على الرغم من أنّ التقوی هی أوّل مقیاس ومعیار للمفاضلة بین عامة الناس في مدرسة الإسلام،[1] ولكن في دائرة المؤمنين والأتقياء، فإنّ العلماء هم بالتأكيد في مکانة أعلى من عامة الناس. يقول القرآن الكريم عن هذا: «... قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذينَ لا يَعْلَمُونَ...».[2]
ویقول فی مکان آخر: «... يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ الَّذينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ...».[3]
وفی هذا الصدد یروي جابر الانصاري عن النبي(ص) أنه قال: «...و فضل العالم على سائر الناس كفضلي على أدناهم...»؛[4] ولهذا یقول الامام الصادق(ع): إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ...».[5]
لذلک نظرا الی الآیات والاحادیث، فإنّ العلماء والمفكّرين الذين تعدّ افعالهم واعمالهم في خدمة المجتمع ودین الناس ودنیاهم، لهم اشرف وارفع منزلة عند الله تعالی بالقیاس علی سائر طبقات الناس.
بالطبع، انّ بعض العلماء الذين لا تفيد علومهم ومعارفهم المجتمع فحسب، بل تتعارض مع مصالح المجتمع والمعتقدات الدينية للناس، قد یستثنون من هذه القاعدة، ومن البدیهی انّه لیس لعمل هؤلاء قیمة ولن یسبب لهم منزلة عند الله، فحسب، بل یجعلهم أدنی من البهائم. فمن المؤکّد فی هذه الحالة أن العمال البسطاء المتدینین هم افضل بکثیر من هؤلاء العلماء: «وَ اتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوين».[6]
في بعض الأحيان يكون هناك أشخاص من بين الناس، يصلون إلى مستوى عالٍ من حيث معرفة الدين والكمال الروحي، یتوقع منهم أن یکونوا مثالا للانسان الکامل وعرفاء حکماء، وأن یبلغوا الذروة العلیا من الکمال، ولكن بسبب حبّهم للدنیا وأنانيتهم وطلبهم للرئاسة، یغرقون فی الضلال لدرجة تظن أنهم لا يملكون المعرفة أو الكمال، ويصلون إلى درجة من الشقاوة، حیث يرافقهم ویلازمهم الشيطان، کما یقول القرآن الکریم: «فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ».
الجدير بالذكر، أن جميع أفراد المجتمع متساوون أمام القانون وحقوق المواطنة وأن ما قيل عن الاختلاف بین مكانة العلماء وغيرهم، هو فی الحقیقة بیان منزلتهم المعنویة وقيمتهم عند الله فحسب.
[1]. حول هذا الموضوع راجع: المداخل «نسبیة التقوِی، السؤال 10324؛ «معنی التقوی»، السؤال 12034.
[2]. الزمر، 9.
[3]. المجادله، 11.
[4]. الطبرسی، فضل بن حسن، مجمع البيان في تفسير القرآن، ج 9، ص 380، طهران، ناصر خسرو، 1372ش.
[5]. الکلینی، محمد بن یعقوب، الكافي، ج 1، ص 32، طهران، دار الکتب الاسلامیة، الطبعة الرابعة، 1407ق.
[6]. الاعراف، 175.