Please Wait
30301
تشتمل سورة النساء على 176 آية مباركة، و هي من السور المدنية؛ و قد نزلت عند ما كان النبي الاكرم (ص) مقبلا على تأسيس حكومة إسلامية و تكوين مجتمع إنساني قويم.
و قد توزع الحديث في السورة المباركة على أربعة محاور أساسية:
المحور الاول: دار حول حقوق المرأة، و بالمناسبة تحدثت الآيات عن حقوق اليتامى و السفهاء و طريقة تقسيم الإرث بين الجنسين، و الشهادة بالاكراه أمام وارث المرأة و...
اما المحور الثاني في السورة فيدور حول ضرورة احترام أموال الناس و نفوسهم و ضرورة المحافظة على ذلك من العوامل التي تعرضها للخطر كالجهل و الحسد.
و انصب الحديث في المحور الثالث حول ضرورة و أهمية الاحسان و مراعاة حقوق المساكين و الضعفاء و حرمة البخل و الانفاق رياءً.
و عالج المحور الرابع - و الذي يمثل العمود الفقري للسورة و الذي أخذ حيزاً كبيراً من آياتها المباركة- موضوع الحكومة الاسلامية بجميع ابعادها.
تجد تفاصيل ذلك في الجواب التفصيلي.
مقدمة
تشتمل سورة النساء على 176 آية مباركة، و هي من السور المدنية؛ فعند ما كان النبي (ص) مقبلا على تأسيس حكومة إسلامية و تكوين مجتمع إنساني قويم، نزلت هذه السورة و هي تحمل جملة من القوانين التي لها أثر كبير في إصلاح المجتمع، و إيجاد البيئة الاجتماعية الصالحة النقية.
و من ناحية أخرى فإنّ أكثر أفراد هذا المجتمع الجديد كانوا قبل ذلك من الوثنيين بما فيهم من لوثات الجاهلية و انحرافاتها و رواسبها، لذلك يتعين قبل أي شيء تطهير عقولهم، و تزكية أرواحهم و نفوسهم من تلك الرّواسب، و إحلال القوانين و البرامج اللازمة لإعادة بناء المجتمع محل تلك العادات و التقاليد الجاهلية الفاسدة.[1]
و من الواضح ان السبب في تسمية السورة بسورة النساء هو ابتداء السورة المباركة بالحديث عن حقوق المرأة و النساء و بعض الاحكام المتعلقة بهن، و علاقتهن مع الرجال في شتى مناحي الحياة.
و لما كانت الشريعة الاسلامية قد أولت المرأة مكانة خاصة في المجتمع الاسلامي اقتضت الضرورة ان تفرد سورة خاصة من سور القرآن الكريم للحديث عن هذه القضية المهمة و الحساسة جداً، و لاريب أن افضل مكان يناسب هذا القضية هو القرآن الكريم عامّة و سورة النساء خاصّة.
مسائل و موضوعات سورة النساء
توزع الحديث في السورة المباركة على أربعة محاور أساسية هي:
1. تحدثت السورة من الآية الاولى الى الآية الخامسة و العشرين ثم من الآية 33 الى الآية 35 و هكذا الآيات 127 الى 130 و كذلك في الآية الاخيرة من السورة، عن حقوق المرأة، و بالمناسبة تحدثت عن حقوق اليتامى و السفهاء و طريقة تقسيم الإرث بين الجنسين، و الشهادة بالاكراه أمام وارث المرأة، و هكذا تحدثت علن حق المرأة بالمهر و حرمة الزواج من بعض اصناف النساء منها حرمة الزواج من زوجة الأب. كذلك تعرض لقيمومة الرجال على النساء في حدود الشريعة، و من الابحاث التي اشارت اليها السورة المباركة هنا الاشارة الى بعض النساء النموذجيات و الفاضلات، و المصالحة بين الزوجين عند نشوب الخلاف بينهما و ضرورة رعاية العدل و الانصاف في هذه القضية و تشكيل فريق تحكيم و لجنة للمصالحة تتألف من اقرباء كل من الزوجين، و هكذا الاشارة الى بعض احكام الارث.
2. المحور الثاني في السورة يدور حول ضرورة احترام أموال الناس و نفوسهم و ضرورة المحافظة على ذلك من العوامل التي تعرضها للخطر كالجهل و الحسد، و هذا ما اشارت اليه الآيات 26 الى 32.
3. المحور الثالث تحدث عن ضرورة و اهمية الاحسان و مراعاة حقوق المساكين و الضعفاء و حرمة البخل و الانفاق رياءً، و هو ما ارشدت اليه الآيات 36 الى40 من السورة المباركة.
4. المحور الرابع هو المحور الاساسي و الذي أخذ حيزاً كبيراً من السورة المباركة دار حول موضوع الحكومة الاسلامية بجميع ابعادها، فعلى سبيل المثال:
نجد الآيتين 41- 42 ، تؤكدان شهادة النبي الاكرم (ص) على الأمة و أنه الحاكم الشرعي الذي يجب امتثال أوامره و نواهيه و حرمة التمرد على ما يأتي به من قوانين و تشريعات سماوية، اضافة الى حرمة كتمان الشهادة.
و تحدثت الآيات 44 الى57 – مفصلا- عن دور العلم في اقامة الحق و مسؤوليات العلماء في أداء أمانة العمل، عن طريق بيان الحقيقة بلا تحريف و لا تزوير للحقائق، كذلك تعرضت لقبح الكذب على الله و شناعة ذلك شرعاً، مع بيان بعض الصفات الذميمة لهذه الطائفة من الناس و إزاحة الستار عن حيلهم و مخططاتهم و نياتهم الفاسدة.
ودار الحديث في الآيات 58 – 70، حول القيم و المثل التي ترتكز عليها السياسة الاسلامية و من أبرزها اداء الامانة و حقوق الناس و الحكم بين الناس بالقسط.
كذلك تعرض الآيات لضرورة و وجوب امتثال أوامر النبي الاكرم و أولي الأمر و طاعتهم و حرمة الانصياع لأوامر الطواغيب، كذلك تحدثت عن صفات المنقادين للطواغيت و الخاضعين لهم و اعتبارهم من المنافقين؛ و ذلك لان المنافقين يتمردون دائماً على أوامر النبي الاكرم (ص) في الحرب و يفضلون الهروب على الاقدام، و من الابحاث التي تعرضت لها الآيات ضرورة الدفاع عن المستضعفين و المحرومين.
و في مجال السياسة الاسلامية تحدثت الآيات 77- 79 و كذلك الآيات 80-87 في موضوعين اساسين:
الاول: ضرورة الانضباط و السكينة و امتثال الأوامر الصادرة من القائد اثناء الحرب.
الثاني: دور قيادة الجيش في التحريض على الحرب و حث الناس على الطاعة و الامتثال.
و في الآيات 88- 91، تركز البحث حول موضوع النفاق و بيان خصائص و صفات المنافين و أنواع النفاق و كيفية التعامل مع هذه الطائفة من الناس.
و كان للمجاهدين و المهاجرين، سهم خاص في الآيات 95- 100، و التحدث عن المهاجرين كطبقة من المسلمين في مقابل طبقة المنافقين و دور المهاجرين في نجاح الرسالة.
ثم عادت الآيات 105- 111 للحديث عن قيم الاسلام السياسية و قانونية دولة الاسلام و دستوريتها و التحذير من الفساد الاداري. و نهي النبي الاكرم (ص) عن المجادلة مع الخائنين و المغرر بهم الذين اختاروا طريق الضلال و الانحراف.
و في الآيات 117- 126 جاء الحديث عن أبعاد النفاق من قبيل اصل النفاق و دور الشيطان و تسويلاته و وعوده الخادعة في هذا المجال.
اما ضروة التقوى و الالتزام و اقامة العدل و الشهادة بالحق و تزكية النفس من رين النفاق فقد عالجته الآيات 131- 134. ثم عرجت السورة على بحث الايمان في الآيات 136- 146 و تحذير المسلمين من أن تشاب افكارهم الدينية الخالصة بافكار و نظريات مضللة.
و على العموم فإن المواضيع المختلفة التي تحدثت عنها هذه السّورة هي عبارة عن:
1- الدّعوة إلى الإيمان و العدالة، و قطع العلاقات الودّية بالأعداء الألداء، و الخصوم المعاندين.
2- ذكر بعض قصص الأمم الماضية لأجل التعرف على عواقب المجتمعات غير الصالحة.
3- العناية بالمحتاجين إلى الحماية مثل الأيتام، و بيان التعاليم اللازمة لصيانة حقوقهم.
4- قانون الإرث و التوارث بنحو طبيعي و عادل في قبال الكيفية القبيحة التي كان عليها وضع التوريث في ذلك الزمان، حيث كان يحرم الضعفاء بحجج واهية، و أعذار غير وجيهة.
5- القوانين المتعلقة بالزّواج و البرامج التي تصون العفاف العام.
6- القوانين العامّة لحفظ الأموال العامّة.
7- حفظ و تحسين حالة الوحدة الأساسية للمجتمع، أي العائلة.
8- الحقوق و الواجبات الفردية المتقابلة في المجتمع.
9- التعريف بأعداء المجتمع الإسلامي و تحذير المسلمين منهم.
10- الحكومة الإسلامية و وجوب طاعة قائد هذه الحكومة.
11- حثّ المسلمين على مجابهة الأعداء و جهادهم.
12- الكشف عن الأعداء و الخصوم الذين قد يتوسلون بالعمل السري.
13- أهمية الهجرة و وجوبها عند مواجهة مجتمع فاسد غير قابل للتأثير فيه و تغييره.
14- البحث مجددا عن الإرث و نظام التوريث، و ضرورة تقسيم الثروات المكدسة بين الوارثين.[2]
[1] مكارم الشيرازي، ناصر، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج3، ص: 76، مدرسة الامام علي بن أبي طالب (ع)، قم، الطبعة الاولى، 1421هـ.
[2] انظر: مترجمان، تفسير هدايت، ج 2، ص 8- ۱۲، بنياد پژوهشهاى اسلامي آستان قدس رضوي، مشهد، الطبعة الاولىول، 1377ش؛ قرائتي، محسن، تفسير نور، ج 2، ص 237، مرکز فرهنگي درسهایي از قرآن، طهران، الطبعة الحادية عشرة، ۱۳۸۳ش؛ مکارم شیرازی، ناصر الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج3، ص: 76- 77.