کد سایت
fa4234
کد بایگانی
73730
خلاصة السؤال
هل يحق للإنسان المسلم الإصرار على القطيعة وعدم الصفح عن أخية المؤمن وذكره بما يؤذيه رغم أنّ الثاني قد اعتذر عمّا بدر منه و طلب الصفح بسبب ما صدر عنه إثر مشادذة كلامية وقعت بينهما؟
السؤال
هل يجوز الإصرار على القطيعة وعدم الصفح عن الأخ المؤمن لفترة طويلة وخاصة في شهر رمضان مثلا؟ و لو فرضنا أنّ أحد الطرفين كان مقصراً وكان قد بدر منه ما يسيئ إلى صاحبه فمع اعتذاره و طلب الصفح عمّا بدر منه من خطأ!! فهل يحق للطرف الثاني -مع هذا الفرض- الإصرار على موقفه و عدم الاستجابة لطلب أخيه المؤمن، بلْ بقي مصرّاً على إيذائه بكلمات نابية يتفوه بها بحقه؟ و كيف نقيّم الموقف خاصّة مع صبر الطرف الآخر على الأذية و عدم الرد عليه و لو بكلمة واحدة تجرح مشاعره؟ و هل الموقف الرافض للصلح ينسجم مع أخلاقيات الإنسان المسلم فضلا عن المؤمن؟
الجواب الإجمالي
إنّ العفو و الصفح و مقابلة الاساءة بالاحسان يعد من شيم الرجال الكبار و علامة على أريحية صاحبه و سمو ذاته. و قد اعتبر الدين الإسلامي هذه الخصوصية في مقدمة الخصال الحميدة و مكارم الأخلاق، خاصّة مع الأخذ بنظر الاعتبار الانتماء إلى الدين الإسلامي الذي صرح نبيّه الكريم (ص) بأنّه إنما يبعث ليتمم مكارم الأخلاق وكان في قمّة الخلق و مكارم الخصال كما وصفه الله تعالى بقوله وانّك لعلى خلق عظيم. فجميع الآيات و الارشادات و المواعظ الداعية إلى العفو و الصفح و التجاوز عن الاساءة تؤكد ذلك، بلْ تحث على مقابلة الاساءة بالاحسان، التي أصرّ عليها الرسول الأكرم (ص) و الأئمة الطاهرين كقول تعالى: " وَ جَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها فَمَنْ عَفا وَ أَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمين". بلْ ذهب الآية أكثر من ذلك و اعتبرت أجر الصفح و التجاوز يقع على الله تعالى "فمَنْ عَفا وَ أَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ"، و أن من صفات الإنسان المؤمن الصفح و الاعراض عن السيئة، فاذا تجاوز عن الحدّ كان مصداقاً لقوله تعالى "إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمين".
و كيف يكون الإنسان مؤمناً و هو لا يذعن و لا تلين رقبته للحق و القيم السماوية التي دعت إليها الشريعة "وَ لا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَ لاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَميم"، و قوله: "إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا قَديراً"، و قوله سبحانه: "الَّذينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَ الضَّرَّاءِ وَ الْكاظِمينَ الْغَيْظَ وَ الْعافينَ عَنِ النَّاسِ وَ اللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنين" و غير ذلك من الآيات الكثيرة الداعية إلى العفو و الصفح و الاعراض عن الاساءة.
ثم، أ ليس من خصال المسلم التي حثت عليها الدساتير الاسلامية أنْ يتخلق بأخلاق الله تعالى؟ فكيف يخضع لوساوس الشيطان و يتراجع عن المثل و القيم السامية التي أرشدنا إليها الكثير من الروايات عن المعصومين عليهم السلام و ما أجمل ما ذكره الإمام الصادق (ع) في بيان تلك الحقيقة حيث قال: "إنا أهل بيت مروتنا العفو عمن ظلمنا".
فهل يليق بالإنسان المؤمن تخطي كلّ تلك القيم و عدم الاذعان لهذه المعارف المثلى و الخصال الحميدة و ينجر إلى ما تمليه عليه النفس الأمارة بالسوء؟!! تلك النفس التي تدعو صاحبها إلى الموبقات و المساوء، و هل من المعقول أنْ يزهد المؤمن بالثواب الإلهي الكبير الذي وعد عباده العافين عن الناس و المصفحين عن السيئات؟! فقد ورد في الحديث الشريف: "...وَ إِذَا عَنَتْ لَكُمْ غَضْبَةٌ فَأَدُّوهَا بِالْعَفْوِ إِنَّهُ يُنَادِي مُنَادٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى اللَّهِ أَجْرٌ فَلْيَقُمْ فَلَا يَقُومُ إِلَّا الْعَافُونَ أَ لَمْ تَسْمَعُوا قَوْلَهُ تعالى "فَمَنْ عَفا وَ أَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّه".
و كيف يكون الإنسان مؤمناً و هو لا يذعن و لا تلين رقبته للحق و القيم السماوية التي دعت إليها الشريعة "وَ لا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَ لاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَميم"، و قوله: "إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا قَديراً"، و قوله سبحانه: "الَّذينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَ الضَّرَّاءِ وَ الْكاظِمينَ الْغَيْظَ وَ الْعافينَ عَنِ النَّاسِ وَ اللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنين" و غير ذلك من الآيات الكثيرة الداعية إلى العفو و الصفح و الاعراض عن الاساءة.
ثم، أ ليس من خصال المسلم التي حثت عليها الدساتير الاسلامية أنْ يتخلق بأخلاق الله تعالى؟ فكيف يخضع لوساوس الشيطان و يتراجع عن المثل و القيم السامية التي أرشدنا إليها الكثير من الروايات عن المعصومين عليهم السلام و ما أجمل ما ذكره الإمام الصادق (ع) في بيان تلك الحقيقة حيث قال: "إنا أهل بيت مروتنا العفو عمن ظلمنا".
فهل يليق بالإنسان المؤمن تخطي كلّ تلك القيم و عدم الاذعان لهذه المعارف المثلى و الخصال الحميدة و ينجر إلى ما تمليه عليه النفس الأمارة بالسوء؟!! تلك النفس التي تدعو صاحبها إلى الموبقات و المساوء، و هل من المعقول أنْ يزهد المؤمن بالثواب الإلهي الكبير الذي وعد عباده العافين عن الناس و المصفحين عن السيئات؟! فقد ورد في الحديث الشريف: "...وَ إِذَا عَنَتْ لَكُمْ غَضْبَةٌ فَأَدُّوهَا بِالْعَفْوِ إِنَّهُ يُنَادِي مُنَادٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى اللَّهِ أَجْرٌ فَلْيَقُمْ فَلَا يَقُومُ إِلَّا الْعَافُونَ أَ لَمْ تَسْمَعُوا قَوْلَهُ تعالى "فَمَنْ عَفا وَ أَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّه".
الجواب التفصيلي
من الواضح جدّاً أن العفو و الصفح و مقابلة الاساءة بالاحسان يُعدّ من شيم الرجال الكبار و علامة على أريحية صاحبه و سمو ذاته. و قد اعتبر الدين الإسلامي هذه الخصوصية في مقدمة الخصال الحميدة و مكارم الأخلاق، خاصّة مع الأخذ بنظر الاعتبار الانتماء إلى الدين الإسلامي الذي صرّح نبيّه الكريم (ص) بأنّه إنما يبعث ليتمم مكارم الأخلاق وكان هو في قمّة الخلق و مكارم الخصال حتى وصفه الله تعالى بقوله وانك لعلى خلق عظيم.
و للإجابة عن السؤال المطروح لابد من تسليط الأضواء على مجموعة من الأبحاث و دراستها من أكثر من زاوية، و هي:
1. الإيمان و مصاديقه
2. موقف الإسلام من العداوة و الحق و... و طريقة معالجته لها
أما في خصوص المراد من حقيقة الإيمان فقد ذكر المفسرون في ذيل قوله تعالى: "قالتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَ لكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَ لَمَّا يَدْخُلِ الْإيمانُ في قُلُوبِكُمْ...."[1] إنّه و طبقاً لمنطوق الآية فإنّ الفرق بين «الإسلام» و «الإيمان» في أنّ: الإسلام له شكل ظاهري قانوني، فمن تشهد بالشهادتين بلسانه فهو في زمرة المسلمين و تجري عليه أحكام المسلمين.
أمّا الإيمان فهو أمر واقعي و باطني، و مكانه قلب الإنسان لا ما يجري على اللسان أو ما يبدو ظاهراً! الإسلام ربّما كان عن دوافع متعدّدة و مختلفة بما فيها الدوافع الماديّة و المنافع الشخصية، إلّا أنّ الإيمان ينطلق من دافع معنوي، و يسترفد من منبع العلم، و هو الذي تظهر ثمرة التقوى اليانعة على غصن شجرته الباسقة! و هذا ما أشار إليه الرّسول الأكرم (ص) في تعبيره البليغ الرائع: «الإسلام علانية و الإيمان في القلب»[2]. كما إنّا نقرأ حديثا آخر عن الإمام الصادق (ع) يقول فيه: "الإسلام يحقن الدم و تؤدّى به الأمانة و تستحل به الفروج و الثواب على الإيمان"[3]. و ربما كان لهذا السبب أنّ بعض الروايات تحصر مفهوم الإسلام بالإقرار اللفظي، في حين أنّ الإيمان إقرار باللسان و عمل بالأركان، إذ تقول الرواية: «الإيمان إقرار و عمل، و الإسلام إقرار بلا عمل»[4]. و هذا المعنى نفسه وارد في تعبير آخر في بحث الإسلام و الإيمان، يقول فضيل بن يسار سمعت الإمام الصادق عليه السلام يقول: "إنّ الإيمان يشارك الإسلام و لا يشاركه الإسلام، إنّ الإيمان ما وقر في القلوب و الإسلام ما عليه المناكح و المواريث و حقن الدماء"[5].
و هذا التفاوت في المفهومين فيما إذا اجتمع اللفظان معا، إلّا أنّه إذا انفصل كلّ عن الآخر فربما أطلق الإسلام على ما يطلق عليه بالإيمان، أي أنّ اللفظين قد يستعملان في معنى واحد أحياناً.[6]
ونقل الشيخ محمد جواد مغنية في تفسيره الموسوم بالكاشف عن أستاذ الأدب العربي الدكتور طه حسين في بيان الفرق بين الإسلام و الإيمان قائلاً: و ننقل هنا ما ذكره الدكتور طه حسين حول هذه الآية في كتاب «مرآة الإسلام» لأنه أديب يستشهد بفهمه على أسرار البلاغة قال: «كان في عهد النبي (ص) مؤمنون و مسلمون، فما عسى أن يكون الفرق بين الايمان و الإسلام؟. أما الايمان فالظاهر من هذه الآية أنّه شيء في القلب قوامه الإخلاص للّه و التصديق بكلّ ما أوحى إلى الرسول في أعماق الضمير، و نتيجة هذا الايمان الاستجابة للّه و لرسوله في كلّ ما يدعوان إليه من غير جمجمة و لا لجلجة و لا تردد مهما تكن الظروف و الخطوب و الكوارث و الأحداث .. و لازمة أخرى من لوازم هذا الايمان هي الخوف العميق من اللّه إذا ذكر اسمه و الثقة العميقة به إذا جدّ الجد، و ازدياد التصديق إذا تليت آياته .. و الايمان يزيد و ينقص .. أما الإسلام فهو الطاعة الظاهرة بأداء الواجبات و اجتناب المحظورات و إنْ لم يبلغ الايمان الصادق .. فمن الناس من يسلمون خوفاً من البأس كما أسلم الطلقاء من قريش يوم فتح مكة، و منهم من يسلم خوفاً و طمعاً كالأعراب الذين ذكرهم اللّه في هذه الآية».[7]
و عليه يمكن القول: بأنّ المؤمن الحقيقي هو الشخص الذي آمن بالاسلام بكلّ قيمه و بجمع دساتيره و بكافة إرشاداته و عقائده و إنْ كانت على خلاف ميوله و شهواته النفسية.
و الذي يظهر من طبيعة السؤال المطروح أنّ أحد طرفي النزاع شخص يتصف بالغرور و الإصرار على الخطأ معرضاً عن جميع الآيات و الارشادات و المواعظ الداعية إلى العفو و الصفح و التجاوز عن الاساءة، بلْ الحث على مقابلة الاساءة بالاحسان، التي أكد عليها الرسول الأكرم (ص) و الأئمة الطاهرين لأكثر من ثلاثة قرون عاشوها في أوساط الأمة الإسلامية، كقول تعالى: "وَ جَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها فَمَنْ عَفا وَ أَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمين".[8]
و الآية الكريمة تتوفر على خطوة متقدمة جدّاً على حصر جزء الاساءة باساءة مثلها بلا تجاوز عن الحد المسموح به، وهذه الخطوة تتمثل في اعتبار المتجاوز لما حددته الشريعة من تقاص، ظالماً و أنّ الله لا يحبّ الظالمين. و عليه لو حصلت اساءة من صديق أو زميل دراسة أو جار أو.... فقام الطرف الثاني بعمل مخالف للخلق الاسلامي و قام باقتراف ما يؤذي الآخر، فحينئذ تأتي الآية المباركة لتقرع سمعه بصفارة الانذار و تحذره من الخروج عن صفوف المؤمنين و الانضمام إلى زمرة الظالمين؛ بلْ ذهب الآية أكثر من ذلك و اعتبرت أجر الصفح و التجاوز يقع على الله تعالى "فمَنْ عَفا وَ أَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ"، و أن من صفات الإنسان المؤمن الصفح و الاعراض عن السيئة، فاذا تجاوز عن الحدّ كان مصداقاً لقوله تعالى "إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمين".
و كيف يكون الإنسان مؤمناً و هو لا يذعن و لا تلين رقبته للحق و القيم السماوية التي دعت إليها الشريعة "وَ لا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَ لاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَميم"،[9] و قوله: "إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا قَديراً"،[10] و قوله سبحانه: " الَّذينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَ الضَّرَّاءِ وَ الْكاظِمينَ الْغَيْظَ وَ الْعافينَ عَنِ النَّاسِ وَ اللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنين"[11] و غير ذلك من الآيات الكثيرة الداعية إلى العفو و الصفح و الاعراض عن الاساءة.
ثم، أ ليس من خصال المسلم التي حثت عليها الدساتير الاسلامية أنْ يتخلق بأخلاق الله تعالى؟
فاذا كان الله تعالى مع كلّ ما هو عليه من عظمة و كبرياء و جلالة يعفو و يصفح عن ذنوب عبادة و يتجاوز عن سيئاتهم و يستبدل السيئات بالحسنات!! فكيف لا يكون المؤمن كذلك؟!! إ ليس المؤمن يعيش الأمل بشمول الرحمة الإلهية له في ذلك اليوم العصيب؟!
فعلى الإنسان الذي يكون بهذا الحدّ من الغطرسة و حبّ الانتقام و عدم التجاوز أنْ يعلم و بلا أدنى شك بأنّه سيقف يوماً أمام محكمة العدل الإلهية ليحاسبه الله على كلّ ما اقترفت يداه و يتشدد في محاسبته بالطريقة التي اختارها هو في الحياة الدنيا.
فقد روي عن النبي الأكرم (ص) أنّه قال في الحث على العفو عند القدرة: "من عفا عند قدرة عفا الله عنه يوم العثرة" و عنه (ص): "من عفا عند القدرة عفا الله عنه يوم العسرة".[12] وفي رواية أخرى: "اعف عمّن ظلمك كما أنك تحبّ أنْ يعفى عنك، فاعتبر بعفو الله عنك".[13] و أوضح من ذلك كلّه قوله تعالى: "وَ لا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَ السَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى وَ الْمَساكينَ وَ الْمُهاجِرينَ في سَبيلِ اللَّهِ وَ لْيَعْفُوا وَ لْيَصْفَحُوا أَ لا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحيم".[14] و الآيات و الروايات في هذه القضية كثيرة جدّاً لا مجال لاستعراضها.
و في الختام نقول: إنّ العفو و الصفح و التجاوز عن الخطأ من صفات و خلال النفوس الكبيرة و الشخصيات الأريحية، في مقابل النفوس الضعيفة و الشخصيات المتدنية الخلق التي لا تسمح بالعفو و لا تحبّ الصفح عن الآخرين، و ما إجمل ما ذكره الإمام الصادق (ع) في بيان تلك الحقيقة حيث قال: "إنا أهل بيت مروتنا العفو عمن ظلمنا".[15]
فهل يليق بالإنسان المؤمن تخطي كلّ تلك القيم و عدم الاذعان لهذه القيم المثلى و الخصال الحميدة و ينجر إلى ما تمليه عليه النفس الأمارة بالسوء؟!! تلك النفس التي تدعو صاحبها إلى الموبقات و المساوء، و هل من المعقول أنْ يزهد المؤمن بالثواب الإلهي الكبير الذي وعد عباده العافين عن الناس و المصفحين عن السيئات؟! فقد ورد في الحديث الشريف: "...وَ إِذَا عَنَتْ لَكُمْ غَضْبَةٌ فَأَدُّوهَا بِالْعَفْوِ إِنَّهُ يُنَادِي مُنَادٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى اللَّهِ أَجْرٌ فَلْيَقُمْ فَلَا يَقُومُ إِلَّا الْعَافُونَ أَ لَمْ تَسْمَعُوا قَوْلَهُ تعالى "فَمَنْ عَفا وَ أَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّه".[16] و على المؤمن أن لا ينسى حبائل الشيطان و مكائده فإنّ له اليد الطولى في الإغواء وجرّ المؤمنين للوقوع في الرذيلة و اقتراف الأخطاء، وليكن لنا عبرة بقصة النبي يوسف عليه السلام و ما كابده جرّاء مكائد اخوته و ما هو موقفه منهم و هو في أتمّ القدرة على العقاب و الاقتصاص منهم؟ و كيف لقنهم درساً رائعاً في العفو و الصفح و التجاوز عمّا اقترفوه بسبب انسياقهم مع حبائل الشيطان، و هذا ما اشار إليه قوله تعالى: "قالُوا أَ إِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ وَ هذا أَخي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَ يَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنينَ * قالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنا وَ إِنْ كُنَّا لَخاطِئينَ * قالَ لا تَثْريبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَ هُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمينَ * اذْهَبُوا بِقَميصي هذا فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبي يَأْتِ بَصيراً وَ أْتُوني بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعينَ * وَ لَمَّا فَصَلَتِ الْعيرُ قالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ ريحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ *قالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفي ضَلالِكَ الْقَديمِ * فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشيرُ أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصيراً قالَ أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ * قالُوا يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنَّا كُنَّا خاطِئينَ * قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحيمُ * فَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَ قالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنينَ * وَ رَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَ خَرُّوا لَهُ سُجَّداً وَ قالَ يا أَبَتِ هذا تَأْويلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا وَ قَدْ أَحْسَنَ بي إِذْ أَخْرَجَني مِنَ السِّجْنِ وَ جاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْني وَ بَيْنَ إِخْوَتي إِنَّ رَبِّي لَطيفٌ لِما يَشاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَليمُ الْحَكيمُ".[17]
و للإجابة عن السؤال المطروح لابد من تسليط الأضواء على مجموعة من الأبحاث و دراستها من أكثر من زاوية، و هي:
1. الإيمان و مصاديقه
2. موقف الإسلام من العداوة و الحق و... و طريقة معالجته لها
أما في خصوص المراد من حقيقة الإيمان فقد ذكر المفسرون في ذيل قوله تعالى: "قالتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَ لكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَ لَمَّا يَدْخُلِ الْإيمانُ في قُلُوبِكُمْ...."[1] إنّه و طبقاً لمنطوق الآية فإنّ الفرق بين «الإسلام» و «الإيمان» في أنّ: الإسلام له شكل ظاهري قانوني، فمن تشهد بالشهادتين بلسانه فهو في زمرة المسلمين و تجري عليه أحكام المسلمين.
أمّا الإيمان فهو أمر واقعي و باطني، و مكانه قلب الإنسان لا ما يجري على اللسان أو ما يبدو ظاهراً! الإسلام ربّما كان عن دوافع متعدّدة و مختلفة بما فيها الدوافع الماديّة و المنافع الشخصية، إلّا أنّ الإيمان ينطلق من دافع معنوي، و يسترفد من منبع العلم، و هو الذي تظهر ثمرة التقوى اليانعة على غصن شجرته الباسقة! و هذا ما أشار إليه الرّسول الأكرم (ص) في تعبيره البليغ الرائع: «الإسلام علانية و الإيمان في القلب»[2]. كما إنّا نقرأ حديثا آخر عن الإمام الصادق (ع) يقول فيه: "الإسلام يحقن الدم و تؤدّى به الأمانة و تستحل به الفروج و الثواب على الإيمان"[3]. و ربما كان لهذا السبب أنّ بعض الروايات تحصر مفهوم الإسلام بالإقرار اللفظي، في حين أنّ الإيمان إقرار باللسان و عمل بالأركان، إذ تقول الرواية: «الإيمان إقرار و عمل، و الإسلام إقرار بلا عمل»[4]. و هذا المعنى نفسه وارد في تعبير آخر في بحث الإسلام و الإيمان، يقول فضيل بن يسار سمعت الإمام الصادق عليه السلام يقول: "إنّ الإيمان يشارك الإسلام و لا يشاركه الإسلام، إنّ الإيمان ما وقر في القلوب و الإسلام ما عليه المناكح و المواريث و حقن الدماء"[5].
و هذا التفاوت في المفهومين فيما إذا اجتمع اللفظان معا، إلّا أنّه إذا انفصل كلّ عن الآخر فربما أطلق الإسلام على ما يطلق عليه بالإيمان، أي أنّ اللفظين قد يستعملان في معنى واحد أحياناً.[6]
ونقل الشيخ محمد جواد مغنية في تفسيره الموسوم بالكاشف عن أستاذ الأدب العربي الدكتور طه حسين في بيان الفرق بين الإسلام و الإيمان قائلاً: و ننقل هنا ما ذكره الدكتور طه حسين حول هذه الآية في كتاب «مرآة الإسلام» لأنه أديب يستشهد بفهمه على أسرار البلاغة قال: «كان في عهد النبي (ص) مؤمنون و مسلمون، فما عسى أن يكون الفرق بين الايمان و الإسلام؟. أما الايمان فالظاهر من هذه الآية أنّه شيء في القلب قوامه الإخلاص للّه و التصديق بكلّ ما أوحى إلى الرسول في أعماق الضمير، و نتيجة هذا الايمان الاستجابة للّه و لرسوله في كلّ ما يدعوان إليه من غير جمجمة و لا لجلجة و لا تردد مهما تكن الظروف و الخطوب و الكوارث و الأحداث .. و لازمة أخرى من لوازم هذا الايمان هي الخوف العميق من اللّه إذا ذكر اسمه و الثقة العميقة به إذا جدّ الجد، و ازدياد التصديق إذا تليت آياته .. و الايمان يزيد و ينقص .. أما الإسلام فهو الطاعة الظاهرة بأداء الواجبات و اجتناب المحظورات و إنْ لم يبلغ الايمان الصادق .. فمن الناس من يسلمون خوفاً من البأس كما أسلم الطلقاء من قريش يوم فتح مكة، و منهم من يسلم خوفاً و طمعاً كالأعراب الذين ذكرهم اللّه في هذه الآية».[7]
و عليه يمكن القول: بأنّ المؤمن الحقيقي هو الشخص الذي آمن بالاسلام بكلّ قيمه و بجمع دساتيره و بكافة إرشاداته و عقائده و إنْ كانت على خلاف ميوله و شهواته النفسية.
و الذي يظهر من طبيعة السؤال المطروح أنّ أحد طرفي النزاع شخص يتصف بالغرور و الإصرار على الخطأ معرضاً عن جميع الآيات و الارشادات و المواعظ الداعية إلى العفو و الصفح و التجاوز عن الاساءة، بلْ الحث على مقابلة الاساءة بالاحسان، التي أكد عليها الرسول الأكرم (ص) و الأئمة الطاهرين لأكثر من ثلاثة قرون عاشوها في أوساط الأمة الإسلامية، كقول تعالى: "وَ جَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها فَمَنْ عَفا وَ أَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمين".[8]
و الآية الكريمة تتوفر على خطوة متقدمة جدّاً على حصر جزء الاساءة باساءة مثلها بلا تجاوز عن الحد المسموح به، وهذه الخطوة تتمثل في اعتبار المتجاوز لما حددته الشريعة من تقاص، ظالماً و أنّ الله لا يحبّ الظالمين. و عليه لو حصلت اساءة من صديق أو زميل دراسة أو جار أو.... فقام الطرف الثاني بعمل مخالف للخلق الاسلامي و قام باقتراف ما يؤذي الآخر، فحينئذ تأتي الآية المباركة لتقرع سمعه بصفارة الانذار و تحذره من الخروج عن صفوف المؤمنين و الانضمام إلى زمرة الظالمين؛ بلْ ذهب الآية أكثر من ذلك و اعتبرت أجر الصفح و التجاوز يقع على الله تعالى "فمَنْ عَفا وَ أَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ"، و أن من صفات الإنسان المؤمن الصفح و الاعراض عن السيئة، فاذا تجاوز عن الحدّ كان مصداقاً لقوله تعالى "إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمين".
و كيف يكون الإنسان مؤمناً و هو لا يذعن و لا تلين رقبته للحق و القيم السماوية التي دعت إليها الشريعة "وَ لا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَ لاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَميم"،[9] و قوله: "إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا قَديراً"،[10] و قوله سبحانه: " الَّذينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَ الضَّرَّاءِ وَ الْكاظِمينَ الْغَيْظَ وَ الْعافينَ عَنِ النَّاسِ وَ اللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنين"[11] و غير ذلك من الآيات الكثيرة الداعية إلى العفو و الصفح و الاعراض عن الاساءة.
ثم، أ ليس من خصال المسلم التي حثت عليها الدساتير الاسلامية أنْ يتخلق بأخلاق الله تعالى؟
فاذا كان الله تعالى مع كلّ ما هو عليه من عظمة و كبرياء و جلالة يعفو و يصفح عن ذنوب عبادة و يتجاوز عن سيئاتهم و يستبدل السيئات بالحسنات!! فكيف لا يكون المؤمن كذلك؟!! إ ليس المؤمن يعيش الأمل بشمول الرحمة الإلهية له في ذلك اليوم العصيب؟!
فعلى الإنسان الذي يكون بهذا الحدّ من الغطرسة و حبّ الانتقام و عدم التجاوز أنْ يعلم و بلا أدنى شك بأنّه سيقف يوماً أمام محكمة العدل الإلهية ليحاسبه الله على كلّ ما اقترفت يداه و يتشدد في محاسبته بالطريقة التي اختارها هو في الحياة الدنيا.
فقد روي عن النبي الأكرم (ص) أنّه قال في الحث على العفو عند القدرة: "من عفا عند قدرة عفا الله عنه يوم العثرة" و عنه (ص): "من عفا عند القدرة عفا الله عنه يوم العسرة".[12] وفي رواية أخرى: "اعف عمّن ظلمك كما أنك تحبّ أنْ يعفى عنك، فاعتبر بعفو الله عنك".[13] و أوضح من ذلك كلّه قوله تعالى: "وَ لا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَ السَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى وَ الْمَساكينَ وَ الْمُهاجِرينَ في سَبيلِ اللَّهِ وَ لْيَعْفُوا وَ لْيَصْفَحُوا أَ لا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحيم".[14] و الآيات و الروايات في هذه القضية كثيرة جدّاً لا مجال لاستعراضها.
و في الختام نقول: إنّ العفو و الصفح و التجاوز عن الخطأ من صفات و خلال النفوس الكبيرة و الشخصيات الأريحية، في مقابل النفوس الضعيفة و الشخصيات المتدنية الخلق التي لا تسمح بالعفو و لا تحبّ الصفح عن الآخرين، و ما إجمل ما ذكره الإمام الصادق (ع) في بيان تلك الحقيقة حيث قال: "إنا أهل بيت مروتنا العفو عمن ظلمنا".[15]
فهل يليق بالإنسان المؤمن تخطي كلّ تلك القيم و عدم الاذعان لهذه القيم المثلى و الخصال الحميدة و ينجر إلى ما تمليه عليه النفس الأمارة بالسوء؟!! تلك النفس التي تدعو صاحبها إلى الموبقات و المساوء، و هل من المعقول أنْ يزهد المؤمن بالثواب الإلهي الكبير الذي وعد عباده العافين عن الناس و المصفحين عن السيئات؟! فقد ورد في الحديث الشريف: "...وَ إِذَا عَنَتْ لَكُمْ غَضْبَةٌ فَأَدُّوهَا بِالْعَفْوِ إِنَّهُ يُنَادِي مُنَادٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى اللَّهِ أَجْرٌ فَلْيَقُمْ فَلَا يَقُومُ إِلَّا الْعَافُونَ أَ لَمْ تَسْمَعُوا قَوْلَهُ تعالى "فَمَنْ عَفا وَ أَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّه".[16] و على المؤمن أن لا ينسى حبائل الشيطان و مكائده فإنّ له اليد الطولى في الإغواء وجرّ المؤمنين للوقوع في الرذيلة و اقتراف الأخطاء، وليكن لنا عبرة بقصة النبي يوسف عليه السلام و ما كابده جرّاء مكائد اخوته و ما هو موقفه منهم و هو في أتمّ القدرة على العقاب و الاقتصاص منهم؟ و كيف لقنهم درساً رائعاً في العفو و الصفح و التجاوز عمّا اقترفوه بسبب انسياقهم مع حبائل الشيطان، و هذا ما اشار إليه قوله تعالى: "قالُوا أَ إِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ وَ هذا أَخي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَ يَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنينَ * قالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنا وَ إِنْ كُنَّا لَخاطِئينَ * قالَ لا تَثْريبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَ هُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمينَ * اذْهَبُوا بِقَميصي هذا فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبي يَأْتِ بَصيراً وَ أْتُوني بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعينَ * وَ لَمَّا فَصَلَتِ الْعيرُ قالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ ريحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ *قالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفي ضَلالِكَ الْقَديمِ * فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشيرُ أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصيراً قالَ أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ * قالُوا يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنَّا كُنَّا خاطِئينَ * قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحيمُ * فَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَ قالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنينَ * وَ رَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَ خَرُّوا لَهُ سُجَّداً وَ قالَ يا أَبَتِ هذا تَأْويلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا وَ قَدْ أَحْسَنَ بي إِذْ أَخْرَجَني مِنَ السِّجْنِ وَ جاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْني وَ بَيْنَ إِخْوَتي إِنَّ رَبِّي لَطيفٌ لِما يَشاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَليمُ الْحَكيمُ".[17]
[1] الحجرات، 14.
[2] الطبرسی، مجمع البیان، ج 9، ص 138.
[3] الکلینی، الکافی، ج 2، باب إن الاسلام یحقن به الدم، ح 1و 2.
[4] نفس المصدر.
[5] نفس المصدر، باب إن الإيمان... الإسلام، ح 3.
[6] ناصر مكارم الشيرازي، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج16، ص: 571- 572، الطبعة الاولى نشر مدرسة الامام علي بن أبي طالب قم، سنة 1421 ق.
[7] مغنية، محمد جواد، تفسير الكاشف، ج 7، ص 125.
[8] الشروى، 40.
[9] فصلت، 34.
[10] النساء، 149.
[11] آل عمران، 134.
[12] ميزان الحكمة، حرف العين، ص367، بنقلا عن كنز العمال، ح 7019.
[13] نفس المصدر، ص 377.
[14] النور، 22.
[15] ميزان الحكمة، حرف العين، ص 367.
[16] بحار الأنوار، ج 74، ص 182.
[17] يوسف، 90- 100.