بحث متقدم
الزيارة
6286
محدثة عن: 2012/01/28
خلاصة السؤال
ما هی علل وقوع حربی الجمل و النهروان؟
السؤال
ما هی علل وقوع حربی الجمل و النهروان؟
الجواب الإجمالي

أهم الاسباب التی أدت الى اندلاع معرکة صفین هو تمرد معاویة على الشرعیة و امتناعه عن بیعة الامام (ع) متهما ایاه بالمشارکة فی قتل عثمان أو التستر على قاتلیه، و من هنا اندلعت معرکة صفین الشهیرة، و لما ظهرت بشائر النصر لجیش الامام (ع) قام معاویة و بمکیدة من عمرو بن العاص فرفعوا المصاحف على الرماح مطالبین بالصلح، فانطلت علیهم تلک الحیلة فاضطر الامام تحت ضغط قادة الخوارج و غیرهم للقبول بالتحکیم، و لما انتهت عملیة التحکیم بتلک الخیانة المعروفة و الخدعة الکبیرة، ندوموا على موقفهم و طالبوا من الامام (ع) ان یعود للحرب و شهروا السیف بوجهه، فارسل (ع) ابن عباس لیحاورهم و لکنه لم یفلح فذهب بنفسه (ع) و تمکن من اقناع ثمانیة آلاف منهم بالعدول عن موقفهم و بقی فی معکسر الخوارج اربعة آلاف عسکروا فی منطقة یقال لها النهروان، و قاموا بقطع الطرق و بقروا بطون الحوامل و عندها لم یجد الامام (ع) بدّاً من مواجهتهم فی معرکة عرفت تاریخیاً باسم النهروان.

الجواب التفصيلي

واجه أمیر المؤمنین (ع) فی فترة حکمة التی لم تتجاوز الخمس سنوات ثلاث حروب أثارها خصومه و المتمردون على الشرعیة تمثلت الاولى فی الحرب التی قادها الثلاثة فی البصرة و التی عرفت فی التاریخ بحرب الجمل و قد انتهت الحرب بهزیمة مدویة للمعسکر الثانی (معسکر اصحاب الجمل)، الا ان النصر فی الجمل لم یعد الهدوء الى الشارع الاسلامی حیث نجم قرن معاویة بن ابی سفیان فی الشام التی حکمها ابناء أبی سفیان منذ الایام الاولى بعد السقیفة، فعندما شعر معاویة بان الامام أمیر المؤمنین (ع) لا یسمح له بمواصلة حکمه فی الشام لعدم امتلاکه المقومات الشرعیة التی تسمح له بتسنم هکذا منصب، خاصة و ان الامام (ع) أعلن بعد مبایعته مباشرة، برنامجه الحکومی القائم على اقامة العدل و ازاحة کل المنحرفین و المفسدین من الساحة و التی استغلت الظروف السابقة للوصول الى مناصب ینبغی ان یتولاها المؤمنون المخلصون. و من هنا حاول معاویة التذرع بشتى الذرائع للحیلولة دون تحقیق الامام (ع) هذا الهدف السامی فلم یجد ذریعة یمکنه التمسک بها الا رفع قمیص عثمان و المطالبة بثاره. و لقد اشار ابن ابی الحدید لتلک الوقائع نقلا عن المبرد قائلا: و کتب معاویة مع جریر إلى علی (ع) جوابا عن کتابه إلیه: من معاویة بن صخر إلى علی بن أبی طالب أما بعد فلعمری لو بایعک القوم الذین بایعوک و أنت بری‏ء من دم عثمان کنت کأبی بکر و عمر و عثمان، و لکنک أغریت بعثمان المهاجرین و خذلت عنه الأنصار فأطاعک الجاهل، و قوی بک الضعیف، و قد أبى أهل الشام إلا قتالک حتى تدفع إلیهم قتلة عثمان فإن فعلت کانت شورى بین المسلمین، و لعمری لیس حججک علی کحججک على طلحة و الزبیر لأنهما بایعاک و لم أبایعک و ما حجتک على أهل الشام کحجتک على أهل البصرة لأن أهل البصرة أطاعوک و لم یطعک أهل الشام، فأما شرفک فی الإسلام و قرابتک من النبی ص و موضعک من قریش فلست أدفعه. [1] فکان ذلک منطلقا فی تجییش الجیوش ضد الامام (ع) و اندلاع معرکة صفین المعروفة.

و الجدیر بالذکر بان موضوع المطالبة بدم عثمان اتخذ ذریعة من قبل المنتفعین و الطامحین فی الحکم و الساعین وراء تحقیق مآرب دنیویة، و هم الذین خذلوا الرجل و لم یقدموا له أی مساعدة او عون فی تجاوز الازمة عندما احتاج علیهم فقد کان موقف معاویة موقف الخاذل لعثمان فی حیاته، بل کان البعض منهم من المحرضین على قتله کما هو موقف السیدة عائشة، و من هم من کان فی مقدمة الثوار و المعترضین علیه کطلحة و الزبیر!! و لکن عندما انتهت الازمة و بویع الامام علیه السلام تلک البیعة التی لم تتم لایّ خلیفة قبله و لا بعده، وجهوا اصابع الاتهام ظلما الى من کان هو المدافع عن عثمان، و قد اشار الشیخ المفید (ره) الى هذه القضیة فی کتابه الفصول قائلا: فقد علم کل من سمع الأخبار أن أمیر المؤمنین (ع) لم یحضر قتل عثمان و قد کان أنفذ إلیه بابنه الحسن (ع) لما منعوه الماء لیسقیه و أن الذی تولى‏ قتله و حضره طلحة و الزبیر فی أشیاعهما و جماعة من المهاجرین و الأنصار. و قد قال أمیر المؤمنین (ع) لهما و لغیرهما ممن اشتبه ذلک علیه: و الله ما قتلت عثمان و لا مالأت على قتله. فلم یمکن أحد منهم الرد علیه. [2]

و لما استلم أمیر المؤمنین (ع) رسالة معاویة کتب الیه: من أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب إلى معاویة بن صخر بن حرب أما بعد فإنه أتانی منک کتاب امرئ لیس له بصر یهدیه و لا قائد یرشده دعاه الهوى فأجابه و قاده الضلال فاتبعه! زعمت أنک إنما أفسد علیک بیعتی خطیئتی فی عثمان و لعمری ما کنت إلا رجلا من المهاجرین أوردت کما أوردوا و أصدرت کما أصدروا... و بعد فما أنت و عثمان؟!! إنما أنت رجل من بنی أمیة و بنو عثمان أولى بمطالبة دمه فإن زعمت أنک أقوى على ذلک فادخل فیما دخل فیه المسلمون ثم حاکم القوم إلیّ. و أما تمییزک بینک و بین طلحة و الزبیر و بین أهل الشام و أهل البصرة، فلعمری ما الأمر فیما هناک إلا سواء، لأنها بیعة شاملة لا یستثنى فیها الخیار و لا یستأنف فیها النظر. و أما شرفی فی الإسلام و قرابتی من رسول الله (ص) و موضعی من قریش فلعمری لو استطعت دفعه لدفعته. [3]

وقد حاول أمیر المؤمنین (ع) فی اکثر من موضع بیان الحقیقة للناس و ما تنطوی علیه شخصیة معاویة من الخبث و الخداع و تذرعه الکاذب بقتل عثمان و ان رفع قمیصه ما هو الا خدعة و وسیلة اتخذها لیحقق من ورائها مآرب کان یخطط لها.

و من اراد المزید فی هذا المجال یمکنه الرجوع الى شروح نهج البلاغة و الکتب التی صنفت فی هذا المجال.

اما الطائفة الثالثة التی حارب الامام (ع) فهم الخوارج، و کانوا ضمن جیش الامام فی معرکة صفین و لما ظهرت بشائر النصر لجیش الامام (ع) قام معاویة و بمکیدة من عمرو بن العاص فرفعوا المصاحف على الرماح مطالبین بالصلح، فانطلت علیهم تلک الحیلة فاضطر الامام تحت ضغط قادة الخوارج و غیرهم للقبول بالتحکیم، و لما انتهت عملیة التحکیم بتلک الخیانة المعروفة و الخدعة الکبیرة، ندوموا على موقفهم و طالبوا من الامام (ع) ان یعود للحرب و شهروا السیف بوجهه، فارسل (ع) ابن عباس لیحاورهم و لکنه لم یفلح فذهب بنفسه علیه السلام و تمکن من اقناع ثمانیة آلاف منهم بالعدول عن موقفهم و بقی فی معکسر الخوارج اربعة آلاف عسکروا فی منطقة یقال لها النهروان، و قاموا بقطع الطرق و بقروا بطون الحوامل و عندها لم یجد الامام (ع) بدّاً من مواجهتهم فی معرکة عرفت تاریخیاً باسم النهروان.

علما ان الطوائف التی حاربت الامام عرفت الاولى بعنوان الناکثین و الثانیة بالقاسطین و الثالثة بالمارقین.

لمزید الاطلاع انظر:   سؤال رقم 12515 (الموقع: 12328)، علی (ع) واطفاء فتنة معاویة و انحراف الخوارج   و السؤال رقم 1587 (الموقع: 2440)، کفر معاویة و صلح الامام حسن (ع).



[1] ابن ابی الحدید، شرح نهج البلاغة، ج 3، ص 88، مکتبة آیة الله المرعشی، قم، 1404 ق.

[2] المفید، محمد بن محمد، الفصول المختارة، ص 228، مؤتمر الشیخ المفید، قم، 1413 ق.

[3] شرح نهج البلاغة، ج 3، ص 89.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279478 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257351 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128206 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113333 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89037 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59893 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59599 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56892 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49836 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47202 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...