Please Wait
6122
أكثر آيات القرآن الكريم نزلت من دون سبب خارجي أو شأن نزول أدى الى نزولها؛ كالآيات التي تدور حول المبدأ و المعاد و تفريعات مسألة الموت و الحياة الأخرى. نعم، هناك بعض الآيات نزلت لاسباب خاصة و تبعاً لوقائع معينة التي عبر عنها في كتب التفسير باسباب النزول. [1]
كذلك الآيتان الاخيرتان من سورة الحجر لم يرد فيهما شأن نزول خاص بهما، بل الآيتان تابعتان للآيات السابقة التي تشير الى استهزاء المشركين بالنبي الاكرم (ص) [2] ، فانزل الله تعالى الآيات تسلية لخاطره (ص) " إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئينَ * الَّذينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ * وَ لَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَ كُنْ مِنَ السَّاجِدينَ * وَ اعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقين". [3]
و لكن عندما نرجع الى السورة نفسها نراها تتحدث عن المستهزئين بعنوان آخر و صفة اخرى هي " المقتسمين" و المراد بالمقتسمين هم الذين يصفهم قوله بعد: «الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ » و هم على ما وردت به الرواية قوم من كفار قريش جزءوا القرآن أجزاء فقالوا: سحر، و قالوا: أساطير الأولين، و قالوا: مفترى، و تفرقوا في مداخل طرق مكة أيام الموسم يصدون الناس الواردين عن رسول الله. [4]
و قد تعرض صاحب الميزان لبيان اسماء المستهزئين في البحث الروائي قائلا: و في تفسير العياشي، عن أبان بن عثمان الأحمر رفعه قال": كان المستهزءون خمسة من قريش: الوليد بن المغيرة المخزومي و العاص بن وائل السهمي- و الحارث بن حنظلة و الأسود بن عبد يغوث بن وهب الزهري- و الأسود بن المطلب بن أسد فلما قال الله: «إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ» علم رسول الله ص أنه قد أخزاهم- فأماتهم الله بشر ميتات.
و رواه الصدوق في المعاني، بإسناده عن أبان و روى فيه، أيضا و الطبرسي في الإحتجاج، عن موسى بن جعفر عن آبائه عن علي (ع): ما في هذا المعنى و هو حديث طويل- فيه تفصيل هلاك كل من هؤلاء الخمسة لعنهم الله. و روي كون المستهزئين خمسة من قريش- عن علي و عن ابن عباس مع سبب هلاكهم.
و الروايات مع ذلك مختلفة من طرق أهل السنة من جهة عددهم و أسمائهم و أسباب هلاكهم، و الذي اتفق فيه حديث الفريقين هو ما قدمناه. [5]
لمزيد الاطلاع على تفسير الآية الاخيرة و المراد من اليقين انظر: سؤال 17956 (الموقع: 17916)
[1] انظر: موضوع مكانة شأن النزول و دوره في تفسير القرآن، سؤال 4419 (الموقع: 4711).
[2] الطبرسي، فضل بن حسن، مجمع البيان في تفسير القرآن، تقديم البلاغي، محمد جواد، ج 6، ص 533 و 534 انتشارات ناصر خسرو، طهران، الطبعة الثالثة، 1372 ش.
[3] الحجر، 95-99.
[4] الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، ج12، ص: 193- 194، الطبعة الخامسة، 1421هـ.
[5] نفس المصدر، ص197- 198.