بحث متقدم
الزيارة
5597
محدثة عن: 2012/04/10
خلاصة السؤال
کیف یمکن توجیه الامل بعفو الله و غفرانه مع الالتفات الی حدیة قانون الاسباب و المسببات؟ و المقصود هو السؤال عن کیفیة تدارک السیر في المسیر الخاطئ؟
السؤال
کیف یمکن توجیه الامل بعفو الله و غفرانه مع الالتفات الی حدیة قانون الاسباب و المسببات؟ و المقصود هو السؤال عن کیفیة تدارک السیر في المسیر الخاطئ؟
الجواب الإجمالي

کما نعلم فاننا نعیش في عالم الاسباب و المسببات، بمعنی أن کل مسبب یتبع سببه، کتبعیة القانون الریاضي، فمثلاً ناتج ضرب اثنین في اثنین هو اربعة، و هذا قانون لا یتخلف. و النتیجة هي ان اعمال الناس المخالفة للشرع و الاخلاق تستتبع آثاراً سلبیة علی حیاتهم و اخلاقهم، و لکن لهذه القوانین مراتب مختلفة و من دون ان ینقض احدها الآخر، فالقانون الافضل حاکم علی القانون الذي قبله.

و بناء علی هذا فقانون المغفرة و التوبة او قانون الحب و العشق اذا حل في موضع فانه سیلغي الکثیر من المحاسبات و المؤاخذات السابقة، و من دون ان یلغي حقانیة القانون السابق، بل یقوم بتغییره.

و قد أشار الله تعالی الی هذا الاصل حینما قال ان رحمتي قد سبقت غضبي. و بناء علی هذا فان عفو الله و مغفرته تابع لاصول رفیعة تعود بالتالي الی الرحمة الالهیة.

الجواب التفصيلي

کما نعلم فاننا نعیش في عالم الاسباب و المسببات، بمعنی أن کل مسبب یتبع سببه، کتبعیة القانون الریاضي، فمثلاً ناتج ضرب اثنین في اثنین هو اربعة، و هذا قانون لا یتخلف. و النتیجة هي ان اعمال الناس المخالفة للشرع و الاخلاق تستتبع آثاراً سلبیة علی حیاتهم و اخلاقهم، و کما قد یفهم ایضاً من وجهة نظر الفلسفة و الکلام من ان الجنة و النار هي نتیجة لاعمالنا. اي ان عمل الانسان هو الذي یتبلور بصورة الجنة و النعیم، او في اطار عذاب جهنم.

و لکن یجب ان یعلم ان الکون کله و جمیع قوانینه و قواعده، خاضع لخالق الکون و الوجود. فرغم ان قوانین الکون هي بمثابة القوانین الریاضیة، و لکن هذه القوانین لها مراتب مختلفة، و من دون ان ینقض أحدها الآخر، فالقانون الافضل حاکم علی القانون الذي قبله.

و بناء علی هذا فقانون المغفرة و التوبة او قانون الحب و العشق مثلاً اذا حل في موضع فانه سیلغي الکثیر من المحاسبات و المؤاخذات السابقة، و من دون أن یلغي حقانیة القانون السابق، بل یقوم بتغییره. و کمثال علی ذلک فان للعمل السیئ تبعات سیئة یقینیة علی ظاهر الانسان و باطنه، و لکن اذا ندم الشخص بسبب استیقاظ نفسه اللوامة، بحیث امتلأ قلبه بالخجل و الحیاء و التواضع و الخشوع امام الله عز وجل، فانه لن یعود الی ممارسة ذلک العمل، بل سیصل الی درجة اعلی من الیقظة المعنویة و معرفة الله و ینال خواص تلک الدرجة و اثارها الخاصة التي منها المغفرة و رفع جمیع اثار الذنوب و تبعاتها، کما اشار الله تعالی الی هذا الاصل بقوله: (ْ إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي)[1].و کذلک فاننا نعلم ان غضب الله لیس کغضب الانسان، بل هو یختص بالظالمین وفی ذلک اشارة الی قانون العدل، و لکن قانون الرحمة یتقدم علیه من دون ان ینتقض العدل الالهي. و کل انسان یدخل في هذا البعد من العلاقة مع الله فسوف لن یصدر عنه عمل سیئ، و لیس هذا فحسب بل انه سیدخل الجنة من دون حساب، اذ مع وجود قانون الحب الذي هو مقام عباد الله المخلصین، لن تکون هناک حاجة الی حسابات ادنی، و کما یقول القرآن: "وَ ما تُجْزَوْنَ إِلاَّ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ اِلاَّ عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصين")[2] و هذا مؤشر علی کون القوانین و السنن الالهیة طولیة و یمکن تطبیقه علی کل المجالات .

و بناء علی هذا فان عفو الله و مغفرته تابع لاصول رفیعة تعود بالتالي الی الرحمة الالهیة: "وَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحيم"[3].

و بعبارة اوضح : ان العذاب الالهي رغم کونه جزاء للذنب و التمرد، و لکن المغفرة و العفو الالهي تخصص هذه القاعدة – وان کان هذا هو بنفسه قانوناً ایضاً او بمنزلة التعدیل علی قانون عام- فان الذي یکون جمیع الکون تحت ید قدرته و هو الذي خلق عالم الاسباب و المسببات، یستطیع ان یخصص هذه القاعدة و ذلک القانون، و یتدارک ما مضی بالعفو و المغفرة. و نتیجة هذه القدرة تکون :"إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئات"[4].

و لذا فکما ان جمیع القوانین و النظم الکونیة مطیعة لله، فانه حینما تتعلق الارادة الالهیة بتوقف هذا القانون فانه یتوقف لا محالة.

المواضیع المرتبطة:

الآثار الوضعیة للذنوب في حیاة البشر، 4833 (الموقع ar5229)

ظهور آثار الذنوب في الاجیال اللاحقة ، 10791 (الموقع ar10799)

 


[1] الکلیني، الکافي، ج2، ص274، دار الکتب الاسلامیة، طهران، 1368ش.

[2] الصافات: 40-41.

[3] آل عمران:129.

[4] هود:114.

 

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280465 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    259118 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129816 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    116202 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89697 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61314 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60564 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57472 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    52091 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    48156 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...