Please Wait
3401
إنّ ما جاء في هذا السؤال یشیر الی رواية عن الإمام باقر(ع) أنه قال: جاءت امرأة إلى النبي(ص) فقالت: يا رسول اللَّه ما حقّ الزوج على المرأة؟ فقال لها: أن تطيعه ولا تعصيه، ولا تصدّق من بيته إلا بإذنه، ولا تصوم تطوعا إلا بإذنه، ولا تمنعه نفسها وإن كانت على ظهر قتب، ولا تخرج من بيتها وإن خرجت بغير إذنه لعنتها ملائكة السماء وملائكة الأرض وملائكة الغضب وملائكة الرحمة حتى ترجع إلى بيتها، فقالت: يا رسول اللَّه من أعظم حقا على الرجل؟ قال: والده، قالت: فمن أعظم الناس حقا على المرأة قال: زوجها، قالت: فما لي عليه من الحق مثل ما له علي؟ قال: لا، ولا من كل مائة واحدة، فقالت: "والذي بعثك بالحق نبيا لا يملك رقبتي رجل أبدا".[1]
فيما يتعلق بهذا الروایة، ينبغي أن يقال؛ على الرغم من أن هذا الروایة صحيحة من حیث السند، إلا أن ظاهر معناها يتناقض مع العديد من الآيات والروايات. وفي مثل هذه الحالة، وأيضًا عندما لا تنسجم الروایة مع حکم العقل، يجب التخلى عن ظاهر معناها، ثم تأویلها وتفسیرها أن امکن ذلک، والا یجب رفضها و طرحها.
على سبيل المثال، في نفس هذه الروایة، وعلی افتراض قبولها، لابد أن تقتصر الروایة علی واجبات في حالات خاصة و معینة، حتی تكون امتيازات الزوجة في تلك الحالات فقط أقل من واحد بالمائة من امتيازات الزوج. وإلا فانه من الواضح لمن له أدنی معرفة بالفقه، والحقوق الاسلامیة، أن هناك حالات تتمتع فيها المرأة بامتيازات على زوجها، لا یملک الزوج أیّا منها، من جملتها:
- يمكن للمرأة - حتى لو كانت من الاثریاء - أن تطلب من زوجها دفع تکلفة جميع احتياجاتها المالية العرفیة، ولكن الزوج فانه لایملک مثل هذا الحق حتى أقل من واحد بالمائة، أي حتی لو كانت المرأة من الرأسمالیین الکبار وكان الزوج في نهایة الفقر، فانّه ليس علی الزوجة أيّ واجب شرعي بالنسبة إلی توفير الحد الأدنى من احتياجات زوجها.
- للمرأة الحق في مطالبة المهر؛ وحق المضاجعة، ولها الحق في أن تطلب من زوجها أجرة في مقابل ارضاع طفلها! وللزوجة ایضا أن تطلب من زوجها أجرة في مقابل الطبخ الذي ستأكل هي وأولادها منه، ولو أن الزوج هو الذي قام بتوفیر المواد الاولیة للطبخ!. وکذلک في حالة وجود الأبناء المشتركين، فإن الرجل وحده ملزم بإعالتهم وبتأمین نفقتهم، اما المرأة، حتى إذا كانت ثروتها تعادل عشرة أضعاف ثروة زوجها، فانه ليس عليها أي واجب في إعالة أولادها!
لذلك، من الضروری، عند تقييم الروايات التي ترتبط بمسألة حقوق الرجال والنساء، الالتفات إلى هذه النکتة الاساسیة، أن الإسلام هو دين الحق والعدالة، وبناءا علی هذا، فإنه قام بتعیین حقوق جميع أفراد الأسرة، بما في ذلك الرجال والنساء والأطفال، على أساس الاحتياجات الحقيقية للأسرة السليمة، ولم یضیّع أي حق من أحد حتی یعتبر مخالفا للعدالة. لذلك، فأن تركيز بعض الروايات على الحقوق الخاصة للرجال، أو الحقوق الخاصة للمرأة، قد یکون بالنظر الی حالات خاصة أو ظروف ثقافية خاصة، او یرتبط احیانا بمزاج المستفسرین وشخصیتهم، مثل هذه الرواية التي تخاطب فیها المرأة رسول الله(ص) بإنها ليست على استعداد للعيش مع أي رجل. فيمكن القول هنا بأن هذه المرأة كانت انانیة للغاية وأن النبي(ص) کان علی علم من احوالها فاجابها هکذا.
[1]. الکلینی، محمد بن یعقوب، الكافي، المحقق، المصحح، الغفاری، علی اکبر، الآخوندی، محمد، ج 5، ص 507، طهران، دار الکتب الإسلامیة، الطبعة الرابعة، 1407ق.