المسلمون مختلفون في وجود و عدم وجود عبارة « حي علی خیر العمل» في الأذان. فقسم منهم یعتقدون بأنها موجودة و تأتي بعد عبارة «حي علی الفلاح»و قسم آخر یعتقد بأنها لیست من الأذان. و النظریتان ینسبها أصحابها لفعل النبي محمد (ص). أما فقهاء الشیعة فهم مجمعون علی إن عبارة «حي علی خیر العمل» جزء من الأذان و یُسندون إجماعهم لروایات وافرة وردت عن أهل بیت العصمة و الطهارة (ع).
إضافة إلی هذا؛ توجد روایات متعددة في مصادر أهل السنة تصرّح بجزئیة « حي علی خیر العمل» في الأذان. و هذه الروایات قد رواها بعض الصحابة و هي بصورة عامة تحظی بقبول أهل السنة.
المسلمون مختلفون في وجود و عدم وجود عبارة « حي علی خیر العمل» في الأذان. فقسم منهم یعتقدون بأنها موجودة و تأتي بعد عبارة «حي علی الفلاح»و قسم آخر یعتقد بأنها لیست من الأذان. و النظریتان ینسبها أصحابها لفعل النبي محمد (ص)!
أما روایات أهل البیت (ع) فهي بصدد إثبات أن «حيّ علی خیر العمل» جزء من الأذان و یجب ذكرها حین الاذان. و یمکن الإشارة هنا إلی روایة کلیب الأسدي،[1] و روایة عبد الله بن سنان،[2] عن الإمام الصادق (ع).
لذلک نجد فقهاء الشیعة و بناءً علی ما ورد من روایات کثیرة في هذا المجال یجمعون[3] علی أن «حيّ علی خیر العمل» من فصول الأذان.
لذا نری من الأفضل عدم إطالة الحدیث في روایات أهل البیت (ع) و آراء الفقهاء في هذا الموضوع لوضوحها و نركز البحث على موضوع «حيّ علی خیر العمل» عند علماء أهل السنة.
جزئیة «حيّ علی خیر العمل» في أذان أهل السنة:
توجد روایات متعددة في مصادر العامة تصرّح بجزئیة عبارة «حيّ علی خیر العمل» و أنها من الأذان. و قد نقل هذه الروایات بعض الصحابة المجمع على قبول روایاتهم عندهم، منهم:
الف: عبد الله بن عمر: رُوي عن نافع أن عبد الله بن عمر لربما أضاف في أذانه عبارة «حيّ علی خیر العمل» بعد «حيّ علی الفلاح».[4]
ب: سهل بن حنیف: رَوی البیهقي بأن قول «حيّ علی خیر العمل» مروي عن أبي اُمامة و عن سهل بن حنیف.[5]
ج: بلال الحبشي: نُقل عن بلال في روایة أنه قد ذکر في أذانه عبارة «حيّ علی خیر العمل»، نعم قد جاء في مواصلة هذا الحدیث ان النبي (ص) قال له بعد مدة بأن یأتي بعبارة «الصلاة خیر من النوم» بدلها.[6] و الإشکال في الجزء الثاني من هذا الحدیث؛ لأن عبارة «الصلاة خیر من النوم» قد اُضیفت إلی الأذان بعد وفاة النبي الأکرم (ص) حسب تصریح عدد کبیر من علماء أهل السنة.
قال مالک بن أنس رئیس المذهب المالکي: ورد أن مؤذّن الخلیفة الثاني جاء یوماً لأذان الصبح فرأی الخلیفة نائماً، لذلک أضاف إلی أذانه عبارة «الصلاة خیر من النوم» و عندما استیقظ الخلیفة أمره بإضافة هذه العبارة لأذان الصبح.[7]
جاءت هذه التعلیقة في نسخة من کتاب مالک بن أنس حیث روی فیه هذه الروایة شخص بأسم محمد بن حسن بعد روایة في باب الأذان، و هي: أن عبارة «الصلاة خیرٌ من النوم» یجب أن تُذکر بعد إتمام الأذان و لیس جدیراً أن نُضیف إلی الأذان ما لیس فیه.[8] أما القسم الآخر من روایات أهل السنة التي جاءت لتبیین کیفیة الأذان فلم ترد فیها عبارة «حيّ علی خیر العمل» في حین وردت في کل روایات الشیعة التي هي بصدد بیان کیفیة الأذان.
علة حذف «حيّ علی خیر العمل» من الأذان
عن القوشجي في شرح التجرید قال: "ان عمر بن الخطاب، خطب في الناس یوماً قائلاً: ثلاث کن علی عهد رسول الله (ص) أنا محرمهن و معاقب علیهن، متعة الحج و متعة النساء و حي علی خیر العمل في الأذان.[9]
و هناك نظريتان لبیان علة حذف عبارة «حيّ علی خیر العمل» من الأذان، النظریة الأولی التي طرحها أهل السنة و قد ذکروا أن العلة الوحیدة هي فعل الخلیفة الثاني. و النظریة الثانیة جاءت في بعض روایات أهل البیت (ع).
عن الفضل بن شاذان قال "حدثني محمد بن أبي عمیر أنه سأل أبا الحسن (ع) عن «حيّ علی خیر العمل» لم تُرکت من الأذان؟ فقال ترید العلة الظاهرة أم الباطنة؟ قلت: أریدهما جمیعاً. فقال: أما العلة الظاهرة فلئلا یدع الناس الجهاد اتکالاً علی الصلاة. و أما الباطنة: فإن خیر العمل الولایة فأراد من أمر بترک «حيّ علی خیر العمل» من الأذان أن لا یقع حثاً علیها و دعاء إلیها.[10]
إذن، یمکن الاستنتاج –نظراً لروایات أهل البیت (ع) و عمل بعض الصحابة التي وصلت إلینا روایاتهم- بأن عبارة «حيّ علی خیر العمل» کانت من الأذان، ثم حُذفت بعدها من قبل الخلیفة الثاني.
[1] الصدوق، محمد بن علي، من لا یحضره الفقیه،ج 1، ص 290، مکتب النشر الإسلامي، قم، 1413 ق.
[2] الطوسي، محمد بن حسن، تهذیب الأحکام، تحقیق الخرسان، ج 2، ص 59، دار الکتب الإسلامیة، طهران، 1407 ق.
[3] الشریف المرتضی، علي بن حسین، الانتصار في إنفرادات الإمامیة، ص 137، مکتب النشر الإسلامي، قم، 1415 ق.
[4] سنن البیهقي، ج 1، ص 424، المکتبة الشاملة، و قد روی في هذه الصفحة عدة روایات عن عبد الله بن عمر تنص علی أنه کان یأتي بعبارة «حي علی خیر العمل» في الأذان. کذلک نقلاً عن: الموطأ، ج 1، ص 163، ح 92، المکتبة الشاملة.
[5] سنن البیهقي، ج 1، ص 424.
[6] نفس المصدر، ص425.
[7] الموطأ، ج 1، ص 161، ح 91.
[8] نفس المصدر، ص 163، ح 92.
[9] للإطلاع علی رأي القوشجي في هذا الموضوع راجعوا: الحسیني الشیرازي، محمد، القول السدید في شرح التجرید، ص 360، دار الإیمان، قم، 1410 ق.
[10] الصدوق، محمد بن علي، علل الشرائع، ج 2، ص 368، إنتشارات الداوري، قم، 1385 ش. یمکن القول في تبریر هذه الروایة: لربما کان هذا الأمر الذي هو خیر العمل، الولایة المشهورة بین الناس، لذلک حُذفت، أو أن هذا التساؤل حصل للناس بعد سنین، أي ما هو خیر العمل؟ فإذا کانت الصلاة فلماذا نذهب للجهاد أو لباقي المستحبات کالنفقة و الصدقة؟ و هذه التساؤلات تدفع الناس لسؤال أهل البیت (ع) عنها، و بلا شک سیکون الجواب المتلقّی منهم لا یوافق الجهاز الحاکم آنذاک.