فی مقام الجواب نذکر خلاصة محاضرة الاستاذ هادوی الطهرانی فی هذا الخصوص، حیث أشار فیها الى التوجه البشری الى الدین فی هذا العقود الاخیرة، بالرغم من الحرکة الجادة لاقصاء الدین و على رأس الاحداث التی تمثل حالة الرجوع الى الدین قیام الجمهوری الاسلامیة. کما قامت مجموعة من المحاولات للحوار و اقامة المؤتمرات الحواریة خاصة بین الدیانتین المسیحیة و الاسلامیة، الا انه لم تصل الى الهدف المنشود، لوجود مجموعة من العقبات الموجودة فی هذا الطریق، من قبیل: عدم الاهتمام الحقیقی بالنقاط المشترکة الموجودة بین هاتین الدیانتین. و عدم امتلاک الوعی اللازم لمعرفة مدى أهمیة نتائج هکذا حوار بین هاذین الدینین. وجود النظرة التقلیدیة الغیر متجددة و الحاکمة و المهیمنة على فکر کل دین بالنسبة إلى الآخر. من العقبات الأخرى التی تقف فی طریق هکذا حوار، هو وجود بعض القوى الاستکباریة و التی تسعى إلى حدوث صراع بین الأدیان، و ... ثم أشر سماحته الى مقاطع من کلام بندیکت السادس عشر التی مس فیها بقداسة النبی الاکرم (ص) ورد علیها سماحته. لمزید التفصیل راجع الجواب التفصیلی.
للإجابة عن هذا السؤال، ارتأینا أنه من المناسب أن نطلعکم على محاضرة الأستاذ هادوی الطهرانی[1] فی هذا المجال.
نرى فی القرن المیلادی الحاضر أن هنالک توجهاً واضحاً نحو الدین و التدین، و بالرغم من أنه قد تمت محاولات عدیدة فی القرن الماضی لإهمال الدین و التخلی عنه، و لکن الفشل المستمر لجمیع هذه المحاولات و ظهور بعض الحرکات الدینیة( و على رأسها الثورة الإسلامیة فی إیران و التی أدت بدورها إلى تشکیل جمهوریة إسلامیة)، جمیعها أدت إلى أن یجرب الإنسان المعاصر تغییرات و تحولات کبیرة و واضحة؛ و ان یحول هذا الإنسان من إنسان ملحد کان یصر على الإلحاد و رفض الدین إلى إنسان یحب الدین و یمیل إلى التدین، و کذلک یتحول إلى إنسان یسعى وراء الأمور المعنویة و الحقائق الأخرویة.
و لهذا السبب نرى أن الحوار بین جمیع الأدیان أو بعضها قد إزدهر و انتعش، و قد أقیمت مؤتمرات عدیدة فی هذا المجال. کالمؤتمر للحوار بین علماء الأدیان فی سنة 2002 میلادیة فی تایلند، و البرلمان الدولی للأدیان فی أسبانیا سنة 2003 میلادیة، و المؤتمر الأدیان العالمیة فی کازاخستان فی سنة 2003 و أخیراً[2] مؤتمر الأدیان الإبراهیمیة و الذی یتعلق بالحرب و الصلح فی سنة 2006 فی بریطانیا.
و لکن بالرغم من هذا الجهد المتواصل و السعی الکبیر للحوار بین الأدیان و بالخصوص بین الإسلام و المسیحیة باعتبارها آخر الأدیان الإبراهیمیة. توجد لحد الآن معضلات و عقبات أمام الحوار البنّاء بین هاتین الدیانتین، و سنشیر إلى بعض هذه العقبات:
1- عدم الاهتمام الحقیقی بالنقاط المشترکة الموجودة بین هاتین الدیانتین کالنقاط المشترکة التی أشار إلیها القرآن الکریم: " قل یا أهل الکتاب تعالوا إلى کلمة سواء بیننا و بینکم ألا نعبد إلا الله و لا نشرک به شیئاً و لا یتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله....." [3]، فلاشک أنه توجد نقاط مشترکة کثیرة بین الإسلام و المسیحیة فی مجال العقیدة و الأخلاق، و کذلک یمکن أن یکون هنالک تعاون فاعل بین هذین الدینین لإدارة المجتمع البشری للوصول إلى السلام و الأمن العالمیین، و ان هذا التعاون یجب أن یکون من جانب فی إطار التوحید باعتبار رکناً أساسیاً، ومن جانب آخر أن لا یدعی أی طرف من الاطراف السیادة على الطرف الآخر، و ان هاتین الخصوصیتین لا تتوفران فی عالم الیوم، حیث غفلت البشریة عن مسالة التوحید، و انّ تجاوز و اعتداء القوى الکبرى على المستضعفین أصبح من الأمور الاعتیادیة، حیث یمکن مشاهدة هذه الحالة بشکل واضح فی مسالة المشروع النووی الإیرانی.
2- عدم امتلاک الوعی اللازم لمعرفة مدى أهمیة نتائج هکذا حوار بین هاذین الدینین، لان هذا الحوار یمثل جسراً للتواصل و الفهم الدقیق و العمیق لهذین الدینین، و کذلک یؤدی إلى اتساع مساحة القدرات العلمیة و العملیة لهذین الدینین عن طریق البحوث و الدراسات المقارنة فی المجالات العقائدیة و الأخلاقیة المختلفة. و ان النتیجة الحتمیة لهذا التعارف هو الوصول إلى مقترحات واضحة و جلیة لتعایش السلمی و التعاون البناء بین أتباع هذین الدینین و إطفاء شعلة الصراع الفکری و الاقتصادی و الوصول إلى جوٍّ من الأمان و الاستقرار لتطویر البشریة على المستوى الفکری و العملی فی آخر المطاف.
3- وجود النظرة التقلیدیة الغیر متجددة و الحاکمة و المهیمنة على فکر کل دین بالنسبة إلى الآخر، و ان کثیراً من نتائج هذه النظرة التقلیدیة للآخر مستندة و مبتنیة على دراسات و بحوث لا تستند إلى المصادر الحقیقیة الأصیلة، أو تستند إلى أقوال باطلة غیر صحیحة، بالشکل الذی یؤدی هذا الأمر فی أکثر الموارد إلى الحصول على نتائج عکسیة و غیر صحیحة مما یؤدی هذا الأمر بدوره إلى سوء الظن و الحکم بالباطل على الطرف الآخر.
4- من العقبات الأخرى التی تقف فی طریق هکذا حوار، هو وجود بعض القوى الاستکباریة و التی تسعى إلى حدوث صراع بین الأدیان. إن قادة هذه القوى الاستکباریة یسعون إلى تامین مصالحهم و مآربهم عن طریق هذا الصراع، حیث انه من المؤکد أن نشوب الصراعات یتطلب أن یکون هنالک خلافات جذریة و عمیقة و أهم هذه الجذور تتواجد فی الخلافات العقائدیة. لذلک تصر هذه القوى على تعمیق هذه الخلافات. و أن الرسوم الکاریکاتیریة التی تنشر بین حین و آخر فی الدنمارک هی من ابرز مصادیق هذه المؤامرة العالمیة التی تقوم بها هذه القوى الاستکباریة و لا یوجد هنالک تفسیر آخر لهذه الاقدامات التی تحدث فی الدنمارک. و هذا الجهل الکبیر المتمثل بهتک حرمة أعظم و أفضل شخصیة إلهیة عرفها التاریخ البشری و هو الرسول الأکرم )ص) و قد اختیرت الدنمارک للقیام بهذه الجریمة الشنیعة لان علم الدانمارک یحمل علامة الصلیب. و أولئک کانوا یعلمون جیداً أن ردة الفعل للمسلمین سوف تؤدی الى حرق العلم الدانیمارکی، و من هنا تتوفر لهم الفرصة لاستغلال هذا الحدث و تفسر ذلک بأن – أی حرق العلم الدانیمارکی- یعد هتکا لحرمة الصلیب الذی علیه!! مما یخلق ردة فعل لدى المسیحیین ضد المسلمین. و لقد أشرت إلى هذه الملاحظة عند لقائی بابا الفاتیکان بندیکت السادس عشر قبل 8 أشهر، و طلبت منه أن ینتبه إلى هذا المخطط الشیطانی و ان یوضح الأمر لأتباعه و یفهمهم أن حرق العلم الدانیمارکی لا یقصد منه إهانة الصلیب بل هی حرکة سیاسیة ضد الدولة التی تم فیها إهانة الرسول الأکرم (ص( عن طریق هذه الرسوم. و أحد مصادیق هذه المؤامرات هو إحداث 11 سبتمبر، حیث من خلال تتبع الشواهد الکثیرة اتضح لنا انه کانت هنالک خدعة و مؤامرة فی هذه الحادثة، حیث دمرت بالکامل فی هذه العملیة الطائرات المبنیین التوأمین لمرکز التجارة العالمین و کان الهدف من هذه العملیة هو توسیع دائرة الصراع مع الإسلام و المسلمین و إحیاء الحروب الصلیبیة کما أشار إلى ذلک الرئیس الأمریکی فی ذلک الحین. کما اعتقد أن العمل الذی قام به البابا أخیراً هو احد مصادیق المؤامرة ضد الأدیان، فهو قبل 8 أشهر من هذا الخطاب [4] بل قبل شهر واحد من هذا الخطاب، أکد على أهمیة الحوار بین الأدیان و على الخصوص بین الإسلام و المسیحیة، و قد اصدر بیانا حول مؤتمر الحوار بین الإسلام و المسیحیة فی اسیزی، فإذن لماذا غفل عن هذه المواضیع لیشیر إلى أمور تتنافى مع منزلته.
5- العقبات و الموانع الناشئة من عدم العلم بحقائق کل من الدینین، توجد أمثلة کثیرة على هذا الموضوع، و من الممکن أن یکون أهم هذه الأمثلة هو خطاب البابا، وسأشیر إلى البعض منها فی هذا الخطاب:
أ- الخلط بین مفهوم (الجهاد) و الذی هو مصطلح إسلامی و الحرب المقدسة التی قامت فی التاریخ المسیحی، یقول البابا فی وصف الجهاد الاسلامی:" قد بدأ الإمبراطور موضوع الجهاد أو الحرب المقدسة". إن الجهاد هو السعی لإزالة الموانع من أمام طریق الهدایة و تسهیل و تذلیل الطریق لعبادة الخالق جل شأنه، الجهاد حرب مع الأشخاص الذین یقفون و یشکلون مانعاً أمام عبادة الله و یمنعون العباد من التعرف على خالقهم لیهدیهم إلى الصراط السوی، و هذا هو الجهاد الأصغر. و یطلق مصطلح الجهاد فی بعض الأحیان على السعی لمعرفة النفس و السعی لإصلاحها، و یعبر عن هذا النوع من الجهاد بجهاد النفس. أما الحرب المقدسة ففی حقیقتها هی تعنى التسلط و الهیمنة على غیر المسیحیین و إجبارهم على اعتناق الدین المسیحی. و لو رجعنا الى تاریخ الأرمن فی إیران و لبنان و بقیة البلدان الأخرى. نرى هذا الاعتراف من قبل محققیهم و باحثیهم حیث انهم یذعنون أن جمیع المذاهب المسیحیة کانت تسعى إلى تغییر دین و تدین الارمنیین و لکن نرى فی المقابل أن المسلمین لم یخطو خطوة واحدة فی هذا المجال.
ب- عدم معرفة تاریخ القرآن و سبب و حکمة نزول الآیات. یقول البابا: ( من المؤکد أن الإمبراطور کان یعلم أن الآیة 256 من السورة الثانیة فی القرآن( البقرة) تقول: ( لا أکراه فی الدین......) و هذه السورة هی من أوائل السور فی القرآن و هی تتعلق بالفترة التی کان فیها محمد (ص) مستضعفاً و لا یمتلک القدرة و السلطة.......) فی حال أن هذه الآیة من الآیات المدنیة و عندما نزلت کان الرسول (ص) یمتلک القدرة و الحکم و لم یکن هنالک إی خطر یهدده، بل إن الروایات الواردة فی ذیل هذه الآیة تشیر إلى أن سبب نزول الآیة هو: قال السُّدِّی: نزلت فی رجل من الأنصار یکنى أَبا الحُصَین، و کان له ابنان، فقدم تجار الشام إلى المدینة یحملون الزیت، فلما أرادوا الرجوع من المدینة أتاهم إبنا أبی الحصین فدعوهما إلى النصرانیة، فتنصرا و خرجا إلى الشام، فأخبر أبو الحصین رسول اللَّه (ص)، فقال: أطلبهما، فأنزل اللَّه عز و جل: "لا إِکْراهَ فِی الدِّینِ" فقال رسول اللَّه (ص): أبعدهما اللَّه، هما أول من کفر[5]. بالطبع فانه یوجد دلیل فی نفس هذه الآیة یبیّن أن هذه الآیة لا علاقة لها بأوائل البعثة لان بعض الکلمات فی هذه الآیة تشیر إلى أنه: ( قد تبین الرشد من الغیّ... ) و من المؤکد أن هکذا مضمون و معنى قد نزل فی أواخر الرسالة لا فی بدایاتها.
ج- یقول البابا فی خلال حدیثه: التفت الإمبراطور فجأة إلى من کان یتحدث إلیه و...... لکن السؤال الأساسی المطروح هنا، العلاقة بین الدین و العنف بشکل عام، ثم استمر البابا فی حدیثه قائلاً: ارونی الشیء الجدید الذی جاء به محمد (ص)؟ فی حال إنکم لا تجدون شیئاً سوى الدناءة و القساوة کأوامره بانتشار الدین عن طریق السیف!.
لا نرى أی إنصاف فی هذا المقطع من الحدیث، قد ألف بعض الکتاب المسیحیین المعاصرین کتباً عن سیرة الرسول الأکرم (ص) للمسیحیین و تدل هذه الکتب على أن المسیحی یستطیع أن یستفید بشکل أفضل من نور الرسول الأکرم (ص) و من سیرته الشریفة مع بقاءه على مسیحیته و احتفاظه بها. و اذا ألقینا نظرة سریعة على التاریخ الإسلامی یتضح لنا ما قدمه الإسلام و المسلمون من علوم و معارف و قیم سامیة و معارف رفیعة للإنسانیة. فقد طور الإسلام المعارف الإلهیة فی مجال التوحید و أوجد فلسفة لا تجد لها نظیراً، و قد تجسدت هذه الفلسفة فی الحکمة المتعالیة للملا صدرا و احتل مکانة خاصة فی مجال الفکر الفلسفی فی العالم. ازدهرت القیم الأخلاقیة فی الإسلام و تکاملت الأسماء فی العرفان و أصبح طریقاً رفیعاً مرتقى للسلوک الروحی و النفسی.
إن الشریعة و القانون و النظام المتکامل الذی طرحها الإسلام فی مجالات الحیاة البشریة المختلفة، لها مکانة خاصة فی الإسلام. قد جمع الإسلام بین الدنیا و الآخرة و قد طرح مفاهیم معنویة عالیة فی مجال السیاسة و الاقتصاد و التربیة. قد کان کذلک للمسلمین دور مهم فی تاریخ الحضارة البشریة، حیث إن کثیراً من الاکتشاف و الاختراعات قد تمت على أیدی علماء المسلمین و ان أهم قواعد و مبادئ و جذور أکثر العلوم کالکیمیاء و الفیزیاء قد تم اکتشافها من قبلهم أو کانت لهم الید الطولى فی تقدیم و تطور بعض العلوم کالطب. إن العصر الذهبی للإسلام ملیء بهکذا أمور واضحة، إذن فلماذا یغفل البابا عن کل هذه الأمور، و یقوم بتکرار کلام الماضین من إسلافه نتیجة جهلهم أو تجاهلهم.
4- انه یقول: (یبین الإمبراطور بشکل مفصل کیف أن نشر الدین عن طریق العنف و القساوة مناف للعقل ....) و هو یذکر هذه المسائل بأسلوب و شکل کأن نشر الدین فی الإسلام قائم و مبنی على العنف و القساوة. مع العلم أن هذا الأسلوب کانت تستخدمه الکنیسة الرومانیة و تتضح هذه المسالة بشکل کبیر إذا ما رجعنا إلى تاریخ هذه الکنیسة. أما الإسلام فهو دین العلم و المعرفة و الاختیار، و قد دعا الله سبحانه الناس للعلم و حثهم و شجعهم على المعرفة حیث یقول تعالى فی قرآنه المجید" هل یستوی الذین یعلمون و الذین لا یعلمون" [6] إن رسالة الرسول الأکرم بدأت باقرأ: "اقرأ باسم ربک الذی خلق...."[7]
"اقرأ وربک الأکرم الذی علم بالقلم علم الإنسان ما لم یعلم". [8]
" و بشر الذین یستمعون القول فیتبعون أحسنه". [9]
"ادع إلى سبیل ربک بالحکمة و الموعظة الحسنة و جادلهم بالتی هی أحسن إن ربک هو أعلم بمن ضل عن سبیله و هو أعلم بالمهتدین". [10]
إن دین الإسلام هو دین الحکمة و الموعظة الحسنة و کذلک هو دین العقل و المنطق.
و ینقل البابا عبارات عن الإمبراطور - حسب تعبیره- وهی کالتالی: ( العنف و القساوة تکون مخالفة لطبیعة(ذات) الرب و طبیعة ذات الروح إلى الحد الذی لا یحب فیه الرب الدماء و ان الأفعال غیر العقلانیة، تخالف طبیعة الرب، إن الإیمان هی ثمرة الروح لا الجسد).
و هذا الکلام یتناسب مع التاریخ المسیحی بخصوص المسیحیة الکاثولیکیة.
5- و هو یقول: " إن المشیئة الإلهیة فی العقیدة الإسلامیة غیر مطلقة و هذه النظرة للإرادة الإلهیة لا تنسجم مع نظرتنا و کذلک لا تنسجم حتى مع العقل".
و من ثم یستشهد بکلام إبن حزم حیث یقول فی تفسیره: لیس من الواجب على الله أن یتمسک حتى بکلامه و قوله و لا یوجد شیء یجبره على توضیح الحقیقة لنا و یستطیع الإنسان إذا أراد إن یعبد الأصنام). هذا الکلام من البابا هو أفضل دلیل على عدم رجوعه إلى المصادر الفسلفیة و الکلامیة فی الثقافة الإسلامیة، إن المصادر الفلسفیة الإسلامیة تصرح و تذعن بان المشیئة الإلهیة مطلقة و الإرادة الذاتیة لله هی عین علمه و عین ذاته.
أما إرادته الفعلیة تتجلى فی أفعاله، و استشهاد البابا بکلام إبن حزم الأندلسی من الممکن أن یکون بسبب ضعف ثقافته لان مذهب إبن حزم هو مذهب متروک و مهجور إلى الحد الذی لا یوجد أی أتباع أو أنصار لهذا المذهب فی وقتنا الحاضر. و فی مذهب أهل البیت (ع) و الذی هو مذهب حیّ و فعال فان دور العلم و العقل و الإرادة و اضح بشکل کبیر فی مسالة الإیمان و قد أشار القرآن الکریم إلى دور الإرادة فی موضوع الإیمان حیث یقول تعالى: "وجحدوا بها و استیقنتها أنفسهم". [11]
الإنکار مع الیقین یعنی أن الإرادة لها دور أساسی فی مسالة الإیمان. و بالاستناد إلى البحوث الفلسفیة و الکلامیة الإسلامیة، نستطیع أن نثبت أنه حتى العلم لا یؤدی بالضرورة إلى الإیمان. أما بخصوص کلام أبن حزم و الذی ینفی فیه الإلزام على الله سبحانه یستند فیه إلى نفی الحسن و القبح العقلیین. فی حال الفلاسفة الشیعة قد اثبتوا الحسن و القبح العقلی بالرغم من أن الاشاعرة قد أنکروا ذلک.
للحوار منطق و إطار.
إن منطق الحوار یرتکز على عنصرین:
1- نحتمل صحة القول و الحقیقة للطرف المقابل.
2- أن نحتمل وجود إشکال و خلل عندنا.
أما إطار الحوار؛ و الذی یطلق علیه فی الهرمونتیک عنوان الأفق(Horizon) و یقصد به المساحة التی یشترک بها الطرفان المقابلان فی البحث. إذن لا یمکن أن نتوصل إلى حوار بناء إلا عن طریق هذا الإطار و هذا المنطق.
[1] . رئیس اللجنة الشفافیة فی المجلس الثقافی الأعلی للثورة الاسلامیة فی ایران و عضو المؤسسة العالمیة للأدیان.
[2] وفقا لتاریخ القاء المحاضرة.
[3] آل عمران 64.
[4] عند اللقاء به بمناسبة انعقاد مؤتمر الأدیان الإبراهیمیة حول الحرب و الصلح.
[5] أسباب نزول القرآن (الواحدی)، ص: 86.
[6] الزمر، 9.
[7] العلق، 1.
[8] العلق، 3-5.
[9] الزمر، 19.
[10] النحل، 125.
[11] النمل، 14.