بحث متقدم
الزيارة
5478
محدثة عن: 2010/12/21
خلاصة السؤال
ما هی العلاقة بین تناول الغذاء من کد الیمین و زیادة الشهوة لدى بعض الرجال؟
السؤال
ما هی العلاقة بین تناول الغذاء من کد الیمین و زیادة الشهوة و النشاط الجنسی لدى بعض الرجال؟ و هل یوجد ما یدل على ذلک من الروایات؟ و هل القضیة تتعلق بالخمس و الزکاة؟
الجواب الإجمالي

لاریب أن للغذاء السلیم علاقة فی شدة قوة المیل الجنسی و تحرک الشهوة الغریزیة لدى الانسان و لا ینبغی بحال من الاحوال النظر الى هذه القضیة نظرة سلبیة تشاؤمی.، نعم، لو کان الطعام مستحصلاً عن طریق الحرام قد یجر الانسان للانجرار وراء القوة الجنسیة و الوقوع فی الحرام و ارتکاب المعصیة؛ ولا اشکال و لا ضرر فی شدة القوة الجنسیة اذا لم تکن ناتجة عن طریق الحرام. و من الجدیر بالذکر أن النصوص الدینیة حثت الشباب - من ذوی القوة الجنسیة الشدیدة و الذین لم یتمکنوا من التعفف بالزواج- على التقلیل من الطعام و إن کان الطعام حلالاً فی نفسه، و کذلک حثتهم على الاکثار من الصیام مهما أمکن للتقلیل من جماح الغریزة الجنسیة و کبح طغیانها کی لا یقع الشباب فی الانحراف الاخلاقی لا سامح الله.

الجواب التفصيلي

الاجابة عن التساؤل المطروح تقتضی الاشارة الى بعض المقدمات ثم الخروج بنتیجة البحث:

1. من الواضح جداً أن المیول و الخرائز الجنسیة من الامور الطبیعیة للانسان و قوتها و هیجانها لیست من الامور المذمومة شرعاً، فلا مبرر للقلق من هذه الجهة قطعاً. نعم، الأمر المهم هنا السیطرة علیها و سوقها بالاتجاه الصحیح و اشباعها من الطرق الشرعیة. من هنا نرى الشریعة قد ذمت الرهبنة و عدم الزواج[1]. ومن العجیب هنا أن بعض الروایات حثت المتزوجین على تفعیل الغریزة الجنسیة و الاستفادة منها بالنحو الاکمل " فِی الْخِضَابِ ثَلَاثُ خِصَالٍ مَهِیبَةٌ فِی الْحَرْبِ وَ مَحَبَّةٌ إِلَى النِّسَاءِ و یَزِیدُ فِی الْبَاهِ".[2]

لکن فی الوقت نفسه نرى النصوص الشرعیة تؤکد على التعفف و طهارة الذیل و الحفاظ على الحرمات، کما فی القرآن الکریم " و الذین هم لفروجهم حافظون إلا علی أزواجهم "[3] و کذلک فی الروایات الکثیرة الواردة عن الأئمة المعصومین (ع) الحاثة على التعفف و الاخرى التی اشارت الى العقوبات الشدیدة التی تنتظر المتجاوزین على هذه الحدود و المنتهکین لحرمتها.[4]

2. لاریب أن الشبع و التخمة سواءً حصلا من المال الحلال أو من الحرام، یوجبان قوة الغریزة الجنسیة و هیجانها. من هنا نرى النبی الأکرم (ص) یخاطب الشباب قائلاً: " یَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْکُمُ الْبَاهَ فَلْیَتَزَوَّجْ وَ مَنْ لَمْ یَسْتَطِعْهَا فَلْیُدْمِنِ الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ".[5]

إذن هناک علاقة بین الطعام و بین القوة الجنسیة فتناول الطعام ینشطها و یزید منها و قلة الطعام تضعفها و تحد من هیجانها سواء توفر الطعام عن طریق الحلال أو الحرام، و لا فرق فی ذلک من هذه الناحیة.

3. قال النبی الأکرم (ص): " لَوْ أَنَّ مُؤْمِناً دَعَانِی إِلَى طَعَامِ ذِرَاعِ شَاةٍ لَأَجَبْتُهُ وَ کَانَ ذَلِکَ مِنَ الدِّینِ وَ لَوْ أَنَّ مُشْرِکاً أَوْ مُنَافِقاً دَعَانِی إِلَى جَزُورٍ مَا أَجَبْتُهُ وَ کَانَ ذَلِکَ مِنَ الدِّینِ؛ أَبَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِی زَبْدَ الْمُشْرِکِینَ وَ الْمُنَافِقِینَ وَ طَعَامَهُم‏".[6]

و هذا الکلام یکشف عن الدور الذی یلعبه الطعام الذی یتناوله الانسان فی سلوک الانسان و ان مفعوله یختلف باختلاف اصحاب الطعام. و لاریب أن للقمة الطعام تأثیراً على طبیعة تفکیر الانسان و سلوکیاته، روی عن الامام الصادق (ع) أنه قال: " تَرْکُ لُقْمَةِ حَرَامٍ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ صَلَاةِ أَلْفَیْ رَکْعَةٍ تَطَوُّعاً".[7] و کذلک له الأثر السلبی على الاولاد و الذریة " کَسْبُ الْحَرَامِ یَبِینُ فِی الذُّرِّیَّةِ".[8]

نستخلص مما مر النتیجة التالیة: مع أن للطعام بانواعه –الاعم من الحلال و الحرام- تاثیراً فی تقویة و نشاط الغریزة الجنسیة لکنه فی ذات الوقت لا یعد فی حد نفسه أمراً مذموماً شرعاً؛ نعم، لو کانت لقمة الطعام حاصلة عن طریق الحرام – سواء کان الآکل ارتکب الحرام بنفسه او تناول الحرام من ید غیره- فسیکون لها الانعکاس السلبی و سیؤدی الهجیان الجنسی حینئذ الى الانحراف السلوکی و الاخلاقی و الاعتقادی، على عکس فی ما اذا کانت اللقمة من حلال فلا یترتب علیها هذه المردودات السلبیة، و یؤید ذلک ما روی عن الامام الصادق (ع) أنه قال: "مَنْ رَضِیَ بِالْیَسِیرِ مِنَ الْحَلَالِ خَفَّتْ مَئُونَتُهُ وَ زَکَتْ مَکْسَبَتُهُ وَ خَرَجَ مِنْ حَدِّ الْفُجُورِ".[9]



[1] انظر: الحر العاملی، محمد بن الحسن، وسائل الشیعة، ج 20، ص 106، الباب 48، مؤسسة آل البیت، قم، 1409 ه ق.

[2] الحر العاملی، محمد بن الحسن، وسائل الشیعة، ج 2، ص 82، ح 1552؛ ج 25، ص 18، ح 31022 و ص 177، ح 31578 و ...

[3] المؤمنون، 7- 5؛ المعارج 31- 29،

[4] انظر: الحر العاملی، محمد بن الحسن، وسائل الشیعة، ج 28، الروایات المختلفة و المندرجة تحت ابواب کتاب الحدود.

[5] المجلسی، محمد باقر، بحار الانوار، ج 100، ص 220، ح 20، مؤسسة الوفاء، بیروت، 1404 ه ق.

[6] وسائل الشیعة، ج 24، ص 268، ح 30512.

[7] بحار الانوار، ج 90، ص 373.

[8] وسائل الشیعة، ج 17، ص 81، ح 22043.

[9] نفس المصدر، ج 21، ص 531، ح 27777.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280300 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258899 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129701 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115823 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89600 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61143 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60417 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57401 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51759 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47752 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...