بحث متقدم
الزيارة
6004
محدثة عن: 2009/12/03
خلاصة السؤال
کیف ینسجم ادّعاء کون الموجود المطلق مساوق للخارجیة و الوحدة و الفعلیّة، مع القول بأن الوجود إما خارجی أو ذهنی و إما کثیر أو واحد و إما بالقوة أو بالفعل؟
السؤال
نقول من جانب أن الوجود المطلق مساوق للخارجیة و الوحدة و الفعلیة و من جانب آخر نقول أن الوجود إما خارجی أو ذهنی و الوجود إما کثیر أو واحد، و إما بالقوة أو بالفعل. أ لیس هذان القولان لا ینسجمان مع بعضهما البعض؟
الجواب الإجمالي

للوجود المطلق معان و استعمالات متعدّدة؛ فتارة یراد به المعنی الذی لیس فی مقابلة شیء و یصطلح علیه: المطلق غیر المقیّد بقید الإطلاق، و تارة لیس کذلک أی أنه رغم کونه مطلقاً و لکنه لیس مطلقاً من الإطلاق بل مقیّد بالاطلاق. فحین یقال أن الموجود المطلق مساوق للخارجیة و الوحدة و الفعلیة فالمراد هو الوجود المطلق غیر المقیّد حتی بقید الإطلاق.

و اما حین نقول أن الوجود إما خارجی أو ذهنی، و الوجود إما کثیر أو واحد و إما بالقوة أو بالفعل، فالمراد هو الوجود المطلق الذی یکون مقیّداً بقید الإطلاق، فالمقصود فی الواقع هو مرحلة من مراحل الوجود.

الجواب التفصيلي

للوجود المطلق معان و استعمالات متعددة فتارة یراد به المعنی الذی لا یکون فی قباله شیء و یصطلح علیه المطلق غیر المقید بقید الإطلاق، و تارة لا یکون کذلک أی أنه رغم کونه مطلقاً و لکنه لیس مطلقاً من الإطلاق بل مقید بالإطلاق.

و بهذا البیان یندفع التهافت الظاهری بین الکلامین اللذین یقول أحدهما أن الموجود المطلق مساوق للخارجیة و الوحدة و الفعلیة و الآخر: أن الوجود إما خارجی أو ذهنی و الوجود إما کثیر أو واحد و إما بالقوة أو بالفعل.

و توضیح ذلک: أنه حین یقال أن الموجود المطلق مساوق للخارجیة و الوحدة و الفعلیة فالمراد هو الوجود المطلق الذی لا یکون مقیّداً حتی بقید الإطلاق و لهذا لا یکون له مقابل و لیس هناک شیء فی قباله. بل کل ما یفرض فهو ظلّ له، و فی هذه الصورة تکون الوحدة و الفعلیة و الخارجیة و هی صفاته، مساویة له أیضاً بحیث لا یکون فی مقابلها شیء الا العدم[1]، لأن الکثرة ما لم تکن لها وحدة فإنها لا توجد، و ما بالقوة أیضاً ما لم یحصل علی الفعلیة فی کونه "ما بالقوة" فإنه لا یتحقق، و الموجود الذهنی أیضاً خارجیته المطلقة هی کونه ذهنیاً و ما لم یحصل علی الخارجیة فی کونه ذهنیّاً فإنه لا یتحقق.

و أما حین نقول بأن الوجود إما خارجی أو ذهنی و الوجود إما کثیر أو واحد، و إما بالقوة أو بالفعل، فالمراد هو الموجود المطلق الذی یکون مقیّداً بقید الإطلاق فالمقصود فی الواقع هو مرحلة من مراحل الوجود أی تلک المرحلة التی یکون الوجود مقیداً بالإطلاق و لکنه لا یکون مقیداً بالخارجیة أو الذهنیة أو الکثرة و الوحدة، و فی هذه الصورة لا تکون الخارجیة و الفعلیة و الوحدة أیضاً مستعملة فی معناها المطلق، بل تکون بحیث تقابل الذهنیة و ما بالقوة و الکثرة.

یقول العلّامة الطباطبائی فی توضیح هذا الأمر: "فإن لازم الاختلاف الذاتی فی الوجود أعنی وقوع التشکیک من متن حقیقته أن یتحقق هناک کثرة یتنافی بعض أجزائها مع البعض تنافیاً قیاسیاً فیعرض البعض نوع من الفقدان بالنسبة الی البعض و لازمه أن یفارق المقیس إلیه فی وصف کماله و یساوق المقیس إلیه أصل الحقیقة کما أنا نقسّم الوجود الی ذهنی و خارجی و إلی ما بالقوة و ما بالفعل و الی کثیر و واحد ثم نقول: الوجود یساوق الخارجیة و یساوق الفعلیة و یساوق الوحدة".[2]

و مراده: أنه بالنظر الی کون الوجود ذا مراتب مختلفة فإننا نقسّم الوجود الی خارجی و ذهنی، ما بالقوة و ... و بالنظر الی أن جمیع هذا المراتب و اختلافها، مشترکة فی أصل التحقق و الوجود فإننا نقول أن الوجود مساوق للفعلیة و الخارجیة.



[1] حقیقة الوجود من حیث هو غیر مقیّد بالإطلاق و التقیید و الکلیّة و الجزئیة و العموم و الخصوص و لا هو واحد بوحدة زائدة علیه و لا کثیر و لا متشخّص بتشخص زائد علی ذاته کما سنزیدک انکشافاً و لا مبهم بل لیس له فی ذاته الا التحصّل و الفعلیة و الظهور و إنما تلحقه هذه المعانی الإمکانیة و المفهومات الکلیة و الأوصاف الإعتباریة و النعوت الذهنیة بحسب مراتبه و مقاماته المنبه علیها بقوله تعالی "رفیع الدرجات" فیصیر مطلقاً و مقیّداً و کلیّاً و جزئیاً و واحداً و کثیراً من غیر حصول التغیر فی ذاته و حقیقته و لیس بجوهر کالماهیّات الجوهریة المحتاجة الی الوجود الزائد و لوازمه و لیس بعرض لأنه لیس موجوداً بمعنی أن له وجوداً زائداً فضلاً عن أن یکون فی موضوع المستلزم لتقدّم الشیء علی نفسه و لیس أمراً اعتباریاً کما یقوله الظالمون لتحقّقه فی ذاته مع عدم المعتبرین ایّاه فضلاً عن اعتبارهم و کون الحقیقة بشرط الشرکة أمراً عقلیّاً و کون ما ینتزع عنها من الموجودیة و الکون المصدری شیئاً اعتیاریاً لا یوجب أن تکون الحقیقة الوجودیة بحسب ذاتها و عینها کذلک. صدر المتألهین، الحکمة المتعالیة فی الأسفار العقلیة الأربعة، ج 1، ص260.

[2] هامش الحکمة المتعالیة فی الأسفار العقلیة الأربعة، ج1، ص 260.

التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

  • أیهما أفضل استشارة الطبیب النفسی أم المشاور الدینی؟
    5068 العملیة 2011/10/16
    للإجابة عن السؤال نتابع الآتی:1ـ فیما یخص مشاورة الطبیب النفسی أو الخبیر الدینی لا بد من القول: مع أن الأمرین مرتبطان ببعضهما من زاویة نظر معینة إلا أنهما منفصلان من جهة أخرى. و لذلک فمن یشعر بوجود مشکلة نفسیة و روحیة معنویة فعلیة أن یراجع المتخصص فی هذا الفن، ...
  • هل يوجد من العلماء من افتى بحرمة الموسيقى مطلقاً و بجميع أنواعها؟
    3813 الحقوق والاحکام 2015/05/25
    صنف علماء الشيعة و فقهاؤهم من القرن القرن الحادي عشر و حتى الوقت الراهن رسائل مستقلة في الغناء و الموسيقى، حيث وقعت القضية منذ ذلك العصر و حتى اليوم معركة للآراء، و كان الفقهاء قبل ذلك يتعرضون للموضوع استطراداً و ضمن ابحاث كتاب التجارة من الفقه أو كتاب ...
  • ما حکم مشاهدة غیر المحارم عن طریق التلفزیون او الکامبیوتر؟
    5328 الحقوق والاحکام 2010/09/05
    اجاب سماحة آیة الله العظمى السید الخامنئی (دام ظله) عن السؤال التالی:ما هو حکم النظر إلى صورة المرأة الأجنبیة السافرة؟ و ما هو حکم النظر إلى صورة المرأة فی التلفزیون؟ و هل هناک فرق بین المسلمة و غیرها، و بین الصور المعروضة بالبثّ المباشر و ...
  • ما هو اسم کتاب النبی نوح (ع)؟
    6089 الکلام القدیم 2009/02/01
    ذکر فی الروایات اسم کتاب النبی نوح (ع) تحت عنوان "صحف نوح"[1] و لم یذکر له اسم خاص غیر ذلک.[1] بحارالأنوار، ج : 35 ص ...
  • مع الالتفات الى الروایات المختلفة و المتضادة ظاهراً، هل الکلام هو الأفضل أم السکوت؟
    7137 العملیة 2011/06/14
    اذا نظرنا الى کل من السکوت و الکلام من زاویة الآفات التی یتعرضان لها فلکل واحد منهما آفاته الخاصة به و لکل منهما محاسنه الخاصة کذلک، و مع ملاحظة کلا الامرین یکون من الصعب ترجیح طرف على آخر. لکن یمکن القول بشکل مطلق اذا قارنا بین السکوت و الکلام بعیدا ...
  • ما هو رأی سماحتکم فی أحادیث تحریف القرآن؟
    5292 الحقوق والاحکام 2010/12/01
    جواب سماحة آیة الله هادوی الطهرانی (دامت برکاته):1. روایات التحریف إما ضعیفة السند أو لیست بحجة من ناحیة الصدور أو أنها مضطربة دلالة؛ ولاریب أن القرآن الکریم مصون من التحریف مطلقاً فلم و لن یحرف.2. لو إعتقد الشخص بتحریف ...
  • هل یجب ان یلبس الخاتم فی الید الیمنی
    6844 الحقوق والاحکام 2008/07/19
    التختم هو من سنن النبی (ص) و الائمة (ع)، و فی الروایات توجد اشارات بخصوص جنس الخاتم، و شکله و النقش علیه. و اضافة لذلک فقد وردت التوصیة بانه من الافضل ان یکون الخاتم فی الید الیمنی. ان جمیع الاحکام التی وضعها الاسلام بخصوص لبس الخاتم لها جنبة استحبابیة. نعم ...
  • من هو أبو سعید الخدری؟ و هل کان محباً لأهل البیت (ع)؟ و هل کان یؤمن بإمامة أمیر المؤمنین(ع)؟
    6680 تاريخ بزرگان 2009/02/28
    لایوجد جواب الجمالی لهذا السؤال، النقر الجواب التفصیلی ...
  • ما معنى مكر الله؟
    6170 التفسیر 2012/03/12
    سئل الإمام الرضا (ع) عن نسبة الخديعة و الإستهزاء و المكر لله في القرآن الكريم، فقال: "إن الله عزّوجلّ لا يسخر و لا يستهزئ و لا يمكر و لا يخادع و لكنّه عزّ و جلّ يجازيهم جزاء السخرية و جزاء الإستهزاء و جزاء المكر و الخديعة...". ...
  • هل صحیح أن قبر الإمام أمیر المؤمنین علی (ع) فی العین الیمنى لسیدنا آدم (ع)؟
    6852 تاريخ بزرگان 2013/12/03
    1ـ اختلفت الروایات و النصوص التاریخیة عن محل دفن آدم (ع). فمنها ما تنصّ على أن محل دفنه فی حرم الله (فی مکة المکرمة و حوالیها).[1] و منها ما تنص على أن محل دفنه هو مدینة النجف و عند قبر الإمام علی (ع).

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280469 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    259124 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129819 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    116215 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89700 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61317 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60568 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57475 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    52102 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    48168 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...