المراد بالاستقلال هو أن یتمکن المجتمع من انتاج ما یحتاج الیه علی مستوی مقبول من الرفاه، و لا يکون معتمداً علی الآخرين و محتاجاً اليهم في ادارة الامور الاقتصادية.
و بناء علی هذا فالاستقلال الاقتصادي هو الاکتفاء الذاتي في توفير الحاجات الاساسية و منع تسلط الدول الاخری علی اقتصاد البلد.
و يعد موضوع الواردات ايضاً من المحاور المهمة و من مصاديق الاستقلال الاقتصادي. و الظاهر ان واردات البلد لا تتنافی مع الاستقلال الاقتصادی، و ليس هذا فحسب بل انها تساعد في استقرارهذا الاستقلال ايضاً، و انما الذي يتنافي مع الاستقلال التبعية و الاعتماد الكامل، اي يکون البلد معتمداً الی درجة بحيث اذا قطعت الصادرات عنه اختلت الحياة فيه بشکل ملحوظ. و أما اذا لم تکن الواردات بدرجة الاعتماد الضروري و لم تصل الی الافراط ايضاً، فلا تتنافی أبداً مع الاستقلال الاقتصادي.
قبل الاجابة ینبغي ذکر ملاحظة تتمثل بضرورة الاهتمام بالنتائج و الاستنباطات العقلیة في مختلف العلوم، و یجب الاعتراف بمعطياتها العلمية، لما للعقل من دور في کثیر من العلوم حيث یقوم باکتشاف المعلومات و وضع التعاریف و القوانین لها. نعم وردت اشارات في الدین الی بعض العلوم و المطالب العلمیة بشکل عرضي واستطرادي.[1] و لذا یجب ان یکون العقل هو محور البحوث في کثیر من العلوم، و یجب الاعتراف بحجیته ما لم یخالف المرتکزات الشرعیة. و الدین بدوره ایضاً أکد کثیراً علی التقدم العلمي، و یمکن استفادة ذلک من تأکیده علی طلب العلم، و القاء الكثير من الامور الدنيوية على كاهل العقل البشري لکي یتمکن علی مر الزمان من دراستها و تطویرها. و يعد علم الاقتصاد من جملة تلک العلوم، فقد ذکر الاسلام توصیات عامة و مهمة یصب اکثرها في مراعاة الاخلاق في الاقتصاد.
وبعد هذه المقدمة نتعرض للبحث حول معنی الاستقلال الاقتصادي.
الاستقلال الاقتصادي:
المراد بالاستقلال هو ان یتمکن المجتمع من انتاج ما یحتاج الیه علی مستوی مقبول من الرفاه، و لا يکون معتمداً علی الاخرين و محتاجاً اليهم في ادارة الامور الاقتصادية، و ان يترجح احيانا یوفير بعض حیاته الاقتصادیة من خارج البلد بسبب قلة التکلفة او لغایة أخری[2].و قد ذکروا في تعریف الاستقلال بانه: عبارة عن امتلاک قدرة اتخاذ القرار و التخطیط، مع تنفیذ هذه القرارات و الخطط في دائرة الحاکمیة. و لو جزأنا هذا التعریف لوجدناه ينطوي على ثلاثة عناصر اساسية: قدرة اتخاذ القرار، و قدرة تنفیذ القرار و دائرة الحاکمیة. و علی هذا الاساس فاذا استطاعت أمة ما أن تضع لنفسها برامج سیاسیة و اقتصادیة و اجتماعیة و ثقافیة دون ان تتأثر بالعوامل الخارجیة الاقلیمیة و القوی العالمیة المؤثرة فان تلک الأمة توصف بالاستقلالية حينئذ[3].
الاستقلال الاقتصادي من وجهة نظر الدستور الایراني:
ورد التأکید في دستور الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة علی انه یجب ان یصل الاقتصاد الایراني الی مرحلة الاکتفاء الذاتي و الاستقلال و ان یتخلص من التبعیة. و قد تكفل الاصل الثالث و الاربعون من الدستور ببیان الاسس الاقتصادیة للدولة، و توضح الاستقلال الاقتصادي ضمن عدة مواد:
و تشير الفقرة التاسعة من هذا الاصل الی اعتماد الاقتصاد الایراني و تؤکد علی انه یجب علی اقتصاد ایران ان یصل الی مرحلة الاکتفاء الذاتي و الاستقلال و یتخلص من التبعیة. و اسلوب الحل الذي یطرحه الدستور في هذا المورد يمثل بزیادة الانتاج الزراعي و الحیواني و الصناعي لسد حاجات البلاد و تحقيق الاكتفاء الذاتي لها و تحريرها من التبعية الاجنبية.
و علیه فان من الاهداف العلیا لدستور الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة تتمثل بتحقيق الاستقلال الاقتصادي و توفیر الاحتیاجات المتزایدة للناس الذین یعیشون في المجتمع الاسلامي.
وبناء علی هذا يكون معنی الاستقلال الاقتصادي الاکتفاء الذاتي في رفع الاحتیاجات الاساسیة و المنع من تسلط الدول الاخری علی اقتصاد البلد. والملاحظة الاخیرة هي انه هل تتنافی الواردات من الدول الاخری مع الاستقلال الاقتصادي؟ و الظاهر ان واردات البلد لا تتنافی مع الاستقلال الاقتصادی، و ليس هذا فحسب بل انها تساعد – احياناً- في استقرار هذا الاستقلال ايضاً، و انما الذي يتنافي مع الاستقلال التبعية و الاعتماد، اي يکون البلد معتمداً الی درجة بحيث اذا قطعت الصادرات عنه اختلت الحياة فيه بشکل ملحوظ. و أما اذا لم تکن الواردات بدرجة الاعتماد الضروري ولم تصل الی الافراط ايضاً، فلا تتنافی ابداً مع الاستقلال الاقتصادي[4].
[1] الرضائي، محمد علي، دراسة في الاعجاز العلمي في القرآن، ص39، نشر الکتاب المبین، رشت، 1381ش.
[2] هادوي الطهراني، المذهب و النظام الاقتصادي في الاسلام، ص83، نینوی، 1383ش.
[3] ذهنیة الاساتذة والنخب.
[4] لاحظ: المطهري، مرتضى، مجموعة الآثار، ج24، ص238، نشر صدرا، طهران، 1381ش.