بحث متقدم
الزيارة
8149
محدثة عن: 2010/04/28
خلاصة السؤال
ما معنى المكر الإلهي؟
السؤال
تقول الآية 54 من سورة آل عمران: " وَ مَكَرُوا وَ مَكَرَ اللَّهُ وَ اللَّهُ خَيْرُ الْماكِرين‏" فهل يفخر الله بمكره في هذه الآية؟ أو ليس المكر سيّئاً على كل حال؟
الجواب الإجمالي

المكر في اللغة العربية بمعنى "صرف الغير عمّا يقصده" (خيراً كان أم شراً). وهذا هذا المعنى ليس سيئاً دائماً.

و نسبة المكر لله سبحانه بمعنى إحباط المكائد الشيطانية المضرة، فاذا نسبت الى المفسدين حينئذ تعطي معنى الوقوف أمام المناهج الإصلاحية، و عليه يكون المراد من الآية أن أعداء المسيح وضعوا الخطط الشيطانية للتصدي له و الوقوف بوجه دعوته الإلهية، إلا إن الله و لحفظ حياة نبيّه و صون الدعوة من أثرات هذا المخطط الخطير، مكر أيضاً فأحبط كل ما مكروه و خططوا له.

الجواب التفصيلي

لا بد أولا من معرفة المراد من "المكر الإلهي" ليتضح المعنى.

"المكر" في اللغة العربية يختلف كثيراً عمّا هو عليه في اللغة الفارسية المعاصرة، فالمكر في اللغة الفارسية المعاصرة هو وضع الخطط الشيطانية الضارّة. و قد يكون هذا المعنى هو المتبادر في الاستعمالات العربية المعاصرة و عند المتلقي العربي في عصرنا الراهن، إلا ان معناها الحقيقي عند المتكلم العربي في عصر الدعوة و ما سبقها و عند علماء اللغة العربية هو البحث عن العلاج لأمر ما، من هنا نجد الراغب الاصفهاني صاحب مفردات القرآن الكريم يقول في بيانه لمعنى المكر[1]: المكر: صرف الغير عما يقصده ـ خيراً كان أم شراً ـ و عليه لا تختص كلمة المكر في المصطلح القرآني بالخطط الشيطانية المضرة، فقد تستعمل و يراد منها هذا الأمر، كذلك قد تسعتمل بمعنى العلاجات الحسنة فقد وردت كلمة "المكر" مقرونة بكلمة "الخير" إذ يقول "وَ مَكَرُواْ وَ مَكَرَ اللَّهُ وَ اللَّهُ خَيرْ الْمَاكِرِين"[2] كما وردت مقترنة مع "السيء" في: "اسْتِكْبَارًا في الْأَرْضِ وَ مَكْرَ السَّيىّ‏ِ  وَ لا يحَيقُ الْمَكْرُ السَّيئّ‏ُِ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ  فَلَن تجَدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا  وَ لَن تجَدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تحَوِيلا".[3]

و عليه يكون المراد من الآية هو أن أعداء المسيح وضعوا البرامج الشيطانية و رسموا الخطط الجهنمية للوقوف بوجه هذه الدعوة الإلهية، و لكن الله و لكي يحفظ حياة نبيّه و يصون الدعوة مكر أيضاً فأحبط كل ما مكروه.[4]

إذن، لا تختص كلمة المكر بالأمور التي تجلب الضرر. فإذا نسبت هذه الكلمة إلى الله فإنها تعني إحباط المؤامرات الضارة من قبل الآخرين، و إذا نسبت إلى المفسّدين فحينئذ تعني التخطيط و التآمر للوقوف أمام المناهج الإصلاحية.[5]

 


[1]  المفردات في غريب القرآن، ص 772.

[2]  آل عمران، 54.

[3]  الفاطر، 43.

[4]  تفسير الأمثل، ج 2، ص 514، مدرسة الإمام علي بن أبي طالب (ع)، قم، 1421 ق.

[5]  تفسير الأمثل، ج 12، ص 92.

 

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279357 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    256903 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128056 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    112876 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    88917 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59625 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59354 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56810 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49382 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47110 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...