بحث متقدم
الزيارة
7723
محدثة عن: 2013/12/03
خلاصة السؤال
ما المراد من أن المسیح کلمة الله و من الکلمات التی تلقاها آدم و بها تاب الله علیه؟
السؤال
ما معنی أن المسیح کلمة الله؟ هل یمکن تشخیص أن الکلمات التی تلقاها آدم علیه السلام من ربّه هی آل البیت من طریق القرآن الکریم، أقصد طریق آخر غیر الروایة الواردة فی ذلک؟
الجواب الإجمالي
یقول الله سبحانه فی کتابه الکریم: «إِنَّمَا الْمَسِیحُ عِیسىَ ابْنُ مَرْیَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَ کَلِمَتُهُ أَلْقَئهَا إِلىَ‏ مَرْیَمَ وَ رُوحٌ مِّنْهُ». [1]
لقد وردت عبارة "کلمة" فی وصف المسیح فی هذه الآیة و عدد من الآیات القرآنیة، و هذه إشارة إلی کون المسیح مخلوقاً بشریاً، إذ إن الکلمات مخلوقة من قبل الله، کما أن الموجودات فی الکون من مخلوقاته عزّ و جل، فکما أن الکلمات تبیّن مکنونات أنفسنا –نحن البشر- و تدل علی صفاتنا و أخلاقیاتنا، فإن مخلوقات الکون تحکی صفات خالقها و جماله و تدل علی جلاله و عظمته. و علی هذا الأساس فقد وردت عبارة "کلمة" فی عدد من العبارات القرآنیة، لتشمل جمیع مخلوقات الله، [2] و بدیهیّ أن الکلمات الإلهیة تتفاوت بعضها مع البعض الآخر فی المنزلة و الأهمیة و عیسی علیه السلام یعتبر إحدی کلمات الله البارزة الأهمیة، لکونه ولد من غیر أب، إضافة إلی کونه یتمتع بمقام الرسالة الإلهیة. [3]
قال تعالی فی آیة أخری من القرآن الکریم: «فَتَلَقَّى ءَادَمُ مِن رَّبِّهِ کلَمَاتٍ فَتَابَ عَلَیْهِ  إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِیم». [4]
تعدّدت الآراء فی تفسیر "الکلمات" التی تلقّاها آدم (ع) من ربه فتاب علیه، فهناک ثلاث آراء لعماء التفسیر و کلها مأخوذه من الروایات، و هذه التفاسیر الثلاث لا تتعارض فیما بینها، و لعل آدم تلقی من ربّه هذه الکلمات، کی تُحدث فیه تغییرا روحیا تاما بعد أن یعی حقیقة هذه الکلمات، و لیشمله بعد ذلک لطف الله و رحمته.
فعلی أحد الآراء هناک روایات متوافرة، منها ما روی عن أبن عباس قال: "سألت النبی (ص) عن الکلمات التی تلقاها آدم من ربه فتاب علیه، قال: سأله بحق محمد و علی و فاطمة و الحسن و الحسین إلا تبت علیّ فتاب علیه. [5] فتوسّل آدم بهذه الکلمات لیطلب العفو من ربّ العالمین فعفا عنه. [6]
هل یمکن تشخیص ان الکلمات التی تلقاها آدم (ع) من ربه هی آل البیت استنادا الى القران الکریم؟ أو لماذا لم تذکر هذه الکلمات بصراحة فی القرآن الکریم؟ نشیر فی الجواب إلی روایة عن الإمام الصادق (ع) عن أبی بصیر قال: سألت أبا عبد الله (ع) عن قول الله عزّ و جل: «یَأَیهُّا الَّذِینَ ءَامَنُواْ أَطِیعُواْ اللَّهَ وَ أَطِیعُواْ الرَّسُولَ وَ أُوْلىِ الْأَمْرِ مِنکم»[7] فقال: نزلت فی علی بن أبی طالب و الحسن و الحسین (ع)، فقلت: إن الناس یقولون فما له لم یسمّ علیاً و أهل بیته (ع) فی کتاب الله عزّ و جل؟ قال: فقال: قولوا لهم إن رسول الله (ص) نزلت علیه الصلاة و الزکاة فی قوله تعالی: «وَ أَقِیمُواْ الصَّلَوةَ وَ ءَاتُواْ الزَّکَوةَ وَ ارْکَعُواْ مَعَ الرَّاکِعِین»[8] و لم یسمّ الله لهم ثلاثاً و لا أربعاً حتی کان رسول الله (ص) هو الذی فسّر ذلک لهم و نزلت علیه الزکاة و لم یسم لهم من کل أربعین درهماً درهم حتی کان رسول الله (ص) هو الذی فسّر ذلک و نزل الحج فلم یقل لهم طوفوا أسبوعاً حتی  کان رسول الله (ص) هو الذی فسّر ذلک ...". [9]
ثم إن القرآن بصدد بیان الکلیات سواء فی نقله للأحکام الشرعیة أم فی سردة للقصص المعبّرة کقصة أصحاب الکهف و غیرها من القصص، فلا تعارض بین فصاحة و بلاغة القرآن من جهة و عدم ذکره لجمیع الجزئیات فیما ذکر من جهة أخری. [10]
فلابد إذن من البحث عن هذه الجزئیات و التفاصیل فی کلام النبی (ص) و الأئمة المعصومین (ع) و "الکلمات" هی أیضاً من الأمور الکلیة التی بیّنت الروایات عن المعصومین (ع) مصداقها و المراد منها و التی هی، الأسماء المبارکة  "محمد و علی و فاطمة و الحسن و الحسین" (ع) و هم أفضل خلق الله طرّا و لا یرد علی عدم ذکر أسمائهم فی القرآن، أی إشکال، بل هو منطبق علی القاعدة الإلهیة فی أن لسان مفاهیم القرآن من أحکام و غیرها لسان عام و لا شأن له بالجزئیات.
 

[1] النساء، 171.
[2] الکهف، 109؛ لقمان، 29.
[3] مکارم الشیرازی، ناصر، تفسیر الأمثل، ج 3، ص 547، مدرسة الإمام علی بن أبی طالب (ع)، قم، 1421 ق.
[4] البقرة، 37.
[5] الشیخ الصدوق، الخصال، المحقق و المصحح: الغفاری، علی أکبر، ج 1، ص 270، مکتب النشر الإسلامی، قم، الطبعة الأولی، 1362 ش.
[6] تفسیر الأمثل، ج 1، ص 175.
[7] النساء، 59.
[8] البقرة، 43.
[9] الکلینی، محمد بن یعقوب، الکافی، المحقق و المصحح: الغفاری، علی أکبر، الآخوندی، ج 1، ص 286-287ف محمد،‌دار الکتب الإسلامیة، طهران، الطبعة الرابعة، 1407 ق.
[10] فإن من الأمور التی تدل علی فصاحة الکلام هو الاإیجاز فیه بشرط عدم إیجاد الخلل فی المعنی.
س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280465 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    259118 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129816 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    116202 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89697 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61314 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60564 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57472 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    52091 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    48156 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...