لیس من وظیفة الفقهاء تعیین المصداق لکل حکم، بل إنهم یُبیّنون الحکم الکلّي و یترکون تحدید المصداق للعرف. و من هنا لا یحرم استعمال هذه الآلات لو لم یعزف بها عزفاً حراماً، و استعمال هذه الآلات منوط باستعمالها الحلال و العزف بها عزفاً حلالاً. بعبارة أخری، یجب النظر إلی نوع العزف في تعیین کونه حلالاً أم کونه حراماً فإذا کان مناسباً لمجالس اللهو و الفساد، فهو حرام و إلا فحلال، فمن الممکن کون آلة موسیقیة في وقت معیّن من آلات اللهو و في وقت آخر تخرج عن هذه الحالة و الصفة و یٍُعزف بها لحنٌ حلالٌ.
تنقسم الآلات الموسیقیة بشکل عام إلی قسمین:
1- الآلات المختصة: ففي الموسیقی یعبر عن الآلات التي تعتبر خاصّة للهو و اللعب و یُعزف بها ألحان مناسبة لمجالس اهل اللهو و الفجور (الفساد و الرقص) بالآلات المختصة. و هذا النوع من الآلات لیس فیه أيّ منفعة حلال و استعماله حرامٌ علی کل حال و یحرم بیعه و شراؤه، حتی لو لم یعزف بها عزفاً لهویاً. [1]
2- الآلات المشترکة: ففي الموسیقی یعبر عن الآلات المشترکة و هي التي یمکن أن یُعزف بها احیانا عزف محلل و اخری یعزف بها أمر محرم. فیحرم استعمالها لو عَزف بها عزفاً مناسباً لمجالس الفساد، و إلا فلا إشکال في إستعمالها. [2] و قد ذکر بعض الفقهاء بعد التحقیق في هذا المجال بعض أسماء الآلات الموسیقیة المختصة باللهو و اللعب، مثل الوتر [3] و البربط (العود). [4]
البربط: أحد الآلات الموسیقیة الشبیهة بالوتر، لکن هیکلها أکبر و مقبضها أقصر، و تعتبر من الآلات الخاصة باللهو. [5] لکن من جهة أخری، اعتبروا بعض الآلات الموسیقیة الرائجة مشترکة، بحیث لو عزف علیها بما لا یناسب مجالس اللهو و الفساد یکون استعمالها عندئذٍ حلالا؛ کالطبل [6]و السنطور [7] و الچنگ [8] و الاُرگ [9] و الویولون. [10]
علی کل حال، لیس تکلیف الفقهاء في هذا و غیره هو تعیین المصداق لکل حکم، بل هم یبیّنون الحکم الکلّي و یترکون تعیین مصداقه للعرف. و من هنا لا یحرم استعمال هذه الآلات لو لم یَعزف بها عزفاً حراماً، و استعمال هذه الآلات منوط باستعمالها الحلال و العزف بها عزفاً حلالاً. بعبارة أخری، یجب النظر إلی نوع العزف في تعیین کونه حلالاً أم کونه حراماً، فإذا کان مناسباً لمجالس اللهو و الفساد، فهو حرام و إلا فحلال، فمن الممکن کون آلة موسیقیة في وقت معیّن من آلات اللهو و في وقت آخر تخرج عن هذه الحالة و الصفة و یُعزف بها لحنٌِ حلالٌ.
کما یجب الرجوع للکتب المختصّة بالآلات الموسیقیة لمعرفتها و معرفة خصائصها لا أن نرجع في هذا الأمر للکتب الفقهیة. و إلیکم الآن فتاوی بعض الفقهاء فیها یخص استعمال الآلات الموسیقیة:
آیة الله العظمی السید الخامنئي (مدّ ظله العالي):
الآلات الموسیقیة التي تعتبر عرفاً من الآلات المشترکة و التي یمکن استعمالها بالحلال، یجوز شراؤها و بیعها و استعمالها بقصد المنفعة الحلال. لکن یحرم شراء و بیع و استعمال الآلات التي تعتبر عرفاً من الآلات الخاصة باللهو (الموسیقی الحرام).
مکتب آیة الله العظمی الشیخ الصافي الگلپایگاني (مد ظله العالي):
نعم حرام.
جواب آیة الله الشیخ مهدي الهادوي الطهراني (دامت برکاته) کالآتي:
لا تعتبر أیّة آلة خاصة حراما بنفسها، لکن لو کانت الموسیقی المعزوفة بها بحیث تبعث تحریک الشهوة و مناسبة لمجالس اللهو و الفجور، فحینئذ تعتبر حراماً.
لمزید من الاطلاع راجعوا المواضیع:
"دلائل حرمة و حلیة الموسیقی"، السؤال 1475 (الموقع: 2535).
"المراد من مفسدة الغناء و الموسیقی"، السؤال 10739 (الموقع: 10585).
[1] راجعوا: التبریزي، جواد بن علي، الاستفتاءات الجدیدة، ج 2، ص 210، س 950 و 214، قم، الطبعة الأولی، بي نا و بي تا؛ السید الخامنئي، علي، أجوبة الإستفتاءات، ص 252-255، نشر مکتب معظّم له، قم، الطبعة الأولی، 1424 ق؛ الإمام الخمیني، استفتاءات، ج 2، ص 12 و 14، مکتب إنتشارات الإسلامي، قم، الطبعة الخامسة، 1422 ق؛ الفاضل اللنکراني، محمد، جامع المسائل، ج 1، ص 583، س 2176، إنتشارات أمیر قلم، قم، الطبعة الحادي عشر، بي تا؛ بهجت، محمد تقي، رسالة توضیح المسائل، ضمائم، ص 3، م 20، إنتشارات شفق، قم، 1428 ق؛ النراقي، محمد مهدي، أنیس التجّار (المحشی)؛ الشارح الطباطبائي، سید محمد کاظم و صدر العاملي، سید إسماعیل و الحائري الیزدي، عبد الکریم، ص 24، إنتشارات مکتب التبلیغات الإسلامي، قم، الطبعة الأولی، 1425 ق.
[2] راجعوا: أجوبة الاستفتاءات، ص 255، س 1162، الإمام الخمیني، الإستفتاءات، ج 2، ص 12، س 25، و ص 14، س 30؛ المکارم الشیرازي، ناصر، الاستفتاءات الجدیدة، المحقق و المصحّح علیان النژادي، أبو القاسم، ج 1، ص 153، س 524 و 525، و ج 2، س 707 و 710، إنتشارات مدرسة الإمام علي بن أبي طالب (ع)، قم، الطبعة الثانیة، 1427 ق و کتب فقهیة أخری.
[3] کالتبریزي، جواد بن علي، الإستفتاءات الجدیدة، ج 2، ص 214، س 971؛ جامع المسائل، ج 1، ص 85، س 271؛ الصافي الگلپایگاني، لطف الله، جامع الأحکام، ج 1، ص 289 و 290، س 996؛ إنتشارات السیدة المعصومة (س)، قم، الطبعة الرابعة، 1417 ق؛ السبحاني، جعفر، رسالة توضیح المسائل، ص 382، مؤسسة الإمام الصادق (ع)، قم، الطبعة الثالثة، 1429 ق؛ البهجت، محمد تقي، الاستفتاءات، ج 4، ص 525 و 526، س 6336، نشر مکتب سماحة آیة الله بهجت، قم، الطبعة الأولی، 1428 ق، الإمام الخمیني، نجاة العباد، ص 222، م 5، مؤسسة تنظیم و نشر آثار الإمام الخمیني (ره)، طهران، الطبعة الأولی، 1422 ق؛ أنیس التجّار (المحشّی)، ص 42.
[4] التبریزي، جواد بن علي، الإستفتاءات الجدیدة، ج 2، ص 211.
[5] الغنا و الموسیقی (الماهیة و الحکم و التبعات)، ص 216.
[6] المکارم الشیرازي، ناصر، الاستفتاءات الجدیدة، ج 1، ص 151، س 515 و س 516، أجوبة الاستفتاءات، ص 255، س 1161 و 322، س 1440؛ جامع المسائل، ج 1، ص 580، س 2169 و ص 583؛ التبریزي، جواد بن علي، الإستفتاءات الجدیدة، ج 1، ص 454، س 2000 و ص 455، س 2009 و ص 458، س 2019.
[7] أجوبة الاستفتاءات، ص 251، س 1144.
[8] التبریزي، جواد بن علي، الإستفتاءات الجدیدة، ج 2، ص 205، س 930 و ص 208، س 941.
[9] جامع المسائل، ج 1، ص 244، س 992.
[10] أجوبة الإستفتاءات، ص 248، س 1128.