Please Wait
8961
مفردة "الطيب" تطلق في صحاح اللغة[1] على خلاف الخبيث. و قال صاحب لسان العرب: الطِّيبُ على بناء فِعْل والطَّيِّب نعت وفي الصحاح الطَّيِّبُ خلاف الخَبيث قال ابن بري: الأَمر كما ذكر، إِلا أَنه قد تتسع معانيه فيقال: أَرضٌ طَيِّبة للتي تَصْلُح للنبات ورِيحٌ طَيِّبَةٌ إِذا كانت لَيِّنةً ليست بشديدة وطُعْمة طَيِّبة إِذا كانت حلالاً وامرأَةٌ طَيِّبة إِذا كانت حَصاناً عفيفةً ومنه قوله تعالى "الطيباتُ للطَّيِّبين".[2]
و ذهب صاحب قاموس القرآن الى القول بان كلمة الطيب تعني ملائمة الطبع، و نقل عن الراغب الاصفهاني أنه قال: وأصل الطيب ما تستلذه الحواس وما تستلذه النفس؛ لانه اذا طاب الشيء مالت النفس اليه. و في الختام اشار الى بعض الآيات التي توضح المراد من المعنى، كقوله تعالى " يا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالًا طَيِّباً وَ لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ".[3]
ثم قال صاحب قاموس القرآن: يجوز الاكل بشرطين: كونه حلالا لا حق للآخرين فيه، و ميل النفس اليه و عدم تنفرها منه كالقاذورات و....
فاذا كان المراد من الحلال، الحلال الشرعي فلابد من الرجوع الى الآيات و الروايات لمعرفة كافة شروطه، و الا فالحلال ما لم يكن للآخرين حق فيه و لا يزاحم حقوق الناس، و متابعة الشيطان تعني – ظاهراً- التجاوز و الميل من الحلال و الطيب. و يستفاد من الآية الكريمة أن كل ما لذ و مالت اليه النفس و لم يكن للآخرين حق فيه فاكله جائز[4]. و لكن التحديد الشرعي للحلال يقوم على اساس النصوص الشرعية فما أباحه الشرع جاز و ما حرمه لم يجز حتى مع التذاذ النفس به.
من هنا قال صاحب القاموس: و المراد من الطيبات و الخبائث في الآية الكريمة، الطيبات و الخبائث الواقعية، و لا يكون الملاك فيها رأي الناس فقط؛ فما يحرم شرعا إنما حرمته بسبب خبثه الواقعي و ان كان العرف لا يعده من الخبائث؛ كالزنا و عدم التعفف فقد ينظر اليهما البعض نظرة ايجابية لا تنطوي على شيء من الخبائث!! و كذلك الذبائح التي لا تتوفر على شروط التذكية الشرعية و تناول الحشرات و الديدان و... التي لا تعد لدى الكثير من الناس من الخبائث؛ و لكنها لما كانت من الخبائث الواقعية من هنا حرمها الشرع و منع من الاقتراب منها، و بهذا رسم الشارع المقدس الطريق أمام الانسان لمعرفة الخبائث الواقعية التي لا مجال لمعرفتها الا من خلال الشرع.[5]
[1] الجوهري، اسماعیل بن حماد، الصحاح، ج 1 ص 173، دار العلم، بیروت، 1410 ق.
[2] ابن منظور، لسان العرب، ج 1 ص 563، دار صادر، بیروت، 1414 ق.
[3] البقرة، 168.
[4] : القرشي، سید علي اکبر، قاموس قرآن، ج 4، ص 257- ص 261، دار الکتب الإسلامیة، طهران، 1371 ش.
[5] انظر:نفس المصدر.