فسّر التدبیر في اللغة بمعنی بعد النظر، و هناک روایات عدیدة في هذا المعنی من قبيل ما روي عن رسول الله (ص): "لا عقل کالتدبیر".
و فیما یرتبط بالنظم یمکن الاشارة ایضاً الی الکلام المعروف لامیر المؤمنین علي (ع) حیث اوصی في أواخر عمره الشریف بتقوی الله و مراعاة النظم في أمور الحیاة، و قد وردت روایات أخری ایضاً عن الائمة المعصومین (ع) حول النظم و التخطیط تتحدث عن جانب خاص في الحیاة، کالتأکید علی التخطیط في الامور الاقتصادیة، و هو ما اطلق علیه عنوان (تقدیر المعیشة) او الأمر بتقسیم ساعات الیوم الی ثلاثة اقسام للعمل و للعباده و الراحة.
التدبیر والنظم في أمور الحیاة من الامور التي یوجبها العقل و التي أمر بها الأئمة الاطهار (ع) ایضاً وسنقتصر فیما یلی علی ذکر بعض الموارد فیما یرتبط باالتدبیر بمعنی بعد النظر والتفکر في العواقب:[1]
- یقول النبي الأکرم (ص): " لا عقل کاالتدبیر"[2].
و بالتامل في هذا الکلام یمکننا ان نلاحظ عظم دور التدبیر بوضوح.
2- روي أنَّ رجلا أَتَى جعفراً (ع) شبِيهاً بالمستنصح له فقال لهُ: يا أَبا عبد اللَّه كيف صرتَ اتَّخذتَ الأَمْوَال قطعاً متفرِّقَةً و لوْ كانتْ في موضع كان أَيسر لمئونَتِهَا و أَعظمَ لمنْفَعَتِهَا؟! فقال أَبو عبد اللَّهِ (ع): اتَّخَذْتُهَا مُتَفَرِّقَةً فَإِنْ أَصَابَ هَذَا المالَ شيْءٌ سلمَ هذا و الصُّرَّةُ تَجْمَعُ هَذَا كُلَّه[3].
و الموارد الاخری التي یمکن الاشارة الیها في أمر التدبیر تتمثل في الروایات التي اشیر فیها الی بعد نظر الفرد المسلم بالفاظ مثل (الاقتصاد) أو (تقدیر المعیشة) کقول الامام الباقر( ع): " الكمالُ كُلُّ الْكَمَالِ التَّفَقُّهُ في الدِّينِ و الصَّبْرُ عَلَى النَّائِبَةِ وَ تَقْدِيرُ الْمَعِيشَةِ"[4].
و اما فیما یرتبط بالنظم ف امور الحیاة فیمکن الاشارةالی الروایات التالیة:
1- عن أمير المؤمنين (ع) في وصيته لاهل بيته: " أُوصِيكُمَا وَ جَمِيعَ وَلَدِي وَ أَهْلِي وَ مَنْ بَلَغَهُ كِتَابِي بِتَقْوَى اللَّهِ وَ نَظْمِ أَمْرِكُمْ" [5]. و بجعل النظم في هذه الروایة بعد تقوی الله یمکننا فهم أهمیة هذا الأمر في الحیاة.
2- ویقول الامام فی روایة أخری: " لِلْمُؤْمِنِ ثَلَاثُ سَاعَاتٍ فَسَاعَةٌ يُنَاجِي فِيهَا رَبَّهُ وَ سَاعَةٌ يَرُمُّ مَعَاشَهُ وَ سَاعَةٌ يُخَلِّي بَيْنَ نَفْسِهِ وَ بَيْنَ لَذَّتِهَا فِيمَا يَحِلُّ وَ يَجْمُل"[6].
[1] الحسیني الزبیدي، محمد مرتضی، تاج العروس من جواهر القاموس، ج6، ص357، دار الفکر، بیروت، الطبعة الاولی، 1414ق.
[2] الحر العاملي، محمد، وسائل الشیعة، ج12، ص39، مؤسسة آل البیت علیهم السلام، قم، الطبعة الاولی، 1409ق.
[3] نفس المصدر، ج17، ص69.
[4] الکلیني، الکافي، ج1، ص32، دار الکتب الاسلامیة، طهران، الطبعة الرابعة، 1407ق.
[5] الشریف الرضي، محمد، نهج البلاغة ( لصبحي الصالح)، ص421، الهجرة، قم، الطبعة الاولی، 1414ق.
[6] نفس المصدر، ص545، الحکمة: 390.