Please Wait
الزيارة
10187
محدثة عن: 2010/04/24
کد سایت fa8059 کد بایگانی 25048
گروه النظری,مناقب و ویژگی ها
التسميات الولاية|النبوة|الحقيقة المحمدية
خلاصة السؤال
ما المراد من الحقيقة المحمدية؟
السؤال
ما المراد من حقيقة النور المحمدي التي تطرح كثيراً في مباحث العرفان النظري؟
الجواب الإجمالي

الحقيقة المحمدية من مفردات العرفان الاسلامي؛ و يعنون بذلك أن الحقيقة المحمدية تمثل التعين الاول للاعيان الثابتة و التي تقف على رأس جميع " الاعيان الثابتة" التي تحققت من خلال التجلي الالهي الاكمل، و من تلك الحقيقة تفاض كافة العوالم الاخرى، و من هنا يطلق عليها أيضا عنوان "حقيقة الحقائق". و هذا المفهوم مستل من الروايات الكثيرة التي تؤكد بان النور المحمدي يعد أفضل المخلوقات و أنه يقف على هرم التقرب من الحق تعالى.

و تضرب هذا الفكرة بجذورها في أعماق العرفان الاسلامي و خاصة العرفان النظري لابن عربي التي مثلت فكرة الحقيقة المحمدية إحدى أساسيات منظومته العرفانية.

الجواب التفصيلي

الحقيقة المحمدية من مفردات العرفان الاسلامي؛ و يعنون بذلك أن الحقيقة المحمدية تمثل التعين الاول للاعيان الثابتة و التي تقف على رأس جميع " الاعيان الثابتة" و التي تحققت من خلال التجلي الالهي الاكمل و المتمثلة بالاسم الاعظم و جامع الاسماء الحسنى للحق، و من تلك الحقيقة تفاض على كافة العوالم الاخرى و جوداتها، و قد يطلق  عليها أيضاً عنوان حقيقة الحقائق. و يعتقد العرفاء بان الحقيقة المحمدية تتمظهر – بنحو عام- في الانسان الكامل، و ان ( النبي و الرسول و الولي) تعتبر من مظاهر تلك الحقيقة في العالم السفلي و أنها تجلت باسمى صورها في شخصية الرسول الاكرم (ص).[1]

و هناك الكثير من الروايات التي تدور حول هذا المحور و التي كان لها الأثر الكبير في انطلاقة التسمية "الحقيقة المحمدية"؛ و ذلك لان وجود النبي الاكرم (ص) ينظر اليه من زاويتين، الزاوية الخلقية الظاهرية و الزاوية الباطنية الحقة، و أنه الاقرب الى الحق تعالى، الأمر الذي أعجز العقول عن معرفته حقيقة كماله (ص)، منها:

1- «لي معَ اللّهِ وقت لایسَعُني فیه مَلَكٌ مقرّب و لا نبيٌ مرسل»[2] و في روایة أخری: «لایسَعُني فیه غیرُ ربي».

2- «انا سید وُلْدِ آدمَ و لا فخرَ»[3].

3- «آدمُ و مَنْ دونَه تحتَ لوائي»[4].

4-  «اوّلُ ما خَلَق اللّه نوري»[5].

و هناك روايات كثيرة أخرى تحمل مضامين مشابهة و تلك الدالة على سابقيته (ص) على سائر المخلوقات، و في بعضها أشارة الى اتحاد نور علي (ع) مع نوره (ص).[6]

إنطلاقا من ذلك يكون وجود النبي الاكرم (ص) و الحقيقة المحمدية من اوضح الادلة على وجود الحق تعالى؛ لانها تمثل أجلى آية من آيات الحق تعالى الدالة عليه سبحانه.

و يمكن القول بان الحقيقة المحمدية هي البعد الغيبي للرسول الاكرم (ص) و التي يعبّر عنها أحياناً بباطن النبوة، فيقال: بان الولاية باطن النبوة. و في الحقيقة أن الولي اسم من اسماء الله تعالى، و الولاية عبارة عن الوجهة نحو الحق تعالى و الفناء في ذاته و البقاء به، و النبوة عبارة عن الوجهة الاخرى لهذه الحقيقة لكنها وجهة نحو الخلق، فهي مؤقته و مقطعية.

من هنا نرى العرفاء يذهبون الى القول بان جميع الانبياء من آدم و صولا الى عيسى (عليهم السلام) كلهم يمثلون مظاهر تلك الحقيقة؛ و لكن الصورة الاكمل لتلك الحقيقة تجلت في شخص النبي الاكرم (ص).

و قد مثل الوصول الى هذه الحقيقة و الاتصال بها الهدف الأسمى للعرفاء المسلمين، و أكملها تلك النظرة التي تنطلق من الاعتقاد بولاية الائمة المعصومين (ع) فانه و فقا لعرفاء هذا الاتجاه إن الحقيقة المحمدية بعد رحيله (ص) تجلت في علي و الأئمة من ولده (ع) و من بعدهم يرثها العرفاء من السائرين على نهجهم.

و لقد أشارة العرفاء الى هذه الحقيقة في الكثير من كلماتهم و اشعارهم نقتطف منها ما ذكره الشيخ محمود شبستري:

إن نور النبي هو الشمس العظمى التي تجلت تارة في شخص موسى و أخرى في آدم، و من نوره انتشر نور الولاية فاتحدت المشارق مع المغارب، و وجود الاولياء بالنسبة له كالعضو فهو الكل و هم الاجزاء[7].

و يمكن القول بان العارف الشهير ابن الفارض يعد من أوائل العرفاء الذين تكلموا في الحقيقة المحمدية، حيث جاء في تائيته المعروفة على لسان الحقيقة المحمدية:

و إني و ان کنت ابن آدم صورة        فلي منه معنی شاهد بابوتي

و في المهد حزب الانبیاء و المناصر   لوحي المحفوظ و الفتح صورتي

و قبل فصالي دون تکلیف ظاهري     ضمنت بشرعي الموضحي کل شرعة[8]

و من بعده جاء دور ابن عربي حيث توسع في تسليط الاضواء على هذه القضية  حتى اعتبر القول بالحقيقة المحمدية من اساسيات فكره العرفاني؛ و إن كان هناك الكثير من العرفاء ممن أشار الى الحقيقة المحمدية أيضا و لكن بالفاظ و تعابير مختلفة.

علما أنه من غير الممكن  ادراك الحقائق الباطنية و الغيبية للنبوة و الإمامة من دول المعرفة التامة بالحقيقة المحمدية و حقيقة الانسان الكامل الذي يعد ظرفا لتلك الحقيقة.

نكتفي بهذا المقدار من البحث و نرشد القارئ الى مطالعة المصنفات العرفانية و خاصة مصنفات العارف ابن عربي.

 


[1] دانشنامه جهان اسلام، نشر بنیاد دائره المعارف اسلامی ، ذیل حرف ح.

[2]   المجلسي ، محمد باقر ، بحار الانوار، ج18، ص 360 ، موسسه الوفاء، بیروت

[3]  نفس المصدر، ج4، ص 198.

[4]  نفس المصدر، ج 16، ص 403.

[5]  نفس المصدر، ج 1، ص 97.

[6] من قبیل قوله (ص): " خلقت انا و علي من نور واحد"،  الامالي للصدوق ، ص 236، المکتبة الاسلامیة.

[7] مقدمة مشارق الدراري، جلال الدین الآشتیاني، ص 33، نشر مکتب الاعلام الاسلامي.

[8]  ابن الفارض، دیوان ابن الفارض، ص 73، دارالکتب العلمیه ، بیروت.