الذنوب مهما کانت و بطبیعتها هاتکة للعصم و مانعة للرزق و حاجبة عن الدعاء، و هذه خاصیة طبیعیة للذنوب، و هذا ما اشارت الیه مصادرنا الدینیة، و قد اشارت الآیات و الروایات الى هذه الحقیقة بصورة عامّة، و هناک بعض الروایات تشیر الى خصوصیة کل ذنب من الذنوب، منها ما رواه الکابلی عن الامام السجاد (ع) أنه قال: الذُّنُوبُ التی تُغیِّرُ النِّعمَ البغی على النَّاس، و الزَّوَالُ عن العادة فی الخیر، و اصْطناعِ المعروف و کفرانُ النِّعم و ترکُ الشُّکر، و الذُّنُوبُ التی تنزل البلاءَ ترکُ إِغاثةِ الملهوف، و ترکُ معاونة المظلوم، و تضیِیعُ الأَمر بالمعروف و النهی عن المنکَر، و الذنوبُ التی تدیلُ الأَعداءَ المجاهرةُ بالظُّلم، و إِعلانُ الفجور و إِباحةُ المحظور و عصیان الأَخیار و الانصیَاعُ للأَشرار، و الذُنوبُ الَّتی تعجِّلُ الفناء قطیعةُ الرَّحم و الیمینُ الفاجرةُ و الأَقوال الکاذبةُ، و الذُّنُوبُ الَّتی تقطعُ الرَّجاء الیأْس من رَوْحِ اللَّهِ و القنوطُ من رحمةِ اللَّهِ و الثِّقَةُ بغیر اللَّهِ، و الذُّنوبُ الَّتِی تکشِفُ الغطاءَ الاستِدَانَةُ بِغَیْرِ نِیَّةِ الْأَدَاءِ وَ الْإِسْرَافُ فِی النَّفَقَةِ عَلَى الْبَاطِلِ وَ الْبُخْلُ وَ سُوءُ الْخُلُقِ وَ قِلَّةُ الصَّبْرِ وَ اسْتِعْمَالُ الضَّجَرِ وَ الْکَسَلِ وَ الِاسْتِهَانَةُ بِأَهْلِ الدِّینِ، وَ الذُّنُوبُ الَّتِی تَرُدُّ الدُّعَاءَ سُوءُ النِّیَّةِ وَ خُبْثُ السَّرِیرَةِ وَ تَأْخِیرُ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَاتِ حَتَّى تَذْهَبَ أَوْقَاتُهَا وَ تَرْکُ التَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِالْبِرِّ وَ الصَّدَقَةِ ، وَ الذُّنُوبُ الَّتِی تَحْبِسُ غَیْثَ السَّمَاءِ جَوْرُ الْحُکَّامِ فِی الْقَضَاءِ وَ شَهَادَةُ الزُّورِ وَ کِتْمَانُ الشَّهَادَةِ وَ مَنْعُ الزَّکَاةِ وَ الْقَرْضِ وَ الْمَاعُونِ وَ قَسَاوَةُ الْقَلْبِ عَلَى أَهْلِ الْفَقْرِ وَ الْفَاقَةِ وَ ظُلْمُ الْیَتِیمِ وَ الأَرْمَلَةِ وَ انْتِهَارُ السَّائِلِ.
الذنوب مهما کانت و بطبیعتها هاتکة للعصم و مانعة للرزق و حاجبة عن الدعاء، و هذه خاصیة طبیعیة للذنوب، و هذا ما اشارت الیه مصادرنا الدینیة، فقد ورد فی الاحادیث أن الله تعالى یقول: " إن العبد یدعونی للحاجة فآمر بقضائها فیذنب فأقول للملک إن عبدی قد تعرض لسخطی بالمعصیة فاستحق الحرمان و إنه لا ینال ما عندی إلا بطاعتی".[i] و روی عن أمیر المؤمنین (ع) أنه قال: " و الله ما نزع الله من قوم نعماء إلا بذنوب اجترحوها".[ii]
و هکذا نجد إمام المتقین (ع) یتضرع فی الفقرات الاولى من دعاء کمیل من تلک الذنوب التی یکون مردودها السلبی هتک العصم و حجب الذنوب و انقطاع الرزق و... مشیراً الى هذه الحقیقة التی ذکرناها و متوسلا الى الله تعالى بان یرفع و یغفر کل الذنوب – و حاشاها منها- ثم یختم الفقرة بقوله: " اللهم اغفر لی کل ذنب أذنبته و کل خطیئة أخطأتها".
و لم یقتصر الأمر على الروایات فی الاشارة الى العلاقة و الآصرة القویة بین البلایا و الذنوب و المعاصی، بل نجد القرآن الکریم یقرر هذه الحقیقة أیضا فی قوله تعالى: " وَ ما أَصابَکُمْ مِنْ مُصیبَةٍ فَبِما کَسَبَتْ أَیْدیکُمْ وَ یَعْفُوا عَنْ کَثیر".[iii]
یتضح من مجموع التعالیم الدینیة -الأعم من الآیات و الروایات- أن للذنوب دوراً مهما فی نزول البلاء، فعلى سبیل المثال ینقل لنا المحدثون عن الامام الصادق (ع) أنه قال: " حَیَاةُ دَوَابِّ الْبَحْرِ بِالْمَطَرِ فَإِذَا کُفَّتِ الْمَطَرُ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِی الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ ذَلِکَ إِذَا کَثُرَتِ الذُّنُوبُ وَ الْمَعَاصِی".[iv]
هذه نماذج من الآیات و الروایات التی تتحث بنحو عام عن دور الذنوب فی البلاء و العواقب الخطیرة التی تترتب علیها، و هناک بعض الروایات تشیر الى بعض الذنوب و ما یترتب علیها من مردودات سلبیة، نشیر هنا الى روایة واحدة منها:
عن أَبی خالدٍ الکابلیِّ قال: سمعت زینَ العابدین علیَّ بن الحسین (ع) یقول: الذُّنُوبُ التی تُغیِّرُ النِّعمَ البغی على النَّاس، و الزَّوَالُ عن العادةِ فی الخیر، و اصْطناعِ المعْرُوفِ و کفرانُ النِّعم و ترکُ الشُّکر قَال اللَّهُ تعالى (إِنَّ اللَّهَ لا یُغَیِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى یُغَیِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ)[v]. و الذُّنُوبُ التی تنزل البلاءَ ترکُ إِغاثةِ الملهوف، و ترکُ معاوَنَةِ الْمَظْلُومِ، وَ تَضْیِیعُ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْیِ عَنِ الْمُنْکَرِ، وَ الذُّنُوبُ الَّتِی تُدِیلُ الْأَعْدَاءَ الْمُجَاهَرَةُ بِالظُّلْمِ، وَ إِعْلَانُ الْفُجُورِ وَ إِبَاحَةُ الْمَحْظُورِ وَ عِصْیَانُ الْأَخْیَارِ وَ الِانْصِیَاعُ لِلْأَشْرَارِ، وَ الذُّنُوبُ الَّتِی تُعَجِّلُ الْفَنَاءَ قَطِیعَةُ الرَّحِمِ وَ الْیَمِینُ الْفَاجِرَةُ وَ الْأَقْوَالُ الْکَاذِبَةُ وَ الزِّنَا وَ سَدُّ طَرِیقِ الْمُسْلِمِینَ وَ ادِّعَاءُ الْإِمَامَةِ بِغَیْرِ حَقٍّ، وَ الذُّنُوبُ الَّتِی تَقْطَعُ الرَّجَاءَ الْیَأْسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ وَ الْقُنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وَ الثِّقَةُ بِغَیْرِ اللَّهِ وَ التَّکْذِیبُ بِوَعْدِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ الذُّنُوبُ الَّتِی تَکْشِفُ الْغِطَاءَ الِاسْتِدَانَةُ بِغَیْرِ نِیَّةِ الْأَدَاءِ وَ الْإِسْرَافُ فِی النَّفَقَةِ عَلَى الْبَاطِلِ وَ الْبُخْلُ عَلَى الْأَهْلِ وَ الْوَلَدِ وَ ذَوِی الْأَرْحَامِ وَ سُوءُ الْخُلُقِ وَ قِلَّةُ الصَّبْرِ وَ اسْتِعْمَالُ الضَّجَرِ وَ الْکَسَلِ وَ الِاسْتِهَانَةُ بِأَهْلِ الدِّینِ، وَ الذُّنُوبُ الَّتِی تَرُدُّ الدُّعَاءَ سُوءُ النِّیَّةِ وَ خُبْثُ السَّرِیرَةِ وَ النِّفَاقُ مَعَ الْإِخْوَانِ وَ تَرْکُ التَّصْدِیقِ بِالْإِجَابَةِ وَ تَأْخِیرُ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَاتِ حَتَّى تَذْهَبَ أَوْقَاتُهَا وَ تَرْکُ التَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِالْبِرِّ وَ الصَّدَقَةِ وَ اسْتِعْمَالُ الْبَذَاءِ وَ الْفُحْشِ فِی الْقَوْلِ، وَ الذُّنُوبُ الَّتِی تَحْبِسُ غَیْثَ السَّمَاءِ جَوْرُ الْحُکَّامِ فِی الْقَضَاءِ وَ شَهَادَةُ الزُّورِ وَ کِتْمَانُ الشَّهَادَةِ وَ مَنْعُ الزَّکَاةِ وَ الْقَرْضِ وَ الْمَاعُونِ وَ قَسَاوَةُ الْقَلْبِ عَلَى أَهْلِ الْفَقْرِ وَ الْفَاقَةِ وَ ظُلْمُ الْیَتِیمِ وَ الْأَرْمَلَةِ وَ انْتِهَارُ السَّائِلِ وَ رَدُّهُ بِاللَّیْلِ.[vi]
و الجدیر بالذکر أن کل واحدة من تلک المعاصی یمکن أن یترتب علیها أکثر من أثر من الآثار السلبیة، نکتفی بهذا المقدار منها روما للاختصار، فقد ورد فی الروایات أن عدم استجابة الدعاء یعود الى اکثر من ثلاثین سببا منها: لقمة الحرام، الحسد، العجب و الغرور، قساوة القلب، الریاء و...
[i] الدیلمی، حسن، إرشاد القلوب إلى الصواب، ج 1، ص 149، مکتبة الشریف الرضی، قم، الطبعة الاولی، 1412ق.
[ii]نفس المصدر، ص150.
[iii]الشورى، 30.
[iv] المجلسی، محمد باقر، بحار الانوار، ج 70، ص 349، مؤسسة الوفاء، بیروت، 1409ق.
[v]الرعد، 11.
[vi] انظر: الحر العاملی، وسائلالشیعة، ج 16، ص 282- 283، آل البیت، قم، 1409ق.