لقد جاءت عبارات القرآن متعددة و مختلفة بشأن أداء الصلاة منها القضاء، القیام، الإتیان، الإقامة، و بالتوجه إلى عبارة إقامة الصلاة یمکن استنباط معنىً أعلى و أدق من أدائها و الإتیان بها، و معنى الإقامة یوحی بإحیائها، و الحفاظ على حیاتها، و بمعنى آخر إضفاء العزة و إعطاء القیمة للصلاة فی المجتمع و بین أفراده.
وردت فی القرآن الکریم عدة تعابیر مختلفة فی مسألة فعل الصلاة و أدائها:
1ـ التعبیر بـ «قضاء الصلاة» کما فی قوله تعالى: «فَإِذَا قَضَیْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْکُرُوا اللَّهَ قِیَامًا وَ قُعُودًا وَ عَلَى جُنُوبِکُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِیمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ کَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِینَ کِتَابًا مَوْقُوتًا»[1]، و معنى قضاء الصلاة فی هذه الآیة الشریفة الانتهاء منها و ختامها باعتبارها عبادة فردیة.
2ـ کما وردت عبارة «القیام إلى الصلاة» کما فی قوله تعالى: «إِنَّ الْمُنَافِقِینَ یُخَادِعُونَ اللَّهَ وَ هُوَ خَادِعُهُمْ وَ إِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا کُسَالَى یُرَاءُونَ النَّاسَ وَ لا یَذْکُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِیلاً»[2] و فی هذه الآیة فإن المراد من القیام إلى الصلاة الاستعداد و التهیؤ للدخول فیها بعنوانها عبادة فردیة.
3ـ کما وردت عبارة «الإتیان بالصلاة» کما فی قوله: «وَ مَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ کَفَرُوا بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ وَ لَا یَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَ هُمْ کُسَالَى وَ لَا یُنْفِقُونَ إِلَّا وَ هُمْ کَارِهُونَ»[3] و فی هذه الآیة أیضاً فإن المراد بالإتیان التهیؤ للدخول فیها باعتبارها عبادة فردیة.
4ـ التعبیر «بإقامة الصلاة» کما فی قوله: «الَّذِینَ یُقِیمُونَ الصَّلَاةَ وَ یُؤْتُونَ الزَّکَاةَ وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ یُوقِنُونَ»[4].
یقول المفسرون فیما یتعلق بـ «إقامة الصلاة»: إن هذا التعبیر أبعد و أعلى من أداء الصلاة من قبل کل فرد مسلم باعتبارها تکلیف شخصی، و إشارة إلى المؤمنین لم یکتفوا بأن یؤدوا تکلیف الصلاة، و إنما یسعون بالعمل و الجد إلى جعل هذه العلاقة القویة بین العبد و ربه قائمة فی کل زمانٍ و مکان[5].
فقد جاء فی تفسیر المیزان: « الإقامة جعل الشیء قائما أی جعله بحال یترتب علیه جمیع آثاره بحیث لا یفقد شیئا منها کإقامة العدل و إقامة السنة و إقامة الصلاة و إقامة الشهادة، و إقامة الحدود، و إقامة الدین و نحو ذل.»[6]. و کما نقرأ فی زیارة الإمام الحسین (ع): «أشهد أنک قد أقمت الصلاة» فإقامة الصلاة هنا بمعنى إحیائها، و لیس أدائها و حسب، بل العمل من أجل جعل هذه الصلة بین العبد و ربه قویة و قائمة فی کل زمان و مکان. والجدیر بالذکر ان لقرآن کلما جاء استعمل الصلاة بمعنى الاقامة او الاداء فانه یقرنها بالمصلین.[7] و على هذا الأساس فإقامة الصلاة فیه معنى أعلى و أسمى من أدائها و قراءة نصوصها بشکل فردی. و بعبارة أخرى فإن المعنى یشمل إحیاءها و إضفاء العزة و الجلالة علیها فی أوساط المجتمع و بین أفراده.