لایوجد جواب الجمالی لهذا السؤال، النقر الجواب التفصیلی
ذهب بعض المفسرین الى ان السبب فی تقدیم الزانیة على الزانی فی الآیة الثانیة من سورة النور، یرجع الى الدور التی تلعبه الزانیة فی الاغواء و انها العامل الفاعل فی العلاقات غیر المشروعة و ایجاد مقدمات الزنا، اما السبب فی تقدیم کلمة السارق على السارقة فی الآیة 38 من سورة المائدة فیعود الى الدور الفاعل الذی یلعبه الرجل فی هذا المجال، فان الرجال فی مجال السرقة لهم دور اکثر فاعلیة و شمولیة.[1]
یقول صاحب تفسیر الامثل فی هذا المجال: و قد قدمت هذه الآیة الرجل السارق على المرأة السارقة، بینما الآیة التی ذکرت حد و عقوبة الزنا قد قدمت المرأة الزانیة على الرجل الزانی، و لعل هذا التفاوت ناشئ عن حقیقة أن السرقة غالبا ما تصدر عن الرجال، بینما النساء الخلیعات المستهترات یشکلن فی الغالب العامل و العنصر المحفز للزنا!.[2]
لکن الشیخ الطبرسی (ره) قد علل القضیة بوجه آخر حیث قال: و بدأ بالسارق هنا (ای فی آیة السرقة) لأن الغالب وجود السرقة فی الرجال، و بدأ فی آیة الزنا بالنساء فقال "الزَّانِیَةُ وَ الزَّانِی"، لأن الغالب وجود ذلک فی النساء.[3] لکن لو سلمنا بان الغالب فی السرقة انها من فعل الرجال باعتبار ان السرقة تحدث من طرف واحد فقط و هو السارق، لکن کیف یمکن ان نقول بان الزنا هو الغالب فی النساء؟! اذ انه ما من زنا امراة الا الى جانبه زنا رجل و الا لما حصل الزنا؛ اضف الى ذلک انا اذا تاملنا فی القضیة لوجدنا ان العکس هو الصحیح ای ان الکثرة فی جهة الرجال، و ذلک لانه یمکن لامرأة واحدة ان یزنی بها اکثر من رجل کما هو معروف و شائع، فقد تکون النساء الزانیات بعدد الاصابع و عدد الزناة من الرجال اکثر من ذلک بکثیر.
و هناک رأی ثالث یقول انه من باب الاهتمام بالحکم، و هذا ما ذهب الیه الطاهر بن عاشور فی تفسیره حیث قال: و قدم ذکر "الزَّانِیَةُ" على "الزَّانِی" للاهتمام بالحکم لأن المرأة هی الباعث على زنى الرجل و بمساعفتها الرجل یحصل الزنى و لو منعت المرأة نفسها ما وجد الرجل إلى الزنى تمکینا، فتقدیم المرأة فی الذکر لأنه أشد فی تحذیرها.[4]
و قال فی تفسیر الآیة 38 من سورة المائدة: و وجه ذکر السارقة مع السارق دفع توهّم أن یکون صیغة التذکیر فی السارق قیدا بحیث لا یجری حدّ السرقة إلّا على الرجال، و قد کانت العرب لا یقیمون للمرأة وزنا فلا یجرون علیها الحدود.[5] و الحقیقة انه على هذا التفسیر الاخیر لایرجع السبب فی تقدیم السارق على السارقة الى کون السرقة فی الغالب من شؤون الرجال، بل ان ذکر المرأة انما هو من اجل رفع التوهم و انه لایظن البعض ان الحکم الاسلامی هو کحکم العرب فی هذا المجال.
و اذا ما اردنا ان نرجع الآراء فنعتقد ان الرأی الثالث هو الارجح و الافضل من بین الآراء.