بحث متقدم
الزيارة
5278
محدثة عن: 2011/06/02
خلاصة السؤال
مع الأخذ بنظر الاعتبار جمیع أبعاد المصلحة العامة أ لیس من الارجح تحدید فترة قانونیة للقیادة فی دستور الجمهوریة الاسلامیة؟
السؤال
یخطر ببالی سؤال أتمنى أن تجیبوا عنه بموضوعیة و بعیداً عن التعصب الصنفی، و السؤال هو: من المعروف أن ایران دولة تعتمد فی اقتصادها بنسبة عالیة على النفط، الأمر الذی قد یؤدی الى استغناء حکومتها عن الشعب مما ینجر فی نهایة المطاف الى نوع من الانحراف و الاستعلاء على الشعب و الطغیان علیهم. من جهة ثانیة أن الشعب الایرانی فی الاعم الاغلب بل یصح القول کله من المسلمین الذین یرون- مع توفر الشروط اللازمة- بان من الارجح أن تکون القیادة بید عالم دین عارف بالامور. لکن الاشکال الأهم الذی یثار هنا: لیس من المناسب أن تکون کل هذه الثروة و القدرة بید شخص واحد غیر معصوم بنحو لم تحدد له فیها دورة انتخابیة معینة حتى و إن کان ذلک الشخص قد طوى مراحل کبیرة من العلم و الورع و التقوى و النزاهة و الدرایة؛ و ذلک لان طول فترة الحکم قد یوقع الشخص فی الزلل و الخطأ، أضف الى ذلک أن تسلق النفعیین و الانتهازیین الى حاشیة ذلک القائد هو الآخر قد یؤدی بطریقة شعوریة أو غیر شعوریة الى حصول جدار مانع بینه و بین الشعب و حصول حلقة و دائرة قویة تستحوذ على الثروة و السلطة معا.
و مع هذا المحاذیر و مع الاخذ بنظر الاعتبار جمیع ابعاد المصلحة العامة أ لیس من الارجح تحدید فترة قانونیة للقیادة فی دستور الجمهوریة الاسلامیة؟ جعلنا الله و ایاکم من خدمة الاسلام المخلصین.
الجواب الإجمالي

دوام القیادة فی الجمهوریة الاسلامیة و عدم تحددیها بفترة إنتخابیة معینة ینبع من الدستور الذی أقره الشعب الایرانی بغالبیة تکاد تکون إجماعیة، و لا یوجد مبرر لتحدید القیادة بفترة زمنیة محددة مادام القائد تتوفر فیه الشروط المقررة دستوریا و قد التزم سلوکیا بتلک الشروط بحذافیرها. ثم إن الفساد فی الحکومات لم ینبع من عدم تحدید الفترة الانتخابیة بل یتعلق باخلاقیة الحاکم و سلوکیاته؛ و ذلک لان الحکام الفاسدین مع تقیدهم بالفترة القانونیة لکنهم فی الواقع تراهم یلتفون حول الدستور من خلال تشکیل الاحزاب و المافیا الخطیرة التی تجعل قیادة البلاد لا تخرج من تحت ایدیهم حقیقة و إن تغیرت البیادق صوریا، ففی واقع الأمر أن الحکومة تخرج عن حکومة الفرد ظاهرا و لکنها تبتلی بحکومة الحزب و هیمنة المافیا.

الجواب التفصيلي

من الواضح، أن تحدید فترة حکومة رئیس القوة التنفیذیة "رئیس الجمهوریة" و غیره من القوى، و إن کان ینطوی على الکثیر من المنافع و المصالح، لکن لا یمکن القول أنه بحد نفسه هو العامل الوحید الذی یحد من ظهور حالة الفساد و الانحراف و الهیمنة، بل و کما هو مشاهد فی الکثیر من الدول التی یحکمها قانون محدد و فترة معینة لا یحق للرئیس تخطیها، لکننا فی الواقع العملی نجد حکامها ضربوا طوقا من الحصار على السلطة و الهیمنة علیها من خلال تشکیل الاحزاب أو ما شابه ذلک بحیث خرجت الدولة من هیمنة الفرد ظاهراً لتقع تحت هیمنة الحزب حقیقة و الذی یمثل مافیا خطرة لا یمکن التصدی لها و الوقوف بوجهها، فالحکومة فی تلک البلاد تمثل فی الواقع تبادل للادوار من قبل رجال الحزب الواحد أو الحزبین، و هذا لا یشکل فی واقع الأمر تغییراً حقیقیاً و انما هی تغییرات صوریة و شکلیة لا تؤثر على الحکام قید شعرة و انما الذی یتحمل الضرر الشعوب خاصة.

و على هذا الاساس، لاحظ المقننون للدستور فی الجمهوریة الاسلامیة جمیع نقاط الضعف و القوة فی الانظمة و الدساتیر المختلفة، و من ثم ذهبوا الى کون الاصلح و الانفع لمصالح البلاد و الشعب هو کون القیادة غیر محددة بفترة زمنیة معینة، و ان حکمه دائم ما دام لم یخرج عن العدالة، ثم أقر هذا الدستور من قبل الشعب فاصبح دستورا نافذا فی البلاد.

و نحن لو تألمنا فی الشروط التی اشترطت فی القیادة الاسلامیة و التى على رأسها العقل و العدالة، و الرقابة الشدیدة التی یخضع لها القائد من قبل ممثلی الشعب من المجتهدین الذین یتألف منهم مجلس خبراء القیادة، نکتشف أمرین أساسیین:

الاول: أنه لاتوجد حکومة فی العالم تخضع لمثل هذه الرقابة الصارمة و الشدیدة التی تراقب القائد فی الجمهوریة الاسلامیة، حیث یراقب سلوکه من قبل عشرات المجتهدین المنتخبین من قبل الشعب و لا یشفع له کونه قائدا او ولیا، بل نجد الحاکم فی الدول و الحکومات الاخرى حرا- نوعا ما- فی تلک الفترة القانونیة التی ینتخب بها، حیث یبقى ذا صیانة دستوریة خلال تلک الفترة المقررة قانونیا!

الثانی: صحیح أن القائد فی دستور الجمهوریة الاسلامیة لم تحدد له فترة قانونیة، لکن الشروط التی وضعت فی نفس الدستور للقیادة لا تسمح له فی الخروج عن جادة العدالة و التقوى و لو لحظة واحدة، فلو صدر منه ما یخل بشروط القیادة ینعزل تلقائیا و یفقد شرعیته من الناحیة الشرعیة و الدستوریة فلا تکون له ولایة على الجماهیر، و هذه فی الحقیقة قد تقصر عمر القیادة الى أقل من اسبوع و قد تمتد بها فترة طویلة، فالقضیة متوقفة على توفر الشروط فان وجدت فهو قائد شرعی و قانونی و الا فلا، و مجرد کون القانون لم یحدد له فترة زمنیة خاصة لا یشفع له اذا اختلت فیه شروط القیادة المحددة دستوریاً.

نعم، لو رأت الجماهیر و النخبة منهم- یوما ما- ان المصحلة تکمن فی تحدید دورة خاصة للقیادة و للولی الفقیه، فمن الممکن ان تدرس القضیة من جمیع ابعادها و تقنن دستوریا. و لکن یظهر أن الاصلح فی إدارة البلاد هو عدم تحدید الفترة الزمنیة للقیادة و لکن شریطة توفر جمیع الشروط الدستوریة فیه و التی على رأسها شرط التقوى و العدالة.

لمزید الاطلاع انظر الاسئلة التالیة:  7178 (الرقم فی الموقع: 7937) و 7241 (الرقم فی الموقع: 7433)

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280465 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    259118 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129816 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    116202 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89697 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61314 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60564 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57472 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    52091 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    48156 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...