لا متناهیة الله سبحانه لیست بالمعنی الریاضی و العددی للکلمة، بل هی بمعنی کونه مطلقاً و کونه حائز أعلی تمام الکمالات، معرفة الله الواحد الأحد بعنوانه أکمل ذات و بأکمل الصفات، و منزّه من کل نقص و عیب و کذلک معرفة علاقته بالوجود و هی الخلق و البقاء و الفیّاضیة و العطف و الرحمة، یُوجد فی أنفسنا ردّ فعلٍ یُعبّر عنه بالعبادة و العبادة هی نوع علاقة خضوع و ثناء و شکر یعقدها العبد مع ربّه و هذه العلاقة لا یمکن إیجادها إلا مع الخالق و لا تصدق إلا معه.
فالإنسان یتمتّع بامتیاز خاص واحد ألا و هو أن واقعیته واقعیة إلهیة، ففطرة البشر تطلب الله؛ و من هنا فسعادته و کماله و نجاته و خیره و صلاحه و فلاحه تکمن فی معرفة الله و عبادته و الحصول علی طریق بساط قربه و سیر الکمال یتحقق بمراتب مختلفة من المعرفة. و لکن عدم معرفة ذات الله المتعالیة لکونه مطلقاً لا یتنافی مع عبادته.
لا متناهیة الله سبحانه لیست بالمعنی الریاضی للکلمة حتی تکون مبهمة، بل هی بمعنی کونه مطلقاً و حائزاً علی تمام الکمالات. و دلیل عدم قدرة العقل البشری علی معرفة الله سبحانه هو إن الأشیاء تُعرف بالنقطة المقابلة و المخالفة لها "تعرف الأشیاء بأضدادها". فإذا لم یکن لشیء نقطة مقابلة أو ضد لا یمکن للبشر أن یدرک وجوده و إن لم یکن مخفیّاً بل فی کمال الظهور.
و من جهة اخری فغیر المحدود، نعنی به الموجود الذی لیس له أیّ حد و نهایة و عدم الحد و النهایة بمعنی کون وجوده مطلقاً، و لکلمة المطلق استعمالات مختلفة أحدها المطلق فی مقابل المقیّد، فحین یعطی لموجود ما صفة المطلق یُفصل عنه کل حد و قید و یعبّر عنه باللامحدود.
ولاشک ان الاحاطةبالذات الإلهیة المتعالیة غیر متیسّرة لنا، لکن العقل البشری یمکنه ادراک عدة أمور منها:
أولاً أن کل الموجودات محتاجة فی وجودها إلی العلة و طبقاً لقاعدة إستحالة الدور و التسلسل، یتحتّم علی هذه العلة أن تُختم بموجود هو نهایة الوجود و لا یحتاج إلی علة توجده، و لازم هذه النتیجة هو کون هذا الوجود فی أعلی المراتب الوجودیة حتی یمکنه أن یکون علة لکل الموجودات ماعداه. إذن لا متناهیة وجود الواجب المتعال بمعنی کونه حائزاً علی أعلی المراتب الوجودیة.
لذا فمعرفتنا أولاً تتعلق بوجود الله الذی نعرفه بأنه أعلی المراتب الوجودیه و ثانیاً أن نعرف بأن هذا الوجود -و بهذه الخصوصیات- له کل الکمالات و منزه من کل حد و نقص ینافی الذات الوجودیة له، کما یصرّح القرآن بأن الله سبحانه "لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنى"[1] "ِ وَ لَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْض". [2]
لذلک فهو حیّ و قادر و علیم و مرید و رحیم و هاد و خالق و حکیم و غفور و عادل و لیس هناک أی صفة کمالیة لا یتصف بها، و هذا هو معنی کونه مطلقاً. بهذه المقدمات نصل إلی هذه النتیجة و هی إن معرفة الله الواحد الأحد بعنوانه أکمل ذات و بأکمل صفاتٍ، و منزّه عن کل نقص و عیب و کذلک معرفة علاقته بالوجود و هی الخلق و البقاء و الفیاضیة و العطف و الرحمة، یُوجد فی أنفسنا ردّ فعلٍ یُعبّر عنه "بالعبادة". و العبادة هی نوع علاقة خضوع و ثناء و شکر یعقدها العبد مع ربّه و هذه العلاقة لا یمکن للإنسان إیجادها إلا مع خالقه و لا تصدق إلا معه. [3]
و من جهة اخری نجد أن فطرة البشر تطلب الله سبحانه، و من هنا فسعادته و کماله و نجاته و خیره و صلاحه و فلاحه تکمن فی معرفة الله و عبادته و سلوک طریق قربه [4] و هذا السیر الکمالی یتحقّق بهذا المقدار من المعرفة. لکن لاتناهی ذات الله المتعال وعدم محدودیة هذا الوجود المطلق لا تجعله مبهما ولا تُسقطه عن الإلوهیة و قابلیته للعبادة.