الاشکالات التی أثارها المنکرون لوجود الله تعالى و الشاکون فیه سبحانه لا تمتلک الرصید العلمی و لا تقوم على اساس محکم من الادلة و البراهین، و إنما هی فی الغالب تنطلق من حالات نفسیه و عناد لارید الانصیاع للحقیقة، و من هنا نجد الانبیاء مع کل ما توفروا علیه من حکمة و منطق و براهین قاطعة ظلوا یواجهون مشکلة الانکار و الالحاد لا لعجز الادلة و البراهین و ضعف الادلة الدالة علیه سبحانه، بل لان الانکار کان ینطلق من عناد و لجاج و انفعالات نفسیة.
الاشکالات التی أثارها المنکرون لوجود الله تعالى و الشاکون فی وجوده سبحانه لا تمتلک الرصید العلمی و لا تقوم على اساس محکم من الادلة و البراهین، و مع ذلک لا نتوقع انقطاع تلک الشبهات و الشکوک؛ و ذلک لان الذهنیة التی یحملها الکافرون لا ترید الانصیاع للبراهین القاطعة و الادلة القویة التی تکشف لهم الحقیقة، فمهما أقمت لهم من البراهین القویة لا یصدقون بذلک، فما دامت القلوب تعیش الظلمة و لم یسطع فیها نور الایمان، تبقى تعیش الشعبدة و اثارة الاشکالات و الشبهات، و لا یحصل الیقین القلبی بمجرد إقامة البراهین الفلسفیة و المنطقیة؛ من هنا لسنا ملزمین بتتبع کل الاشکالات التی یثیرها الشکاکون و الملحدون لیحصل عندنا الیقین باستنفاد جمیع البراهین النافیة و الاجابة عنها؛ لانک کلما اجبت عن شبهة اثاروا شبهة اخرى، مع وضوح القضیة و تجلیها لذوی البصائر حتى أن الامام الحسین (ع) کان یستغرب من مطالبة البعض باقامة الدلیل على وجود الله لانه (ع) یرى أن وجوده سبحانه بدرجة من الوضوح لا تحتاج الى برهان " کَیْفَ یُسْتَدَلُّ عَلَیْکَ بِمَا هُوَ فِی وُجُودِهِ مُفْتَقِرٌ إِلَیْکَ أَ یَکُونُ لِغَیْرِکَ مِنَ الظُّهُورِ مَا لَیْسَ لَکَ حَتَّى یَکُونَ هُوَ الْمُظْهِرَ لَکَ مَتَى غِبْتَ حَتَّى تَحْتَاجَ إِلَى دَلِیلٍ یَدُلُّ عَلَیْکَ وَ مَتَى بَعُدْتَ حَتَّى تَکُونَ الْآثَارُ هِیَ الَّتِی تُوصِلُ إِلَیْکَ عَمِیَتْ عَیْنٌ لَا تَرَاکَ وَ لَا تَزَالُ عَلَیْهَا رَقِیبا".[1]
و من هنا ترى المشککین و المنکرین یعتمدون نفس الاسلوب الذی تعامل به اسلافهم مع الانبیاء، و هذا ما اشار الیه القرآن الکریم فی اکثر من موضع، منها:
1. «وَ إِذا قیلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ السَّاعَةُ لا رَیْبَ فیها قُلْتُمْ ما نَدْری مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلاَّ ظَنًّا وَ ما نَحْنُ بِمُسْتَیْقِنینَ».[2]
2. «قالُوا یا شُعَیْبُ ما نَفْقَهُ کَثیراً مِمَّا تَقُولُ وَ إِنَّا لَنَراکَ فینا ضَعیفاً وَ لَوْ لا رَهْطُکَ لَرَجَمْناکَ وَ ما أَنْتَ عَلَیْنا بِعَزیزٍ»>[3]
3. «قالُوا یا نُوحُ قَدْ جادَلْتَنا فَأَکْثَرْتَ جِدالَنا فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ کُنْتَ مِنَ الصَّادِقینَ».[4]
وعلى هذا الاساس نجد الانبیاء مع کل ما توفروا علیه من حکمة و منطق و براهین قاطعة ظلوا یواجهون مشکلة الانکار و الالحاد، و ما ذلک الا لکون الطرف الآخر یعتمد العناد و اللجاج و عدم الاذعان للحق مع وضوحه و قوة براهینة.
تحصل ان انکار وجود الله تعالى لم یکن نتیجة عجز البراهین و ضعف الادلة الدالة علیه، بل فی الاعم الاغلب ینبع من عوامل نفسیه. و الجدیر بالذکر اننا اذا استقرأنا عدد المنکرین و الملحدین حقیقة، فی العالم لوجدناهم لا یمثلون الا نسبة قلیلة جدا لاتکاد تذکر.