بحث متقدم
الزيارة
6625
محدثة عن: 2011/04/09
خلاصة السؤال
أرید بعض المعلومات فیما یخص منهج السيد رشيد رضا في تفسیر المنار.
السؤال
أرید بعض المعلومات فیما یخص منهج السيد رشيد رضا في تفسیر المنار.
الجواب الإجمالي

إن هذا التفسیر يتوافق مع إسلوب الشیخ محمد عبده و إملاء السید محمد رشید رضا من أول القرآن إلی سورة النساء آیة 126، أما الباقي فقد کُتب بإسلوب السید رشید رضا و علی منهج و مسلک استاذه. و تفسیر المنار یعتبر من التفاسیر الإجتماعیة و التربویة و قد تأثّر به عدد کبیر من التفاسیر. و قد سعی الشیخ محمد عبده، في الجزء الذي کتبه أن یکون تفسیراً غنیّاً بالروایات الصحیحة و الأمور العقلیة الواضحة، و لم یخض کثیراً في مباحث الألفاظ و الإعراب و النکات البلاغیة، بل اهتمّ بالأمور التي لم یتعرض لها سائر المفسرين. فهذا القسم من التفسیر اهتم کثیراً بروایات النبي (ص) و الأخذ من المفسّرین الآخرین. و من خصائص و مميزات تفسیره هو هجومه العنيف علی الصوفیة و اتهاماته المتعددة للشیعة.

الجواب التفصيلي

لهذا التفسیر بین التفاسیر القرآنیة اتّجاه سیاسي و اجتماعي و تربوي بحیث اشتهر مفسّره بالمفسّر المجدد صاحب المسلک التفسیري الجدید، کما و یعتبر من قادة و مفکّري الحرکة الإسلامیة المعاصرة. فلا نری لتکرار المکرّرات المتعددة التي نلحظها  في التفاسیر الأخری مجالاً هنا، بل کثیر ما نجد فیه مواضع جدیدة و حدیثة.

و لا یضم هذا التفسیر بین دفّتیه کل القرآن، بل ینتهي إلی الآیة 53 من سورة یوسف  " وَ مَا أُبَرِّئُ نَفْسيِ  إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةُ  بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبّي‏ِ  إِنَّ رَبيّ‏ِ غَفُورٌ رَّحِيم" و هو بإسلوب الشیخ محمد عبده و إملاء السید محمد رشید رضا من أول القرآن إلی سورة النساء آیة 126. و من الملاحظات التي تسجل على التفسير هجومه الشدید علی الصوفیه و أفکارهم [1]  کما و یُلحظ في أماکن متعددة من هذا التفسیر و بدون أي سبب كثرة الافتراء و التهم الموجهة ضد الشیعة.

و من المتبنيات التي يعتمدها تفسیر المنار أن خطابات السور القرآنية لا تختص بموضوع و مجال معیّن، بل هو کلام لکل البشریة و الهدف منه استقرار العقائد و الآداب و الأعمال الأکثر رسوخاً و ثباتاً. [2]

یلخص صاحب کتاب التفسیر و المفسّرون منهج و مسلک تفسیر المنار في المجالات التالیة:

1- تعریف الإسلام بأنه دین العقل و القانون و مصدر الخیر و البرکات و صلاح المجتمع.

2- الاعتقاد بأن القرآن لا یتبع العقیدة بل العقیدة هي التي تتبع القرآن و تُؤخذ منه.

3- الاعتقاد بعدم وجود التعارض بین الحقائق العلمیة الموجودة و بین القرآن.

4- الاعتقاد بأن القرآن مجموعة متشکّلة و واحدة.

5- التأکید علی المحافظة علی التفسیر المأثور ( التفسیر النقلي) و تجنب القصص الإسرائیلیة و الجعلیة.

6- تأثیر عدم الغفلة عن الوقائع التاریخیة في فهم معاني القرآن.

7- إستعمال الذوق الأدبي في فهم الجوانب المختلفة للآیات.

8- تفسیر القرآن في ضوء الحقائق الثابتة و القطعیة العلمیة.

9- تناول المسائل الإجتماعیة في الأخلاق و السلوک.

10- تجنب الدخول و الخوض في المسائل الغیبیة البعیدة عن الإحساس و الإدراک.

11- اتخذ موقفاً صحیحاً و حاسماً في مقابل سحر السحرة خصوصاً في شأن تأثیره علی شخصیة النبي (ص).

12- اتخاذ موقفاً صحیحاً في مقابل الروایات غیر المعتبرة و لو کانت موجودة في کتب الصحاح. [3]

و قد حصل هنا إفراط کثیر –مع الأسف- کما في بعض الموارد المشابهة، لذا نری من الضروري ذکر عدة ملاحظات فیما یخص التقییم المتقدّم لتفسیر المنار.

یقول بعض الباحثين في شأن التفسیر و المفسّرین: [4] إن هذا التفسیر هو بإنشاء الشیخ محمد عبده و إملاء السید رشید رضا؛ و بما إن الشیخ محمد عبده لا یوافق علی التفسیر الترتیبي، أي تفسیر القرآن من أوله إلی آخره –لمصلحة ما – بل یعتقد أن التفسیر یجب أن یتناول ما یحتاجه المجتمع المعاصر و ما لا یتناوله الآخرون؛ لذا لا یظهر ان الکلام السابق صحیح، یقول السید رشید رضا في أول تفسیره نقلاً عن الشیخ عبده: لا یحتاج القرآن إلی تفسیر شامل و کامل کما أن عمر الإنسان لا یسمح بذلک، لکنه بحاجة ملحّة إلی تفسیر بعض الآیات القرآنیة. [5]

من هنا قد يكون السيد رشيد رضا اعتمد في جميع مجلدات التفسير منهج استاذه الشيخ عبده و قد يعتمد احياناً بعض التفاسير المنتخبة لديه.

و یذکر بعض المفسّرین و المحققین في العلوم القرانیة [6] في بیان منهج و مسلک تفسیر المنار أموراً لا یظهر منها انهم في مقام الثناء على التفسير المذكور و صاحبه السيد رشيد رضا، الا ان القرائن و الشواهد و کیفیة ترتیب هذه الأمور السابقة الذکر أنهم بصدد مدح الرجل و الثناء على تفسيره.

یشير صاحب کتاب (التفسیر و المفسّرون) في المادة الخامسة و السادسة [7] من الموارد التي ذکرها في بیان  منهج و مسلک تفسیر المنار و کذلک صاحب کتاب [8] (المفسّرون حیاتهم و منهجهم) في المادة السابعة: على تأکیده علی المحافظة علی التفسیر المأثور ( التفسیر النقلي) و تجنب القصص الإسرائیلیة و الموضوعة و تأثیر عدم الغفلة عن الوقائع التأریخیة في فهم معاني القرآن.

الا انه من الممكن تسجيل بعض الملاحظات النقدية على التقييم المذكور، وان هذا الحكم الايجابي علی منهج و مسلک تفسیر المنار ليس صحیحاً؛ و ذلك لان المراجع للتفسير المذكور يجد ما يخالف تلك النظرة الايجابية للكتاب، حيث يوجد الکثیر من الموارد في تفسیره تناقض هاتین النقطتین، نشیر إلی بعضها من باب المثال:

الف: إنکاره شأن نزول آیة المباهلة.

ب: عدم نقل شأن نزول آیات الولایة و التبلیغ و الکمال و غیرها.

ج: عدم قبول الروایات الواردة في الإمام المهدي –عج-.

د: الإعتماد علی الإسرائیلیات التي تشوه صورة الإمام علي و ...[9]

قد یقال بأنه لیس المراد بأن صاحب تفسیر المنار لم یکتب في تفسیره شیئاً من المجعولات و الإسرائیلیات، بل المراد بأنه کان أقل من الآخرین في ذلک، ففي هذه الصورة لابد من التنويه بهذا المعنى و عد صياغة العبارة بنحو يفهم منه الاطلاق و العموم، و ليكون التقييم اكثر موضوعية و واقعية.

 


[1] الأیازي، محمد علي، المفسّرون حیاتهم و منهجهم، ج 3، ص 1132-1138.

[2] العلامي، أبو الفضل، الفرقاني، قدرت الله، الحسیني، سید علي، ---- مع التفاسیر و المفسّرون، مدیریة التوجیه العقائدي و السیاسي للولي الفقیه لدی قوّات الحرس الثوري، الطبعة الأولی، 1379 ش.

[3]  المعرفت، محمد هادي، التفسیر و المفسّرون، ج 2، ص 1012 و 1013، الجامعة الرضویة للعلوم الإسلامیة، الطبعة الثانیة، 1384 ش.

[4] المعرفت (ره) صاحب کتاب التفسیر و المفسّرون؛ الأیازي صاحب کتاب المفسّرون حیاتهم و منهجهم.

[5]  لا یمکن ذکر هذا الأمر بدون تردید و إن اعتقد به الکثیرون.

[6] صاحب کتاب التفسیر و المفسّرون و المفسّرون حیاتهم و منهجهم.

[7] المعرفت، محمد هادي، التفسیر و المفسّرون، ج 2، ص 1012.

[8] الأیازي، محمد علي، المفسّرون حیاتهم و منهجهم، ج 3، ص 1136.

[9] راجعوا رسالة «دراسة آراء سید قطب و رشید رضا في "في ظلال القرآن" و "المنار" في باب الشیعة» لعبد الرحیم رضاپور (مرحلة الماجستیر، جامعة الأدیان و المذاهب، 1388) للحصول علی التفاصیل.

 

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279430 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257214 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128131 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113227 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    88984 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59827 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59541 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56849 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49718 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47158 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...