بحث متقدم
الزيارة
12689
محدثة عن: 2007/12/26
خلاصة السؤال
کیف کان حجاب النساء فی عصر النبی و قبل ذلک؟
السؤال
ارجو ان تذکروا -اعتماداً علی التاریخ- کیف ظهر الحجاب الاسلامی فی عصر النبی (ص)؟
الجواب الإجمالي

الحجاب لغة بمعنی الستار و الحاجب و الشیء الذی یحول و یفصل بین شیئین. و بالطبع فکما قال المفسرون و المحققون انّ لفظة الحجاب بمعنی الستر للمرأة هو اصطلاح نشأ فی زماننا فهو اصطلاح معاصر. و الذی کان یستعمل سابقاً و خصوصاً فی اصطلاح الفقهاء هو کلمة "الستر" التی هی بمعنی الغطاء. و الذی یستفاد من التاریخ فی هذه المسألة هو ان الحجاب بمعنى ستر المراة کان موجوداً فی العالم قبل الاسلام و عند الادیان المختلفة و باشکال مختلفة و ان الاسلام وسع دائرته قلیلاً.

ان حجاب النساء فی زمن النبی (ص) کان هو الحجاب المتداول و التقلیدی فی ذلک الزمان ای ان النساء کن یسترن بدنهن و یغطین رؤوسهن و لکنّ مقداراً من الاذن و العنق و قسماً من الصدر کان بادیاً حیث نزلت الآیة و صدر الامر للنبی (ص) ان یأمر النساء ان یغطین ذلک ایضاً لکی لا تظهر زینتهن للعیان.

الجواب التفصيلي

لفظة الحجاب فی اللغة بمعنی الستار و الحاجب و الشی الذی یفصل و یحول بین شیئین.[1] و کما قال المفسرون و المحققون ان لفظة الحجاب بمعنی ستر المرأة هو اصطلاح ظهر فی عصرنا فهو اصطلاح جدید، و الذی کان یستعمل سابقاً و خصوصاً فی اصطلاح الفقهاء هو کلمة "الستر" التی هی بمعنى الغطاء.[2] ان لزوم تستر المرأة أمام الرجل الاجنبی هو أحد القضایا الاسلامیة المهمة. فقد أوجب القرآن الکریم الحجاب علی المرأة من أجل رقی المرأة و تکاملها و ایضاً من أجل الحفاظ علی جو الاسرة و المجتمع. و الذی یستفاد من التاریخ هو أن الحجاب بمعنی ستر المرأة کان موجوداً قبل الاسلام و لدی الأدیان المختلفة و باشکال مختلفة، فلم یکن هذا الحکم تأسیسیاً، أی لم یخترعه الاسلام، بل ان الاسلام قبله و أمضاه، و کما یستفاد من تاریخ عصر النبی (ص) فان الاسلام وسع قلیلاً من دائرته و شدد علیها.

کان الحجاب موجوداً فی ایران قبل الاسلام، و لدی الیهود، و فی الهند، و ذلک بصورة مشددة و مبالغ فیها و فی ایران القدیمة کان الآباء و الاخوان یعتبرون من الاجانب بالنسبة للمراة المتزوجة.[3]

و بناء علی‌ هذا فما یسفتاد من التاریخ هو أن النساء فی عصر النبی کان لهن حجاب و بالطبع لیس حجابا کاملاً فالنساء عادة کن یرتدین ثیاباً مفتوحة من طرف العنق فکانت صدورهن و اعناقهن بادیة للعیان،‌ و أغطیة الرأس التی یضعنها على رؤوسهن، کن یلقین باطرافها السفلی الی‌ الخلف، و من الطبیعی ان تظهر آذانهن و قراریطهن و مقدم صدورهن و اعناقهن.[4]

و النتیجة ان حجاب النساء فی عصر النبی (ص) کان عبارة عن أن تغطی المرأة کل بدنها و تضع غطاءً علی رأسها، غایته کان یظهر منها مقدار من الصدر و العنق و بعض مواضع الزینة و التی تؤدی الی إثارة شهوة الرجال. و روی عن الامام الباقر (ع) قوله: «استقبل شاب من الانصار امرأة بالمدینة و کانت النساء یتقنعن خلف آذانهن فنظر الیها و هی مقبلة فلما جازت نظر إلیها و دخل فی زقاق قد سماه لبنی فلان فجعل ینظر خلفها و اعترض وجهه عظم فی الحائط أو زجاجة فشق وجهه فلما مضت المرأة نظر فاذا الدماء تسیل علی ثوبه و صدره، فقال: و الله لآتین رسول الله (ص) و لا خبرنه. قال: فأتاه فلما رآه رسول الله (ص) قال له: ما هذا؟ فاخبره[5] فهبط جبرئیل بهذه الآیة «و لایبدین زینتهن الاّ ما ظهر منها».[6]

و واضح ان هذه الآیة فی مقام بیان توسیع دائرة الستر و الحجاب، لان باقی مواضع البدن کانت مستورة بالثیاب التقلیدیة لذلک العصر و هی الثیاب الطویلة و کانت مواضع الصدر و العنق فقط هی المفتوحة و الظاهرة.[7]

و الذی هو مورد بحثنا فی هذه الآیة هی جملة «و لیضربن بخمرهن على جیوبهن». یقول الراغب فی المفردات: "اصل الخمر ستر الشیء و یقال لما یستتر به خمار لکن الخمار صار فی التعارف اسماً لما تغطی به المراة رأسها".[8]

قیل انه فی وقت نزول الآیة کانت النساء تجمع ملحفتها و خمارها و تلقیها علی ظهرها فیبدو صدرها.[9]

و بناء على هذا، یصیر معنی الآیة انه یجب علی النساء ان یجعلن الخمر "اغطیة الراس"علی صدورهن و اعناقهن لکی تستر صدورهن و اعناقهن. یقول بن عباس فی تفسیر هذا القسم من الآیة: "تغطی شعرها و صدرها و ترائبها و سوالفها".[10] و نقل عن عائشة انها قالت: "ما رأیت نساءً خیراً من نساء الانصار لما نزلت هذه الآیة. قامت کل واحدة منهن إلى مرطها المرحل فصدعت منه صدعة، فاختمرن، فأصبحن کأن على رءوسهن الغربان"‏.[11]



[1] ابن منظور، لسان العرب ، مادة حجب.

[2] تفسیر الأمثل، ج 17، 402؛ المطهری، مرتضی، مسألة الحجاب، ص 78.

[3] ول دیورانت، قصة الحضارة، ج 12، 30 ؛ ج 1، ص ‌552.

[4] المطهری، مرتضی، مجموعة الآثار، ج 19، ص 484 – 485.

[5] الفیض الکاشانی،‌تفسیر الصافی، ج 5، ص 230؛ مجموعة الآثار، مرتضی المطهری، ج 19، ص 485.

 [6]«و قل للمؤمنات یغضضن من ابصارهن و یحفظن فروجهن و لا یبدین زینتهن الا ما ظهر منها و لیضربن بخمرهن على جیوبهن و لا یبدین زینتهن»، النور، 31.

[7] للاطلاع اکثر لا حظ موضوع: دائرة حجاب المرأة السؤال 1759.

[8] الراغب الاصفهانی، مفردات الفاظ القرآن، لفظة خمر.

[9] القرشی، السید علی‌ اکبر، قاموس القرآن، ج 2، کلمة حجب.

[10] الطبرسی، مجمع البیان، ج 4، ص 138.

[11] تفسیر الکشاف، ج 3 ذیل الآیة 31 من سورة النور.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279311 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    256747 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128014 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    112647 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    88885 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59523 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59313 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56785 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49247 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47087 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...