Please Wait
الزيارة
25889
محدثة عن: 2012/05/01
کد سایت fa21344 کد بایگانی 25928
گروه التفسیر,النظریة
خلاصة السؤال
ما معنى دساها دقيقا في آية "و قد خاب من دسّاها"؟
السؤال
أردت أن أعرف المعنى الدقيق لكلمة "دساها" في قوله تعالى "و قد خاب من دسّاها" و أنها تطلق على أي نوع من الرذالة؟
الجواب الإجمالي

في ثقافة القرآن الكريم لم تختص عبارة "دسّاها" برذيلة خاصة دون باقي الرذائل، فهي تشمل جميع الرذائل الأخلاقية و مدعاة لحرمان النفس عن نيل ذروة السعادة و الكمال المعنوي.

الجواب التفصيلي

من أجل اتضاح معنى "دسّاها" في آية «وَ قَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها»[1] من الأولى أن نحدد معنى "أفلح" و "زكاها" في الآية السابقة التي تقول: «قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها»،[2] بعد ذلك يتضح معنى "دسّاها" بقرينة المقابلة من باب معرفة الأشياء بأضدادها.

الفلاح بمعنى النجاة و كذلك الإفلاح من مصدر باب الإفعال بهذي المعنى أيضا. طبعا كلما ذكرت مادة "فلح" في القرآن إنما جاءت بصيغة باب الإفعال[3] و هي تعني الفلاح و الفوز الدنيوي و الأخروي. و السبب المجز له هو تبعية العقل و أوامر الدين.[4]

"زكاها" من مصدر التزكية و في الأصل بمعنى النموّ و الرشد، كما أن أصل لغة الزكاة بمعنى النموّ و الرشد.[5]

ثم استعمل هذا اللفظ للتطهير و التنقية، و لعل ذلك بسبب أن التنقية و التطهير يؤدي إلى الرشد و النماء. و يجوز كلا المعنيين في الآية محل البحث.[6]

"خاب" من مصدر "الخيبة" و بمعنى فوت الطلب و الحرمان و الخسران.[7]

"دساها" من مادة "دسّ" بمعنى إدخال الشي‏ء في الشي‏ء بضرب من الإكراه. كما قال القرآن عن الأعراب الجاهلية و دفن بناتهم: «أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ».[8] [9] و "الدسيسة" في اللغة بمعنى العمل المضرّ الخفيّ. [10]

بعد اتضاح مفهوم العبارات الموجودة، نعمد إلى دراسة كيفية حصول تزكية النفس.

لا يستطيع الإنسان أن يزكي نفسه إلا بعد أن يبتعد عن جميع الرذائل و يعتقد بجميع العقائد الحقة، بلا أن يزيد عليها شيئا أو ينقص منها شيئا، و لا يبتدع فيها بدعة و لا ينكر منها بعضا. عليه أن يبتعد من سيئات و رذائل الأخلاق كالكبر و الحسد و البخل و العجب و غيرها و أن يتجنب المعاصي. ثم لابد أن يتخلق بجميع الصفات الحميدة و الأخلاق الفاضلة و الملكات الحسنة. و الحاصل أن فلاح النفس مرهون باتباع مطالب العقل و أوامر الشرع.

أما الخيبة و الخسران فيأتي بتلويث النفس بالمفاسد أو الاعتقاد بالمذاهب الباطلة من قبيل الكفر و الشرك و الضلالة و البدعة و إنكار ضروريات الدين و المذهب. أو أن يتخلق بالأخلاق الرذيلة و الصفات الخبيثة و يعتاد على الأعمال السيئة من التعدي على حقوق الآخرين و ترك الواجبات و ارتكاب المحرمات.

و بكلمة واحدة إن الدسيسة على النفس هي أن الإنسان لا يتبع مطالب عقله و أوامر دينه و يدخل النفس في هذه العيوب أو يدخل هذه العيوب على نفسه ما يؤدي إلى عدم وصول النفس إلى هدف نيل الفضائل الأخلاقية و الكمال الحقيقي بالرغم من قابليتها المودعة فيها و اقتضائها لجميع هذه الفضائل.[11]

إذن لم تختص "دساها" بنمط خاص من الرذائل بل هي تشمل جميع الرذائل التي تحرم النفس من نيل ذروة الكمالات المعنوية.

 


[1]. الشمس، 10.

[2]. الشمس، 9.

[3] إلا في آية 64 من سورة طه.

[4]. قرشى، سيد على اكبر، قاموس قرآن، ج 5، ص 201 و 202، دار الكتب الإسلامية، طهران، 1371 ش.

[5]. راغب الأصفهاني، حسين بن محمد، المفردات في غريب القرآن، تحقيق، داودی، صفوان عدنان، ج 1، ص 380 و 381 ، دارالعلم الدار الشامية، دمشق، بيروت، الطبعة الأولى، 1412 ق.

[6]. مكارم الشيرازي، ناصر، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج 20، ص 237، نشر مدرسة الإمام علي بين أبي طالب، قم، 1421 ق.

[7]. المفردات، ج 1، ص 368.

[8]. النحل، 59.

[9]. المفردات، ج 1، ص 314.

[10]. الطريحي فخر الدين، مجمع البحرين، ج 4، ص 70 و 71، مكتبة مرتضوي، طهران، 1375 ش.

.[11] الطيب، سيد عبد الحسين، أطيب البيان في تفسير القرآن، ج 14، ص130 و 131، الطبعة الثانية، انتشارات إسلام، طهران، 1378 ش.