السلام في اللغة العربية بمعنى إلقاء التحية وطلب السلامة للمخاطب، لذلك تستخدم هذه الكلمة في اللقاء و الوداع. هذه التسليمات الثلاث قد ذُكرت في الروايات، لكن لم يوجبها أحد من العلماء معاً. و ان فهم معنى مغزى هذه التسليمات يحتاج إلى التدقيق في معاني كلماته و في إرجاع ضمائره، فالضمير في (علينا) يعود إلى نفس المصلّين، و الضمير في (عليكم) يعود إلى المؤمنين.
قال الإمام الصادق (ع) في باب معنى السلام: (معنى "السلام" في دبر كلّ صلاة الأمان، أي، من أدّى أمر الله و سنة نبيه (ص) خاشعاً منه قلبه، فله الأمان من بلاء الدنيا و براءة من عذاب الآخرة. و "السلام" اسمٌ من أسماء الله تعالى..."
للحصول على الجواب ندعوكم أولاً لمطالعة الموضوع 13141 (الموقع: 12808). و من الواضح أن لكل صلاة ثلاث تسليمات و هي: "السلام علیک أیها النبي و رحمة الله و برکاته"، "السلام علینا و علی عباد الله الصالحین"، "السلام علیکم و رحمة الله و برکاته".[1]
و لم يوجبها مراجع التقليد معاً و هناك آراء مختلفة من قبل الفقهاء في أيّ منها هي الواجبة و أيّ منها يأتى به احتياطاً، أو استجاباً.
و السلام في اللغة العربية بمعنى إلقاء التحية و طلب السلامة للمخاطب، لذلك تستخدم هذه الكلمة في اللقاء و في الوداع، و لا تختص بوقت معين. و من ثم لايعد إستخدام هذه الكلمة في آخر الصلاة أمراً عجيباً، بل هو رائج في الأدب العربي. يتحتم علينا التأمل في معاني هذه التسليمات الثلاث لمعرفة المخاطب بها لنصل إلى الهدف و المراد منها.
عند التدقيق في المعاني و في متعلّق الضمائر، يتضح أن ضمير (عليكم) في السلام الثالث يرجع للمؤمنين و هم مصداقه الأكمل و إن بيّنت الروايات أمور أخرى.
عن الإمام الصادق في حديث يبين معنى السلام: "معنى السلام في دبر كل صلاة الأمان، أي، من أدّى أمر الله و سنة نبيه (ص) خاشعاً منه قلبه، فله الأمان من بلاء الدنيا و براءةٌ من عذاب الآخرة. و "السلام" إسم من أسماء الله تعالى...".[2]
هذا ما يخص المعنى، أما عن حكمة السلام فهناك إحتمالات عديدة مطروحة في هذا المجال. فيما أن الصلاة حوار و مناجاة بين العبد و خالقه، و بما أن الدعاء بعد الصلاة مستجاب من قبل الله سبحانه ـ كما يقال ـ، لذا نحن نسلم في آخر الصلاة على النبي محمد (ص) و بهذا السلام نوصل التحية و الرحمة الإلهية له و لنا و لباقي المصلين، هذا أمر قيّم و يمكن أن يكون خاتمة عالية للصلاة، و يخرج المصلي بهذا السلام من الصلاة، و رواية الإمام الصادق (ع) المتقدمة التي تبين أن سلام الصلاة بمعنى الأمان يمكن أن تنسجم مع هذا المعنى.
في النهاية تجدر بنا الإشارة إلى التفاسير العرفانية لهذا السلام، فقد ذكروا له عدة تفاسير نشير إلى أحدها علّه يكون موضع الفائدة: يقول الإمام الخميني (ره) في شرحه لسلام الصلاة: (... عندما تحصل للسالك في حالة السجدة، الغيبة المطلقة عن جميع الموجودات فيغيب عنها جميعاً، ثم تقع له حالة الصّحو، و تستقوي هذه الحالة خلال التشهد، عندها ينتقل فجأة إلى الحضور من بعد حال الغيبة عن الخلق فيؤدّي أدب الحضور. و في آخر التشهد يلتفت إلى مقام النبوة و يؤدي أدب الحضور في محضر ولاية هذا السيد (ص) و هو أدب السلام الشفهي. ثم يلتفت بعد ذلك إلى تعينات نور الولاية. و هي القوى الظاهرة و الباطنه له و لـ "عباد الله الصالحين" و يؤدي أدب هذا الحضور...".[3]
[1] الشیخ الطوسي، التهذیب، ج 2، ص 93، دار الکتب الإسلامیة، طهران، 1365 ش.
[2] العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 82، ص 308، مؤسسة الوفاء، بیروت-لبنان، 1404 ق.
[3] الإمام الخمیني، سرّ الصلاة، ص 201، مؤسسة تنظیم و نشر آثار الإمام الخمیني، 1370 ش.