Please Wait
الزيارة
8135
محدثة عن: 2009/09/28
کد سایت fa3632 کد بایگانی 5679
گروه الکلام القدیم
خلاصة السؤال
لماذا تصاحب القیامة وقائع مخیفة؟
السؤال
إذا کنا نعلم أن الله رحیم فلماذا جعل وقائع یوم القیامة و أحداثها مخیفة، حتى للعباد الصالحین؟ یوم یفر المرء من أخیه و أمه و أبیه... .
الجواب الإجمالي

تعتبر ساحة القیامة ساحة تجلٍّ و ظهور لکبریاء الله و عظمته. و قد أشار القرآن إلى أهوال یوم القیامة کدکِّ الجبال، و خروج الناس جمیعاً من قبورهم، و أن الأرض تخرج أثقالها، و تجسم جمیع أعمال الإنسان أمام عینیه، و إن کل أعضائه و بقاع الأرض التی کان یعمل علیها تفشی أسراره و تشهد علیه و تقول الحقائق.

إن سبب الخوف یوم القیامة أعمال الإنسان التی عملها فی هذه الدنیا. و لکن أهل التقوى و الصلاح فی أمن من فزع و هول یوم القیامة.

الجواب التفصيلي

للإجابة عن هذا السؤال یمکننا الإشارة إلى عدة نقاط:

1ـ إن ساحة القیامة هی ساحة تجلٍّ و ظهور لهیبة الله و کبریائه و قد وصف سبحانه یوم القیامة لیزرع الخوف و الخشیة فی قلوب الناس من یوم لقائه، یقول تعالى: «لِیُنْذِرَ یَوْمَ التَّلاقِ * یَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لا یَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَیْءٌ لِمَنِ الْمُلْکُ الْیَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ»[1]. و قد بینت الآیات القرآنیة عدداً من حوادث یوم القیامة و کل واحدة منها تشیر إلى جانب من جوانب عظمة الله و هیبته.

الأولى: إزالة المواقع و الحواجز المادیة کتقویض الجبال، حیث وصف القرآن الأرض بقوله: «قَاعًا صَفْصَفًا» أی من دون ارتفاع و انخفاض[2].

الثانیة: خروج جمیع الناس من قبورهم.

الثالثة: انکشاف الأسرار الخفیة[3]. و أن الأرض تخرج ما بداخلها[4].

الرابعة: تفتح صحائف الأعمال و تنکشف کل محتویاتها[5].

الخامسة: تتجسم أعمال الإنسان کلها أمام عینیه[6].

السادسة: ظهور الأسرار التی کان یخفیها الإنسان[7].

السابعة: إن الأرض التی کان یسعى علیها الإنسان و أعضاء جسمه التی کان یعمل من خلالها تتحول إلى شهود علیه لتظهر جمیع الحقائق[8]. فیظهر الإنسان بکامل وجوده فی ساحة یوم القیامة حتى لا یبقى أمر خافٍ من أموره[9]. فلو تصورنا أن مثل هذه الأمور تحدث للحظة فی عالم الدنیا فیکون الظاهر کالباطن و السر کالعلن و الخفاء کالتجلی، فأی ضجیج یمکن أن یحدث و أی اضطراب و دوی یملأ آفاق الأرض و یلف أقطارها؟ و کیف یمکن أن تکون طبیعة العلاقة بین أفراد المجتمع؟

2ـ إن سبب الخوف الأساسی یوم القیامة کامن فیما یقوم به الإنسان من أعمال و سلوکیات فی هذه الحیاة فالإنسان یخاف و یندهش عندما یقابل أعماله السیئة و سلوکه المنحرف، و عندما ینکشف ما کان یخفیه من أعمال السوء و ما یرتکبه من ذنوبٍ و آثام. إلى حدٍ یصف الله سبحانه الإنسان بقوله: «یَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ کُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَ تَضَعُ کُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَ تَرَى النَّاسَ سُکَارَى وَ مَا هُمْ بِسُکَارَى وَ لَکِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِیدٌ»[10]. أی أن بعض الناس الذین یرون سوء أعمالهم و قبحها من جهة و ینظرون إلى عظمة الله و هیبته من جهةٍ أخرى لا بد و أن یواجهوا مثل هذا الخوف و الهلع و الذهول.

و فی مقابل هذا الفریق من الناس یوجد فریق آخر مکون من أهل التقوى و الصلاح و الإیمان وصفهم الله بقولهم: «مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَیْرٌ مِنْهَا وَ هُمْ مِنْ فَزَعٍ یَوْمَئِذٍ آمِنُونَ»[11] و کذلک أصحاب الإیمان و العمل الصالح: «لا یَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَکْبَرُ وَ تَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِکَةُ هَذَا یَوْمُکُمُ الَّذِی کُنْتُمْ تُوعَدُونَ»[12].

و علیه فإن جمیع ما یلاقی الإنسان من خوفٍ و هلع و هول یرجع إلى طبیعة الأعمال التی یقوم بها فی الحیاة الدنیا. إن خوف الإنسان یوم القیامة أشبه بخوف المجرم الذی یقف أمام محکمة عادلة تجری علیه أحکام العدل، و لکن الإنسان البریء یقف أمام المحکمة دون أی خوفٍ أو وجل. فإذا کان الإنسان مؤمناً یعمل الصالحات و الخیرات فإنه یکون آمناً سواءً فی لحظة تسلیم الروح أو فی اللیلة الأولى من لیالی القبر أو ما یکون من أهوال القیامة.

سئل الإمام الحسن(ع) عن الموت فقال: «أعظم سرور یرد على المؤمنین»[13]. و یقول الإمام الصادق(ع): «القیامة عرس المتقین»[14].

للاطلاع:

1ـ موضوع خوف أولیاء الله، رقم 875 (الموقع 975).

2ـ موضوع الله خوفٌ أم حب رقم 783 (الموقع: 840).



[1]غافر، 15 و 16.

[2]طه، 106.

[3]الطارق، 9.

[4]الزلزلة،2.

[5]التکویر، 10.

[6]النبأ، 40.

[7]الأنعام، 28.

[8]الزلزلة، 4.

[9]إبراهیم، 21.

[10]الحج، 2.

[11]النمل، 89.

[12]الأنبیاء، 103.

[13]بحار الأنوار، ج 6، ص 153.

[14]المصدر نفسه، ج 7، ص 176.