بحث متقدم
الزيارة
4065
محدثة عن: 2018/09/01
خلاصة السؤال
كيف يمكن إزالة صفة البخل عن انفسنا؟
السؤال
سلام علیکم. كيف يمكننا إزالة صفة البخل عن انفسنا؟
الجواب الإجمالي

بالرغم من أن كلمة "البخل" و"الخساسة" كلاهما من أصل عربي؛ ومع ذلك، فإن عدم استخدام الاموال بالطريقة الصحيحة، والمبالغة في جمع المال واکتناز الثروة، هو رذيلة يتم الکلام حولها في النصوص الأخلاقية تحت كلمة "البخل".

تعريف البخل

البخل هو أحد الرذائل الأخلاقية التي تم إدانتها على نطاق واسع في النصوص الدينية. البخل هو امساک المقتنیات عمّا لا يحق حبسها عنه‏؛[1] أي أن الإنسان یجمع المال والثروة، ولا يستخدمهما لمصلحته، ولا ینفقها علی الآخرين.

بعبارة أخرى، البخل هو: الامساک فی وقت یجب فیه البذل، وعدم إعطاء ما ينبغي أن يُعطى.[2] فالناس الذين لديهم مثل هذه الصفة يطلق عليهم اسم البخيل.

ذم البخل

في إحدى الآيات يعتبر القرآن الكريم أن الصفة البارزة للمتكبرین والأنانيین هي أنهم لا يحسنون إلى الآخرين حتى الی آبائهم وأقاربهم![3]

ویقول ایضا عن البخل والبخلاء: «الَّذينَ يَبْخَلُونَ وَ يَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَ يَكْتُمُونَ ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ أَعْتَدْنا لِلْكافِرينَ عَذاباً مُهيناً».[4]

بالطبع، قد لا يأمر البخلاء بالبخل بالسنتهم، ولكنهم يروجون لهذه الرذیلة ویدعون الیها من خلال أفعالهم، فینمیل الآخرون إلى هذه الصفة المثيرة للاشمئزاز من خلال رؤية حرصهم وبخلهم. من المؤكد أن أولئك الذين يعانون من هذا المرض النفسی لن یقوموا بالاحسان حتى الی والديهم وأقاربهم.

ومن الخصائص الاخری للبخلاء هی، أنهم دائمًا ما يخفون النعم والبركات والمواهب التي منحهم الله ایاها من فضله،[5]  ويظهرون أنفسهم فقراء هذا حتى لا يتوقع الآخرون منهم الاحسان والانفاق.[6] وتجدر الإشارة إلى أن البخل لا يقتصر على الشؤون المالية، بل يشمل جميع أنواع النعم، فهناك كثير من الناس لا يبخلون في الشؤون المالية، ولكنهم بخيلون في تعليم ونشر العلم والمعرفة، إلخ.

علاج البخل

لعلاج البخل مثل الأمراض الأخرى، يجب على المرء أولاً معرفة أضرار البخل وآثار وفوائد الوجود والانفاق، ثم البحث عن علاجه؛ أي أن على البخيل أن يفكر كثيراً في آثار ونتائج البخل - التي وردت في النصوص الدينية-، وكذلك فوائد الكرم و الجود التي وردت في التعاليم الدينية ویتأمل فيها. ویكثر من التفكير في الآيات والأحاديث التي جاء الکلام فیها عن خساسة البخلاء وذلّتهم والتی تبشر بالمکافاة علی الوجود والکرم.

يجب على البخيل أن يعتقد أن أمامه عالم آخر غیر هذا العالم، والذي سيسافر ویرحل إليه عاجلاً أم آجلاً، وانه يحتاج إلى ارسال بعض ما لديه بالفعل في هذا العالم الی عالم آخر وادخاره هناک حتى يتمكن من استخدم ذلک في يوم عجزه وفقره.

فعندما عرف البخيل هذه الامور اعتقد بها، فعليه أن یکره نفسه على البذل، ویخلي قلبه من حب الثروة والمال، ویبذل وینفق باستمرار؛ ویقوم بالاحسان الی الفقراء حتى یميل طبعه البشري إلى صفة البذل والاحسان. ومن أراد أن يتخلص من هذه الرذیلة الاخلاقیة، فعلیه ان لا یتعلل فی عمله عندما یرید بذل شیء من ماله، لإن الشيطان يغريه ويخوفه من الفقر وقلة المال.

إذا تجذر مرض البخل في نفس الإنسان فعليه أن يقنع نفسه بأن بذله وانفاقه سيجعله معروفاً بين الناس بالکرم، وعليه أن یتذکر المعروفين بالجود والكرم، حتى يتمكن بذلک من اقناع نفسه وبسط یده للبذل والانفاق.

بالطبع ان البذل والعطاء بهذه النية وبهذا الشکل رغم أنه ليس حقيقة السخاء والكرم ویعتبر صفة رذیلة عند اولیاء الله ولكن لا اشکال ولا ضرر فی ذلک اذا کان بدافع التشجیع والترغیب حتی ینتزع المرؤ حب المال من قلبه، وبعد ذلک یقوم بتصحیح نيته وقصده.

جدیر بالذکر أن أهم طریق لعلاج هذه الصفة هو قطع جذور هذا المرض وهو حب المال الذی یدعو الی حب الدنیا.[7]

 

 

[1]. الراغب الاصفهانی، حسین بن محمد، المفردات فی غریب القرآن، تحقیق، الداودی، صفوان عدنان، ص 109، دمشق، بیروت، دارالقلم‏، الدار الشامیة، الطبعة الاولی، 1412ق.

[2]. النراقى، احمد، معراج السعادة، ص 406، قم، الهجرة، الطبعة السادسة، 1378ش.‏

[3]. «وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَ بِذِي الْقُرْبى‏ وَ الْيَتامى‏ وَ الْمَساكينِ وَ الْجارِ ذِي الْقُرْبى‏ وَ الْجارِ الْجُنُبِ وَ الصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَ ابْنِ السَّبيلِ وَ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالاً فَخُوراً». نساء، 36.

[4]. النساء، 37.

[5]. «الَّذينَ يَبْخَلُونَ وَ يَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَ يَكْتُمُونَ ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ». نساء، 37.

[6]. الجعفری، یعقوب، کوثر، ج ‏2، ص 436، قم، الهجرة، الطبعة الاولی، 1376ش.

[7]. النراقی، محمد مهدی، جامع السعادات، ج 1، ص 446- 448، 454- 457، قم، اسماعیلیان، الطبعة السابعة، 1428ق، 1386ش؛ معراج السعادة، ص 405- 407، 410- 413.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280465 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    259118 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129816 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    116202 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89697 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61314 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60564 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57472 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    52091 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    48156 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...