حادثة الغدیر من الحوادث الکبیرة و الهامة فی تاریخنا الإسلامیة، و کان وقوعها فی أواخر عهد رسالة النبی (ص) و ذلک لدى عودته من حجة الوداع و فی منطقة تسمى الغدیر خم و بحضور کبار الصحابة و الآلاف من المسلمین و من مختلف أطراف العالم الإسلامی و هذه الحادثة على قدر کبیر من الأهمیة فلا یوجد أی إختلاف فی أصل وقوعها بین جمیع المسلمین سنة و شیعة و فی هذه الواقعة الکبیرة التی تم الإعلان فیها عن ولایة الإمام (ع) على المسلمین، فکان فی ذلک کمال الدین الإسلامی و تمام نعمة الله على الناس. و من البدیهی أن تشکل مثل هذه الحادثة و مثل هذا الیوم نقطة تحول وانعطاف فی تاریخ الإسلام. و لذلک فإن هذا الیوم (الثامن عشر من ذی الحجة) یعد عیداً من الأعیاد الإسلامیة الکبرى فی تاریخنا الإسلامی، خصوصاً فی عالم التشیع، و على هذا الأساس منذ ذلک التاریخ إلى یومنا هذا نجد الشیعة یعظمون هذا الیوم و یبادرون إلى أداء مراسم هذا العید و آدابه و یبارک بعضهم بعضاً.

لفظ العید مشتق من عاد، یعود، (عوداً)، وقد ذکر لها عدة معانٍ منها: یوم الخروج من الغم أو الیوم الذی تقع فیها حادثة کبیرة. [1]

یقول إبن منظور فی لسان العرب: کلُّ یوم فیه جَمْعٌ، و اشتقاقه من عاد یَعُود کأَنهم عادوا إِلیه؛ و قیل: اشتقاقه من العادة لأَنهم اعتادوه‏. و سمی العِیدُ عیداً لأَنه یعود کل سنة بِفَرَحٍ مُجَدَّد [2]

وقد ورد لفظ العید فی القرآن الکریم مرة واحدة: «قَالَ عِیسَى ابْنُ مَرْیَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَیْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَکُونُ لَنَا عِیدًا لِأَوَّلِنَا وَ آخِرِنَا وَآیَةً مِنْکَ وَ ارْزُقْنَا وَ أَنْتَ خَیْرُ الرَّازِقِینَ». [3]

و قد جاء فی تفسیر الأمثل: ««العید» فی اللغة من «العود» أی الرجوع، لذلک فذکرى الأیّام التی تنداح فیها المشاکل عن قوم أو مجتمع و تعود أیام الفوز و الهناء الأوّل تکون عیداً. کذلک هی الأعیاد الإِسلامیة فبعد شهر من طاعة الله فی صوم رمضان، أو بعد أداء فریضة الحج العظیمة، یعود إِلى النفس طهرها و صفاؤها الأولین الفطریین، و یزول التلوث عن الفطرة، فیکون العید، و لما کان یوم نزول المائدة یوم العودة إِلى الفوز و الطهارة و الإِیمان بالله، فقد سمّاه المسیح(ع) عیداً.

و قد ورد فی الأخبار أنّ نزول المائدة کان فی یوم الأحد، و لعل هذا هو سبب الاحترام الذی یکنه المسیحیون لهذا الیوم.

إِنّنا نقرأ لأمیر المؤمنین علی (ع) قوله: «و کل یوم لا یعصى الله فیه فهو یوم عید».

و فی هذا إِشارة إِلى الموضوع نفسه، لأنّ یوم ترک المعصیة هو یوم فوز و طهارة و عودة إِلى الفطرة الأولى». [4]

و نقل عن سوید بن غفلة : «دخلت علی أمیر المؤمنین علی(ع) یوم عید فإذا عنده فاثور علیه خبز السمراء وصفحة فیها خطیفة [5] وملبنة [6] ، فقلت: یا أمیر المؤمنین یوم عید وخطیفة؟ فقال: إنما هذا عید من غفر الله له» [7] و قد ورد فی الروایات الإسلامیة فیما یخص الأعیاد الدینیة کعید الفطر و عید الغدیر و....وجود بعض الأداب و الرسوم الخاصة مثل لبس الجدید، الإطعام، صلة الأرحام و....للإطلاع بشکل أوسع یمکن الرجوع إلى بعض الکتب فی الهامش رقم. [8] و علیه فإن عید الغدیر تم إتخاذه عیداً منذ ذلک التاریخ و إلى یومنا هذا باعتباره عیداً إسلامیاً کبیراً، و إن الشیعة على الخصوص یعظمون هذا الیوم و یؤدون المراسم و الآداب و الرسوم المتعلقة به و یبارک بعضهم بعضاً.

و من الجدیر بالذکر إن الشیخین (أبو بکر و عمر) کانا من أوائل الصحابة الذین بادروا إلى تهنئة الإمام علی (ع) بمنصب الإمامة بقولهما: «بخ بخ یا بن أبی طالب أصبحت و أمسیت مولای و مولا کل مؤمن ومؤمنة» [9] .

الموضوعات ذات العلاقة

الغدیر و عدم اعتراض الصحابة فی السقیفة 892 (الموقع:   1300)

الغدیر و عدم اعتراض الصحابة على خلافة أبی بکر، 1526(الموقع: 2470)

الولایة السیاسیة لعلی (ع) فی غدیر خم، 11294 (الموقع: 11139)

نظرة علماء أهل السنة فی غدیر خم، 6432 (الموقع:7002)