الزيارة
7629
محدثة عن: 2009/10/05
کد سایت fa4447 کد بایگانی 6007
خلاصة السؤال
هل توجد مصادر تشیر إلى وجود تحریف فی آیات القرآن لدى أهل السنة؟
السؤال
أنا أعیش فی محیط أواجه فیه الأسئلة من قبل طلاب جامعیین ینتمون إلى المذهب السنی، فهل بالإمکان الإشارة إلى مصادر یبین فیها علماء أهل السنة وقوع التحریف فی آیات القرآن الکریم؟ نرجو أن تکون الإجابة مستوعبة و شاملة.
الجواب الإجمالي

توجد روایات کثیرة فی العدید من کتب إخواننا السنة تشیر إلى وجود نقص بعض الآیات القرآنیة و حتى فی الصحاح الستة التی تعد أکثر الکتب اعتباراً عندهم. و یمکن الإشارة إلى آیة «الرجم» کمثالٍ لذلک. کما یظهر ذلک فی القراءات المتعددة التی یقرأ بها أشهر القراء المعروفین حیث یراعون بعض التغییرات الموجودة فی هذه الکتب.

و لکن حتى مع التسلیم بالفرض المتقدم إلا أن المعمول به لدى أهل السنة و الشیعة معاً هو القرآن المعروف و المتداول بین جمیع المسلمین، و أما الموارد التی یشار إلیها على أساس وجود تغییر أو حذف فلا یرى أحدٌ أنها تتعارض مع القرآن الموجود المتداول. بل إن هذه الموارد إما أن تکون عبارة أخرى لما هو موجود، أو وجود مشابه لها فی القرآن و السنة النبویة.

الجواب التفصيلي

من الضروری أن نبین أن وجود مثل هذه الروایات فی کتب أهل السنة لا یمکن أن تکون دلیلاً على عدم اعتقادهم أو عدم احترامهم لهذا الکتاب المقدس. و ما یذکر فی کتب السنة أو الشیعة من هذه الروایات إنما یصنف إلى أصناف مختلفة بعضها من قبیل التبیین لا التحریف و ... و یجب أن یبحث فی محله.

و الآن و فی معرض الإجابة عن سؤالکم لا بد من القول و مع شدید الأسف إن بعض أهل السنة یروجون و کأنه للشیعة قرآن آخر دون الالتفات إلى حفظ الوحدة بین المسلمین. و فی کلامهم ما یشعر بأن أهل السنة هم الوحیدون الذین یدافعون عن القرآن و یبدون له الاحترام،و قد أوجد مثل هذا الکلام أرضیة خصبة لبذر الاختلاف بین المسلمین سواء شاء قائله أم أبى، إضافة إلى ما یترکه من أثر على معتقدات المسلمین و مقدساتهم.

و الشبهة التی یشیعها هؤلاء هی أن الشیعة یعتقدون بتحریف القرآن و تغییر بعض آیاته، و یستندون إلى عدد من الروایات الموجودة فی کتب الشیعة.

و لا بد أن نعلم أن الجواب على هذه الشبهة یتضمن شقین جواب حلی و جواب نقضی[1]:

الجواب الحلی للشبهة: مع أن الکلام لا یدخل ضمن الإجابة على سؤالکم إلا أننا نقول أن أغلب علماء الشیعة یرفضون مثل هذه الروایات و یؤکدون على عدم وجود التحریف فی القرآن[2].

و أما الجواب النقضی للشبهة و هو ما تبحثون عنه فی سؤالکم فنقول فیه: إذا کانت مثل هذه الروایات موجودة فی کتب الشیعة، فهل أن کتب السنة خالیة و نقیة من مثل ما فی کتب الشیعة، فلا یمکن أن یوجه إلیهم أی إشکال أو نقد فی مسألة التحریف المزعوم وجوده عند الشیعة؟

و الجواب هو: إن امتناع علماء الشیعة من اتهام سائر المذاهب باعتقاد التحریف لا یعنی أنهم غیر قادرین على الإشارة إلى الأدلة و المستندات التی تثبت وجوده لدیهم.

و نقتصر هنا على نقل نص روایات موجودة فی صحیح البخاری الذی یعتبر عندهم «أخت القرآن» و یحظى بالمرتبة الأولى من الاعتبار لدیهم. و لکننا نوصی بالتزام هذا القدر من البحث و النقاش معهم، لأن الخوض فی مثل هذه الموضوعات لا یثمر إلا الاختلاف و التباعد، و إذا کان المقابل یتمتع بقدر من الإنصاف فإن واحدة من الروایات التی سنوردها تکفی للکف عن اتهام الشیعة بالقول بتحریف القرآن. و أما بالنسبة إلى الروایات:

1ـ «إن الله بعث محمداً (صلّى الله علیه و سلم) بالحق و أنزل علیه الکتاب فکان مما أنزل الله آیة الرجم فقرأناها و عقلناها و وعیناها رجم رسول الله (صلى الله علیه و سلم) و رجمنا بعده فأخشى إن طال بالناس زمان أن یقول قائل و الله ما نجد آیة الرجم فی کتاب الله فیضلوا بترک فریضة أنزلها الله و الرجم فی کتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال و النساء إذا قامت البینة أو کان الحبل أو الاعتراف»[3].

2ـ آیة الرجم و «ثم إنا کنا نقرأ فیما نقرأ من کتاب الله أن لا ترغبوا عن آبائکم فإنه کفر بکم أن ترغبوا عن آبائکم أو إن کفرا بکم أن ترغبوا عن آبائکم»[4].

و من الطریف ما ورد فی بعض کتب أهل السنة بخصوص آیة الرجم حیث لم یجد دلیلاً على الآیة قال: إن الآیة من جملة آیات سورة الأحزاب و قد کتبت على قرطاس و کانت فی بیت عائشة زوج النبی(ص) و قد أکلتها شاة تملکه عائشة لأنه لم یجد غذاءً آخر![5]

3ـ «دعا النبی (صلى الله علیه و سلم) على الذین قتلوا - یعنی أصحابه - ببئر معونة ثلاثین صباحاً حین یدعو على رعل و لحیان (و عصیة عصت الله و رسوله (صلى الله علیه و سلم)) . قال أنس فأنزل الله تعالى على نبیه (صلى الله علیه و سلم) فی الذین قتلوا - أصحاب بئر معونة - قرآناً قرأناه حتى نسخ بعد بلغوا قومنا فقد لقینا ربنا فرضی عنا و رضینا عنه»[6].

4ـ «سمعت عمر بن الخطاب رضی الله عنه یقول سمعت هشام بن حکیم بن حزام یقرأ سورة الفرقان على غیر ما أقرؤها و کان رسول الله (صلى الله علیه و سلم) أقرئنیها و کدت أن أعجل علیه ثم أمهلته حتى انصرف ثم لببته بردائه فجئت به رسول الله (صلى الله علیه و سلم) فقلت إنی سمعت هذا یقرأ على غیر ما أقرأتنیها فقال لی أرسله . ثم قال له اقرأ . فقرأ قال: هکذا أنزلت. ثم قال لی اقرأ. فقرأت فقال: هکذا أنزلت إن القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرؤوا منه ما تیسر»[7].

5ـ «حدثنی محمد أخبرنا مخلد أخبرنا ابن جریج قال سمعت عطاء یقول سمعت ابن عباس یقول : سمعت رسول الله (صلى الله علیه و سلم) یقول: لو أن لابن آدم مثل وادٍ مالاً لأحب أن له إلیه مثله و لا یملأ عین ابن آدم إلا التراب و یتوب الله على من تاب.

قال ابن عباس فلا أدری من القرآن هو أم لا، قال و سمعت ابن الزبیر یقول ذلک على المنبر»[8].

لقد اخترنا الروایات الخمس من أکثر کتب السنة اعتباراً و إلا فالکتب الأخرى زاخرة بمئات الروایات من هذا القبیل[9]. و إذا توخینا الدقة فی قراءة مشاهیر القراء من أهل السنة فسوف نجد العدید من الموارد التی یغیر القارئ فیها بعض الکلمات و الألفاظ القرآنیة بألفاظ أخرى و یعتبرون ذلک من اختلاف القراءات و مثال ذلک فی الآیة 58 من سورة العنکبوت حیث یستبدل الکثیر من القراء من أهل السنة لفظ «لنبوئنهم» بلفظ «لنثوینهم».

و قد التفت بعض علماء أهل السنة إلى أن هذه الآیات تنطوی على دلالة التحریف و لذلک کان سعیهم منصباً على إیجاد مخرج ینفی اسم التحریف عن هذه الروایات فابتکروا عبارات و تسمیات لذلک الغرض مثل عبارة «نسخ التلاوة» و «نسخ الحکم». و لکن سؤالنا هو: ما هو الدلیل مثلاً على أن التلاوة فی المورد الثالث نسخت، و أن حکمها لم ینسخ کما فی مفاد الآیة «ارجعی إلى ربک راضیة مرضیة»[10]؟ و هل یمکن أن نجد اسماً لهذا غیر التحریف؟! و ماذا عن اعتقاد الخلیفة الثانی فی بقاء حکم الرجم و تلاوته و تصمیمه على إعادة کتابة آیة الرجم فی خلافته و امتناعه خوفاً من الناس. فهل فی هذا ما یدل على أنه ما کان یعتقد بالتحریف؟!

و هل ما وجدوه فی کتب الشیعة یختلف عما أوردناه من کتب الصحاح، حتى یصح أن یکون مسوغاً للهجوم علیهم بلا إنصاف؟ و کیف یمکن حل مثل هذا التناقض؟!

و النتیجة هی: توجد روایات فی کتب أهل السنة و الشیعة فیما یتعلق بموضوع التحریف، و لکن المسلم أن الفریقین یعتقدان بصحة هذا القرآن المتداول بین المسلمین و الموجود فی کل بیت من بیوتهم سنة و شیعة، و أن العمل طبقاً لما جاء بین الدفتین هو الطریق إلى الهدایة و السعادة، و یجب أن یکون عاملاً أساسیاً ینتهی بنا إلى وحدة المسلمین لا التفرقة و التشرذم، و الصحیح أن یطرح هذا البحث فی حدود دائرة العلم و المعرفة و لا یتعدى إلى أبعد من ذلک فیستغل فی الصراع السیاسی و المذهبی.

و یمکن أن نورد روایات أحدهما من کتب الشیعة و الثانیة من کتب السنة وکلا الروایتین یدل على معنىً واحد.

1ـ «عن سفیان بن السمط قال: سألت أبا عبد الله (ع) عن تنزیل القرآن قال: اقرأوا کما عُلِّمْتُم»[11]

2ـ «سَمِعْتُ الْقِرَاءَةَ فَوَجَدْنَاهُمْ مُتَقَارِبِینَ ، اقْرَءُوا مَا عَلِمْتُمْ ، وَ إِیَّاکُمْ وَ التَّنَطُّعَ وَ الاِخْتِلاَفَ ، فَإِنَّمَا هُوَ کَقَوْلِ أَحَدِهِمْ هَلُمَّ وَ تَعَالَ وَ أَقْبَلْ.»[12]

و هذا موجود فی العدید من اللغات فقد توجد عدة ألفاظ یتداولها الناس فی محادثاتهم إلا أنها تدل على معنىً واحد.

و على هذا الأساس لا بد من القول: إن أکثر العلماء یذهبون إلى عدم وجود النقص و الزیادة فی آیات القرآن، أما إذا ما وجد بعض الأشخاص من الفریقین یقول ببعض التغییرات الجزئیة، فهذا رأی خاص بقائله، و لا یترک أی أثر أو ضرر بالنسبة إلى مجموع القرآن و لا یضر بصحة المصحف المتداول بین أیدی المسلمین.



[1]فی هذا المورد یکون الجواب الحلی هو الجواب الأساسی الذی لا ینظر إلى ما یقوله الطرف المقابل، و أما الجواب النقضی فیوجه فیه الکلام إلى المقابل، و یقال: إن لدیک مثل ما تنسبه إلینا فیواجهک الإشکال ذاته.

[2]إن أکثر مفسری الشیعة عقدوا أبواباً مستقلة فی معالجة مسألة عدم التحریف فی القرآن، و یمکن الرجوع إلى بعض هذه التفاسیر على سبیل المثال:

ألف: المیزان فی تفسیر المیزان، العلامة الطباطبائی، ج 12، ص 104.

ب . البیان فی تفسیر القرآن، آیة الله الخوئی، ص 195.

ج . التفسیر الأمثل، ناصر المکارم، ج 11، ص 18 و... .

[3]صحیح البخاری، ج 8، ص 113، دار الفکر، بیروت.

[4]المصدر نفسه، ج 8، ص 26.

[5]ابن الأثیر، النهایة فی غریب الحدیث، ج 2، ص...، مؤسسة إساعلیان، قم؛ ابن منظور، لسان العرب، ج 7، ص 33، دار إحیاء التراث العربی، بیروت، 1405، هـ ق.

[6]صحیح البخاری، ج 3، ص 204 و 208؛ ج5، ص44.

[7]المصدر نفسه، ج 3، ص 90.

[8]المصدر نفسه، ج 7، ص 175.

[9]و على سبیل المثال، ذکر المرحوم آیة الله الخوئی فی تفسیر البیان، ص 202 إلى 205 إثنی عشر روایة من کتب أهل السنة تشیر إلى التحریف، و ذلک بعد أن بیان عقیدة علماء الشیعة فی هذه المسألة.

[10]الفجر، 28.

[11]الکلینی، محمد بن یعقوب، الکافی، ج 2، ص 631، ح 15، دار الکتب الإسلامیة، طهران، 1365 هـ ش.

[12]البیهقی، السنن الکبرى، ج 2، ص 385، دار الفکر، بیروت.

س ترجمات بلغات أخرى