Please Wait
6094
. كما ان للاعمال الصالحة و الخيرة مراتب و درجات تتفاوت في القيمة و الثواب، كذلك الأمر بالنسبة الى الاعمال الطالحة و الذنوب التي يقترفها الانسان حيث تختلف مراتبها من ناحية الفساد و العقوبة، فلا تقع في مستوى واحد. و الاحاديث الواردة في هذا المجال تشير الى عظمة الغيبة و شدّة الفساد المترتب عليها؛ و ذلك لانها تتصادم مع اعظم قيم الانسان و حيثياته المتمثلة بكرامته و حرمته و ماء وجهه. من هنا ذمتها الشريعة الاسلامية أقبح ذم و بعبارات شديدة اللهجة في أكثر من موضع، ليتعرف الناس على مضارها و الآثار الوخيمة المترتبة عليها و التحرز عن الوقوع فيها.[1]
2. يستفاد من الروايات المنقولة عن الأئمة المعصومين (ع) أن للصيام مراتب؛ و المرتبة الظاهرية منه هي التي اشير اليها في المصادر الفقهية مع بيان شروطها و مبطلاتها، أما المرتبة العليا و الباطنية فتتمثل بالصيام الذي اشار اليه الحديث الشريف " ما يصنع الصائم بصيامه إذا لم يصن لسانه و سمعه و بصره و جوارحه"؛ يعني عدم وقوع جميع اعضائه في الحرام اثناء الصيام و الابتعاد بها عن مواطن المحرمات و الممنوعات.[2]
و ينبغي الالتفات أن هذا النوع من الصيام هو الذي يقع موضع القبول من الله تعالى و تترتب عليه جميع الآثار المترتبة على الصيام.
نعم، كل مكلف ملزم في المرحلة الاولى بالقيام ببعض الامور التي وردت الاشارة اليها في الكتب الفقهية، و ذلك لان ترك الواجب بذريعة عدم قبول العمل يعد في حدّ نفسه جريمة و ذنباً يستحق العقاب و المؤاخذة الإلهية.
تحصّل: أن الصيام مع ترك سائر الواجبات أو اقتراف بعض المحرمات "كالغيبة" لا يعطي مردوده المطلوب، و لمّا كان كل من تلك الاعمال ذا حكم ٍمستقل في الآثار و النتائج، من هنا تكون الغيبة غير مبطلة للصيام، الا انها تقلل من أثره و قيمته الواقعية قطعاً.[3]
[1] مستل من : «الغیبة و اهمیة التوبة منها»، سؤال 4166.
[2] انظر: ابو حنيفة، النعمان بن محمد المغربي، دعائم الإسلام، تحقيق، فيضي، آصف، ج 1،ص 268، مؤسسة آل البيت عليهم السلام، قم، الطبعة الثانية، 1385ق.
[3] مستل من السؤال: «مبطلات الصيام»، سؤال 5859.