Please Wait
الزيارة
7317
محدثة عن: 2012/03/13
کد سایت ru19442 کد بایگانی 25493
گروه التفسیر,الکلام القدیم
التسميات الموتى|التوسل|العلاقة|عرض الاعمال|الائمة الاطهار
خلاصة السؤال
كيف نبرر عقيدة التوسل في الاسلام مع الاخذ بنظر الاعتبار عجز الموتى عن السماع؟
السؤال
مع الاخذ بنظر الاعتبار عجز الموتى عن السماع الذي تقره الآية المباركة " و ما انت بمسمع من في القبور" كيف نبرر عقيدة التوسل في الاسلام؟
الجواب الإجمالي

1. صحيح أن الآية المذكورة و ما سبقها من الآيات تشير الى انتفاء علاقة الموتى بعالم الدنيا، لكن المتأمل فيها يرى انها كانت تتحدث عن عدم إدراك الموتى بالشكل الطبيعي و الاعتيادي، الا انه من الممكن و تحت شروط خاصة ان تنعقد العلاقة بين الميت و عالم الدنيا و هذا ما دلت عليه الآيات و الروايات الاخرى التي تتحدث عن مخاطبة كل من النبي الاكرم و أمير المؤمنين (صلوات الله عليهما) للموتى في بدر و بعد معركة صفين، و كذللك تلقين الميّت، فكل ذلك يكشف لنا عن وجود تلك العلاقة في ظروف خاصّة و غير عاديّة، حيث إنّ اللّه سبحانه مكّن حديث الرّسول و الامام (ص) في تلك الحالة من الوصول إلى أسماع الموتى.

2. إنما يرد الاشكال فيما اذا ساوينا بين الرسول الاكرم (ص) و الائمة الاطهار (ع) من جهة و بين سائر الناس من جهة أخرى، و قلنا: كل حكم يسرى على سائر الناس فهو جار عليهم السلام، فحينئذ لما كان الارتباط بعامة الناس غير ممكن بعد الموت فكذلك هو غير ممكن بالنسبة الى الانبياء و الائمة (عليهم السلام)، و لا يمكن حينئذ حل اشكالية التوسل المطروح في متن السؤال. و لكن عندما نرجع الى المصادر الحديثية و آيات الذكر الحكم نراها تجعل للمعصومين (ع) ميزة خاصة، و أن شأنهم (صلوات الله عليهم) ليس كشأن سائر الناس، بل هناك فروق معنوية تؤهلهم لمواصلة العلاقة مع الدنيا حتى بعد الموت، و يمكن من خلالها الاجابة عن الاشكالية المطروحة من جهة و يمكن للمتوسل الانطلاق منها للتوسل بهم الى الله تعالى في قضاء حوائجه.

انظر الشواهد في الجواب التفصيلي.

الجواب التفصيلي

جاء في آيات الذكر الحكيم " وَ ما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَ لاَ الْأَمْواتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشاءُ وَ ما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِی الْقُبُور".[1]

و يمكن الاجابة عن التساؤل المطروح من خلال النقاط التالية:

1.المراد من الآية المباركة:  كيف يقول تعالى في القرآن الكريم مخاطبا الرّسول (ص): "وَ ما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ"؟ مع أنّه جاء في الحديث المعروف أنّ الرّسول الأكرم (ص) خاطب صناديد قريش الذين قذفوا في طويّ[2] من أطواء بدر خبيث مخبث، يناديهم بأسمائهم و أسماء آبائهم: يا فلان بن فلان و يا فلان بن فلان أ يسّركم أنّكم أطعتم اللّه و رسوله؟ فإنّا قد وجدنا ما وعدنا ربّنا حقّا فهل وجدتم ما وعد ربّكم حقّا؟ أو ما ورد في آداب دفن الموتى من تلقينهم عقائد الحقّ؟.

فكيف يمكن التوفيق بين هذه الأمور و الآيات مورد البحث أعلاه؟.

يتّضح الجواب عن هذا السؤال إذا أخذنا بنظر الإعتبار ما يلي: إنّ الحديث في الآيات كان حول عدم إدراك الموتى بالشكل الطبيعي و الاعتيادي، أمّا الرواية التي ذكرناها أو تلقين الميّت فإنّما ترتبط بظروف خاصّة و غير عاديّة، حيث أنّ اللّه سبحانه مكّن حديث الرّسول (ص) في تلك الحالة من الوصول إلى أسماع الموتى.

و بتعبير آخر فإنّ الإنسان في عالم البرزخ ينقطع ارتباطه مع عالم الدنيا، إلّا في الموارد التي يأذن اللّه فيها أن يوصل هذا الارتباط، و لذا فإنّنا لا نستطيع عادة الاتّصال بالموتى في الظروف العادية.[3]

2. التوسل عقيدة صحيحة لا تنبع من فراغ: اذا ساوينا بين الرسول الاكرم (ص) و الائمة الاطهار (ع) من جهة و بين سائر الناس من جهة أخرى، و قلنا: كل حكم يسرى على سائر الناس فهو جار عليهم السلام، فحينئذ لما كان الارتباط بعامة الناس غير ممكن  بعد الموت فكذلك هو غير ممكن بالنسبة الى الانبياء و الائمة (عليهم السلام)، و لا يمكن حينئذ حل اشكالية التوسل المطروح في  متن السؤال. و لكن عندما نرجع الى المصادر الحديثية و آيات الذكر الحكم نراها تجعل للمعصومين (ع) ميزة خاصة، و أن شأن النبي الاكرم (ص) و الائمة الاطهار (ع) ليس كشأن سائر الناس، بل هناك فروق معنوية، يمكن ان تكون منطلقا للاجابة عن الاشكالية المطروحة، من قبيل:

1. يؤكد القرآن إستمرارية حياة طائفة من الناس بعد الموت، كما في قوله تعالى " وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذينَ قُتِلُوا في‏ سَبيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُو ن".[4] فلا تعتقدوا فيهم الفناء و البطلان كما يفيده لفظ الموت عندكم.[5]

2. ورد في بعض الروايات أن اعمال المسلمين تعرض على النبي الاكرم (ص) و الائمة الاطهار (ع)، كما ورد في الكافي وغيره باب عرضِ الأَعمال على النَبيِّ (ص) و الأَئمَّة (ع).[6] و هذا المعنى لا ينسجم الا مع القول بحضورهم و اشرافهم (ص) و وجود العلاقة بينهم و بين عالم الدنيا.

3. ورد في بعض الاحاديث الشريفة أن النبي الاكرم (ص) و الائمة الاطهار (ع) يسمعون كلال الزائر و يردون سلامه و يقضون حوائجه بإذن الله تعالى.[7]

4. الجدير بالملاحظة أنّنا مأمورون بالسلام على الرّسول )ص( في التشهّد الأخير للصلوات اليومية، و هذا إعتقاد المسلمين عامّة، أعمّ من كونهم شيعة أو سنّة، فكيف يمكن مخاطبة من لا يمكنه السماع أصلا.[8]

5. كذلك وردت روايات متعدّدة في صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري و أبي هريرة، عن الرّسول (ص) أنّه قال: «لقّنوا موتاكم لا إله إلّا اللّه»[9] و هل ينسجم ذلك مع انكار سماع الموتى للكلام؟![10]

6. كذلك وردت الإشارة في نهج البلاغة إلى مسألة الارتباط مع أرواح الموتى، فعند ما كان أمير المؤمنين صلوات اللّه و سلامه عليه راجعا من صفّين أشرف على القبور بظاهر الكوفة و قال مخاطبا اهل القبور:  «يا أهل الديار الموحشة ... إلى أن قال: أما لو أذن لهم في الكلام لأخبروكم أنّ خير الزاد التقوى».[11]

تحصل: ان القضية ليست كما وردت في متن السؤال و ان ليس كل من يموت تنقطع علاقته بالدنيا انقطاعا تاماً، بل هناك من تبقى له نوع علاقة – و فقا لشروط خاصة- مع عالم الدنيا، و بعض هؤلاء تستمر علاقته مع الدنيا حتى بعد موته كالنبي الاكرم (ص) و الائمة الاطهار (ع)، و منهم من يرتبط بعالم الدنيا ارتباطا مؤقتاً. من هنا تصبح ظاهرة التوسل بالمعصومين (ع) مسألة طبيعية جداً لا تتضاد مع أي مسلمة من مسلمات الدين الحنيف.

لمزيد الاطلاع انظر:

«التوسل في القرآن و السنة»، سؤال 2032 (الموقع: 2265).

«فلسفۀ التوسل بأهل البیت (ع)»، سؤال 1321 (الموقع: 1316).

«القدرة الالهية و الاسباب و المسببات»، سؤال 12513 (الموقع: 12326)

 


[1] فاطر، 22

[2] البئر.

[3] مكارم الشيرازي، ناصر، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج‏14، ص: 63- 64، نشر مدرسة الامام علي بن ابي طالب (ع)، قم، الطبعة الاولى، 1421هـ.

[4] آل عمران، 169.

[5] الطباطبائي، محمد حسین، المیزان في تفسیر القرآن، ج 1، ص 347، مكتب الاعلام الاسلامي، قم، الطبعة الخامسة، 1417 ق.

[6] الكليني، محمد، الکافي، ج 1، ص 219 و 220، دار الکتب الاسلامیة، طهران، الطبعة الرابعة، 1407 ق؛ الصفّار، محمد، بصائر الدرجات في فضائل آل محمد (ص)، ج 1، ص 427 - 430، مکتبة آیة الله المرعشي النجفي، قم، الطبعة الثانية، 1404 ق.

[7] انظر: البحراني، سید هاشم، مدینة معاجز الائمّة الاثني عشر، ج 2، ص 221، مؤسسة المعارف الاسلامیه، قم، الطبعة الاولى، 1413 ق؛ ابن شاذان القمي،

ابوالفضل، الفضائل، ص 99، مكتبة الرضي، قم، الطبعة الثانية، 1363 ش؛ النوري، حسین، مستدرک الوسائل و مستنبط المسائل، ج 10، ص 345، مؤسسة آل البیت علیهم السلام، قم، الطبعة الاولى، 1408 ق.

[8] الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج‏14، ص: 64.

[9]  صحيح مسلم، كتاب الجنائز، حديث 1 و 2( المجلّد 2، صفحة 631) نقلا عن تفسير الامثل.

[10] انظر: الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج‏14، ص: 64.

[11] نفس المصدر؛ و انظر: نهج البلاغة، الكلمات القصار، جملة 130.