلم یجد ذریعة یمکنه التمسک بها الا رفع قمیص عثمان و المطالبة بثاره. و لقد اشار ابن ابی الحدید لتلک الوقائع نقلا عن المبرد قائلا: و کتب معاویة مع جریر إلى علی (ع) جوابا عن کتابه إلیه: من معاویة بن صخر إلى علی بن أبی طالب أما بعد فلعمری لو بایعک القوم الذین بایعوک و أنت بریء من دم عثمان کنت کأبی بکر و عمر و عثمان، و لکنک أغریت بعثمان المهاجرین و خذلت عنه الأنصار فأطاعک الجاهل، و قوی بک الضعیف، و قد أبى أهل الشام إلا قتالک حتى تدفع إلیهم قتلة عثمان فإن فعلت کانت شورى بین المسلمین، و لعمری لیس حججک علی کحججک على طلحة و الزبیر لأنهما بایعاک و لم أبایعک و ما حجتک على أهل الشام کحجتک على أهل البصرة لأن أهل البصرة أطاعوک و لم یطعک أهل الشام، فأما شرفک فی الإسلام و قرابتک من النبی ص و موضعک من قریش فلست أدفعه.[1] فکان ذلک منطلقا فی تجییش الجیوش ضد الامام (ع) و اندلاع معرکة صفین المعروفة.
و الجدیر بالذکر بان موضوع المطالبة بدم عثمان اتخذ ذریعة من قبل المنتفعین و الطامحین فی الحکم و الساعین وراء تحقیق مآرب دنیویة، و هم الذین خذلوا الرجل و لم یقدموا له أی مساعدة او عون فی تجاوز الازمة عندما احتاج علیهم فقد کان موقف معاویة موقف الخاذل لعثمان فی حیاته، بل کان البعض منهم من المحرضین على قتله کما هو موقف السیدة عائشة، و من هم من کان فی مقدمة الثوار و المعترضین علیه کطلحة و الزبیر!! و لکن عندما انتهت الازمة و بویع الامام علیه السلام تلک البیعة التی لم تتم لایّ خلیفة قبله و لا بعده، وجهوا اصابع الاتهام ظلما الى من کان هو المدافع عن عثمان، و قد اشار الشیخ المفید (ره) الى هذه القضیة فی کتابه الفصول قائلا: فقد علم کل من سمع الأخبار أن أمیر المؤمنین (ع) لم یحضر قتل عثمان و قد کان أنفذ إلیه بابنه الحسن (ع) لما منعوه الماء لیسقیه و أن الذی تولى قتله و حضره طلحة و الزبیر فی أشیاعهما و جماعة من المهاجرین و الأنصار. و قد قال أمیر المؤمنین (ع) لهما و لغیرهما ممن اشتبه ذلک علیه: و الله ما قتلت عثمان و لا مالأت على قتله. فلم یمکن أحد منهم الرد علیه.[2]
و لما استلم أمیر المؤمنین (ع) رسالة معاویة کتب الیه: من أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب إلى معاویة بن صخر بن حرب أما بعد فإنه أتانی منک کتاب امرئ لیس له بصر یهدیه و لا قائد یرشده دعاه الهوى فأجابه و قاده الضلال فاتبعه! زعمت أنک إنما أفسد علیک بیعتی خطیئتی فی عثمان و لعمری ما کنت إلا رجلا من المهاجرین أوردت کما أوردوا و أصدرت کما أصدروا... و بعد فما أنت و عثمان؟!! إنما أنت رجل من بنی أمیة و بنو عثمان أولى بمطالبة دمه فإن زعمت أنک أقوى على ذلک فادخل فیما دخل فیه المسلمون ثم حاکم القوم إلیّ. و أما تمییزک بینک و بین طلحة و الزبیر و بین أهل الشام و أهل البصرة، فلعمری ما الأمر فیما هناک إلا سواء، لأنها بیعة شاملة لا یستثنى فیها الخیار و لا یستأنف فیها النظر. و أما شرفی فی الإسلام و قرابتی من رسول الله (ص) و موضعی من قریش فلعمری لو استطعت دفعه لدفعته.[3]
وقد حاول أمیر المؤمنین (ع) فی اکثر من موضع بیان الحقیقة للناس و ما تنطوی علیه شخصیة معاویة من الخبث و الخداع و تذرعه الکاذب بقتل عثمان و ان رفع قمیصه ما هو الا خدعة و وسیلة اتخذها لیحقق من ورائها مآرب کان یخطط لها.
و من اراد المزید فی هذا المجال یمکنه الرجوع الى شروح نهج البلاغة و الکتب التی صنفت فی هذا المجال.
اما الطائفة الثالثة التی حارب الامام (ع) فهم الخوارج، و کانوا ضمن جیش الامام فی معرکة صفین و لما ظهرت بشائر النصر لجیش الامام (ع) قام معاویة و بمکیدة من عمرو بن العاص فرفعوا المصاحف على الرماح مطالبین بالصلح، فانطلت علیهم تلک الحیلة فاضطر الامام تحت ضغط قادة الخوارج و غیرهم للقبول بالتحکیم، و لما انتهت عملیة التحکیم بتلک الخیانة المعروفة و الخدعة الکبیرة، ندوموا على موقفهم و طالبوا من الامام (ع) ان یعود للحرب و شهروا السیف بوجهه، فارسل (ع) ابن عباس لیحاورهم و لکنه لم یفلح فذهب بنفسه علیه السلام و تمکن من اقناع ثمانیة آلاف منهم بالعدول عن موقفهم و بقی فی معکسر الخوارج اربعة آلاف عسکروا فی منطقة یقال لها النهروان، و قاموا بقطع الطرق و بقروا بطون الحوامل و عندها لم یجد الامام (ع) بدّاً من مواجهتهم فی معرکة عرفت تاریخیاً باسم النهروان.
علما ان الطوائف التی حاربت الامام عرفت الاولى بعنوان الناکثین و الثانیة بالقاسطین و الثالثة بالمارقین.
لمزید الاطلاع انظر: سؤال رقم 12515 (الموقع: 12328)، علی (ع) واطفاء فتنة معاویة و انحراف الخوارج و السؤال رقم 1587 (الموقع: 2440)، کفر معاویة و صلح الامام حسن (ع).