Please Wait
الزيارة
7015
محدثة عن: 2008/04/12
کد سایت fa542 کد بایگانی 1784
گروه التفسیر
خلاصة السؤال
لماذا وردت فی سورة الصافات المبارکة کلمة المخلصین بصیغة اسم المفعول؟ فهل أن اسم المفعول أفضل من اسم الفاعل، بمعنى أن الذین أخلصهم الله بنفسه هم وحدهم الذین لایهلکون؟
السؤال
فی سورة الصافات المبارکة ذکر الله تعالى و لمرّات متعددة عبارة (الاّ عباد الله المخلَصین) فلماذا أستعملت هذه الکلمة بصیغة اسم المفعول و لم تستعمل بصیغة اسم الفاعل؟ فهل أن اسم المفعول أفضل من اسم الفاعل فیکون المعنى أن الذین أخلصهم الله بنفسه هم وحدهم لایهلکون؟
الجواب الإجمالي

تتعرض سیاق الآیات التی هی مورد البحث فی سورة الصافات الى بیان مصیر الامم الماضیة التی عاقب الله أکثرها بسبب الشرک الاّ القلیل ممن طهرهم و أخلصهم لنفسه.[i]

و لیس من اللازم أن یکون المقصود من المخلَصین الأنبیاء فحسب, بل یشمل غیر الانبیاء, حیث ذکر بعد ذلک فی نفس هذه السورة قصة نوح (ع)، و من المسلٌم به أن الذین التحقوا معه فی السفینة و نجوا کانوا أناسا عادیین و لکنهم کانوا موحٌدین.

و کذلک فان اسم المفعول لا یکون دائماً أفضل من اسم الفاعل بل یختلف ذلک بحسب اختلاف الموارد المستعملة فی هذه الصیغة؛ فمثلاً الرازق (و هو اسم فاعل و صفة لله تعالى) مفضٌل على المرزوق لأن المرزوق صفة المخلوق، و صفة الخالق أفضل من صفة المخلوقات، و من هذا القبیل الخالق و المخلوق و...، لکن المخلِص هنا هو بمعنى الذی یُخلص، و المخلَص هو الذی جعلهم الله مخلَصاً و طاهراً بعد أن تجاوز محن المخلِصین, و لأجل ذلک فأن للمخلَصین مقاماً أرفع من مقام المخلِصین.



[i] . "فانظر کیف کان عاقبة المنذرین الاّ عباد الله المخلَصین".

الجواب التفصيلي

یشیر سیاق الاّیات مورد البحث الى الشرک و تکذیب آّیات الله من قبل الکفار, و الى العذاب الالهی الذی یتهدّدهم. یقول العلامة الطباطبائی (ره) فی ذیل الاّیات 73 ـ 74 من سورة الصافات: کلام مسوق لأنذار مشرکی هذه الامة بتنظیرهم للامم الهالکین من قبلهم فقد ضلّ أکثرهم کما ضلّ هؤلاء و أرسل إلیهم رسل منذرون کما أرسل منذر الى هولاء فکذبوا فکان عاقبة أمرهم الهلاک الاّ المخلصین منهم.[1]

اذن فالمراد من المخلَصین فی هذه الآیة لیس هو الانبیاء فقط، بل تشمل عباد الله المخلَصین أیضاً. و أن الذین یهلکون هم الذین یکونون مشرکین, حیث ذکرت قصة نوح (ع) و ابراهیم (ع) بعد ذلک فی هذه السورة نفسها و أن ماعدا القلیل منهم کانوا مشرکین فهلکوا.

و یرجع الفرق بین المخلِص و المخلَص الى الفرق بین معانیها فی هذه المادة (خَلَصَ) و لیس الى صیغة اسم الفاعل و اسم المفعول, أی انه لیس کلما وردت صفة بصیغة اسم المفعول فهی أرقى أو أفضل مما لو وردت بصیغة اسم الفاعل أو بالعکس, بل یعتمد ذلک على مادة الفعل؛ فمثلاً: الرازق (و هو اسم فاعل) هو من صفات الله و یشیر الى صفة ایصال الرزق، و المرزوق (و هو اسم مفعول) و هو صفة مخلوقات الله التی یرزقها الله تعالى, و من المسلم أن صفة الله أفضل من صفة المخلوقات، و کذلک الامر فی الخالق و المخلوق و... .

أما فی مادة (خَلَصَ) فالمخلِص؛ یعنی الذی یتصف بالاخلاص و یستعمل غالباً فی الموارد التی یکون فیها الانسان فی المراحل الأولى للتکامل و بناء الذات، أما المُخَلص فهو یشیر الى المراحل العالیة و ما بعد جهاد النفس، و هی تلک المرحلة التی یکون الشیطان فیها یائساً من النفوذ و الوسواس فیهم،[2] فهی بمعنى أُخلِص ( من قبل الله).

یقول الله تعالى نقلاً عن کلام الشیطان: «...لأغوینهم أجمعین إلاّ عبادک منهم المخلَصین»؛[3] أی أن قدرة الشیطان لا یمکنها أبداً أن تصل الى مخاصی الامة, و مع ان باقی الامة لیس فی هذه الدرجة و لکن لا یجزم ان یکون الاخرون ـ غیر المخلَصین ـ هالکین،فکم من اناس مخلِصین کثیرین یصلون الى الدرجات العالیة عن طریق السعی و جهاد النفس و تطهیرها من الرذائل، و أن قسماً منهم و بحسب قابلیاتهم، الله تعالی یطهرهم من القذارات المتبقیة و یصلون الى مقام المطهرین، و بالطبع ان الوصول الى هذه المرتبة إنما یکون بسبب الجهود المتواصلة فی طریق الاخلاص, و من جانب آخر فان الحکمة الالهیة لها تأثیرها ایضاً.



[1] .تفسیر المیزان، ج 17، ص 145.

[2] . شرح و تفسیر مفردات القراّن، شریعت مداری، ج 1، ص 715.

[3] . الحجر،40.