بحث متقدم
الزيارة
6847
محدثة عن: 2010/07/17
خلاصة السؤال
هل إن علم الإمام الذی یعتقد به الشیعة یتنافی مع الخاتمیة؟
السؤال
إن بعض الشبهات فی مسألة الخاتمیة حین تظهر باسلوب حدیث و تأثر فی العقل الإستقرائی و بنظرة جدیدة، تبدو أنها جدیدة و متمرکزة حول محور "تعارض الخاتمیة و الإمامة"، و تتفرّع الی شبهات فرعیة متعددة .
و اعتقاد الشیعة بأن علم الأئمة(ع) غیر اکتسابی و إنه حجة علی الآخرین، یتعارض مع الخاتمیة. و علی أی حال فإن الناس إمّا أن یحصلوا علی معلوماتهم من دون واسطة الاکتساب و الاجتهاد أو بواسطة ذلک، و علم الأنبیاء هو من القسم الأول، ثم إن هذا العلم إما أن یکون مقترناً مع العصمة أو لا، و علم الأنبیاء هو من القسم الأول، و هذا العلم بلا واسطة و المقترن بالعصمة إما إن یکون حجة علی الآخرین أو لا یکون، و علم الأنبیاء هو من القسم الأول. و غلاة الشیعة ینسبون لأئمتهم جمیع هذه المراتب الثلاث و قد غاب عنهم إن مثل هذا الاعتقاد لا ینسجم مع الخاتمیة، أی أنهم یعتقدون: 1- إن علم الإمام لیس اکتسابیاً 2- و إن علم الإمام مقترن بالعصمة 3- و إن علم الإمام حجة علی الجمیع.
الجواب الإجمالي
لایوجد جواب الجمالی لهذا السؤال، النقر الجواب التفصیلی
الجواب التفصيلي

لا شک فی أن نبی الإسلام هو "خاتم النبیّین"، فقد انقطع بعده نزول الوحی التشریعی من السماء. کما قال أمیر المؤمنین علی(ع) حین تغسیله لبدن النبی الخاتم (ص) "بأبی أنت و أمی یا رسول الله، لقد انقطع بموتک ما لم ینقطع بموت غیرک من النبوة و الانباء و اخبار السماء"[1] و من هنا فإن الاعتقاد بهذا الأصل "الخاتمیة" یعدّ من  الاصول الإسلامیة.

 و ینبغبی فی رد الشبهة المذکورة ذکر عدة ملاحظات:

1- إن من جملة أسباب بروز هذه الشبهة هو عدم التفریق بین النبوة و الإمامة. فالنبی فی اصطلاح علم الکلام یطلق علی الشخص الذی مع کونه متصفاً بصفات مثل العلم و العصمة و کونه واجب الاطاعة، یجب أن یدّعی النبوة و نزول الوحی من قبل الله و أن یکون متمکّناً من إظهار المعجزة عند الضرورة.

و بناء علی هذا فإن نزول الوحی و وجود المعجزة هی من الشروط الأساسیة فی النبوة و ذلک مختص بالأنبیاء، فالأئمة المعصومون(ع) لم یدّعوا أبداً وجود مثل هذه الشروط عندهم، و شیعتهم أیضاً لم یرتفعوا بأئمتهم أبداً الی ذلک المستوی "النبوة و نزول الوحی التشریعی" لکی یکون ذلک معارضاً للخاتمیة و موجباً للغلوّ.

2- لیس هناک أی منافاة فی عصر الخاتمیة، بین الخاتمیة و حصول البعض علی علوم غیر اکتسابیة و حجیتها علی الآخرین. فقد وردت الاشارة فی القرآن الی أن البعض "من غیر الأنبیاء" یطلق علیهم "الذین اوتوا العلم" أی الذین اعطوا العلم من دون کسب کما فی قوله تعالی "و آیات بیّنات فی صدور الذین اوتوا العلم"[2]

و بالرغم من أن أصحاب هذه العلوم قد نالوا تلک المنن الإلهیة و لکنهم لیسوا بأنبیاء، و إن مجرد رؤیة الملک و العلم بالغیب لا یستلزم النبوة. فقد ظهر الملک الإلهی لمریم و وهب لها عیسی(ع) و لکن لم تصبح مریم نبیة. و بناء علی هذا فالعلوم التی لدی الائمة(ع) هی من هذا القبیل، إذن فلا منافاة بین أن یحصل الائمة(ع) علی مثل هذه الحال و لا یکونوا أنبیاء.

و نضیف الی ذلک أن مصادر علوم الائمة کثیرة و من جملتها الإلهام الذی هو نوع من الوحی غیر التشریعی الذی ینزل علی غیر الأنبیاء أیضاً، و الائمة(ع) من جملة هؤلاء.[3]

و الطریق الآخر لحصول الأئمة(ع) علی العلوم هو وراثتهم له من النبی الأکرم (ص) فقد روی محدثوا الشیعة و السنة أن أمیر المؤمنین علیّاً (ع) قال: "علّمنی رسول الله الف باب، کل باب یفتح الف باب"[4].

و قد انتقلت هذه العلوم بشکل کامل الی علی بن أبی طالب(ع) فقط فصار من بعد رسول الله(ص) "باب علم النبی" و هذا العلم من النوع غیر الاکتسابی الذی یؤتیه الله من یشاء. و لهذا فإن هذا العلم حجة علی من وصل الیه و علی هذا فقد جعل النبی(ص) أصحاب هذه العلوم (العترة) الی جنب القرآن فقال: "إنّی تارک فیکم الثقلین، کتاب الله و عترتی ...".[5] و بناء علی هذا فلیس معنی الخاتمیة أنه بعد ختم النبوة لا تکون أقوال الأولیاء المعصومین(ع) حجة، فإن الفهم الصحیح و المنطقی للخاتمیة یکشف عن أنه لیس هناک أیّ مانع من حجیة أقوال الائمة(ع) فی خارج دائرة مختصات النبی(ص)، و بناء علی هذا فإن ادّعاء العصمة و العلم اللدنّّّی و کذلک الارتباط بعالم الغیب عن طریق الالهام و الوحی غیر التشریعی لا یلازم النبوة، و لم یقصد ذلک أحد من علماء الشیعة.

3- أن القائل بنظریة تعارض الإمامة مع الخاتمیة یهدف عن طریق التمسک بالخاتمیة الی أن یصف النبی الخاتم(ص) بأنه آخر الحجج الإلهیة و ینزل بمقام الأئمة المعصومین(ع) و یجعلهم بمستوی الناس العادییّن، و لکن هذا المعترض إذا کان یعتقد -علی  أقل تقدیر- أن لنبی الإسلام شخصیة حقوقیة فإنه یجب علیه أن یعتبره حجة إلهیة و یقبل بکلامه من دون طلب الدلیل.[6]

و یتحتّم علیه أن یلتزم بلوازم ما یدّعیه، فیجب علیه القبول بالروایات الواردة عن النبی الخاتم حول مقام و منزلة الإمام أمیر المؤمنین علی(ع). فلو ألقینا نظرة خاطفة علی کلام النبی الأکرم(ص) لظهر لنا أن الإمام أمیر المؤمنین علیّاً(ع) و شخص النبی (ص) لهما شخصیة حقوقیة بأمر من الله،و لازم ذلک جعل الحجیة و مقام الولایة لذلک الإمام المعصوم(ع).

إن نبی الإسلام فی حدیث المنزلة[7] و أحادیث اخری و کذلک الآیات القرآنیة المتعددة جعل له مقام الإمامة و الولایة بمعنی المرجعیة الدینیة و خلافة النبی فی الشؤون الدینیة و لازم ذلک حجیة أقوال و أفعال الإمام علی عموم المسلمین. و نشیر فیما یلی الی بعض تلک الآیات و الروایات.

1- قد ذکر الله فی القرآن أن ولی المؤمنین هو الله و النبی و الذین یؤتون الزکاة فی حال الرکوع: " إِنَّما وَلِیُّکُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذینَ آمَنُوا الَّذینَ یُقیمُونَ الصَّلاةَ وَ یُؤْتُونَ الزَّکاةَ وَ هُمْ راکِعُونَ ".[8] و قد ذکر نبی الإسلام الأکرم فی روایات متعددة بأن مصداق جملة "یؤتون الزکاة و هم راکعون" هو أمیر المؤمنین(ع).[9]

2- ورد الأمر للمؤمنین فی آیة من القرآن باطاعة الله و الرسول و اولی الأمر "اطیعوا الله و اطیعوا الرسول و اولی الأمر منکم".[10] و قد فسّر النبی(ص) "اولی الأمر" فی روایات متعددة بأمیر المؤمنین علی(ع).[11] و قد أمر النبی(ص) باطاعة الإمام أمیر المؤمنین علی(ع) فی روایات منها قوله " و إن إمامکم علی بن أبی طالب فناصحوه و صدّقوه، فإن جبرئیل اخبرنی بذلک".[12]

و هناک روایات کثیرة فی هذا المجال صرفنا النظر عنها.



[1] نهج البلاغة، الخطبة 235.

[2] العنکبوت، 29.

[3] یراجع الدلیل العقلی (التحلیل العقلی) للخاتمیة، مصدر علم الإمام.

[4] المتقی الهندی، کنز العمال، الحدیث رقم 36372، الکلینی، اصول الکافی، ج 1، ص 239، طهران، دار الکتب الإسلامیة، 1365 ش (باختلاف یسیر).

[5] الحر العاملی، وسائل الشیعة، ج 27، ص 34، قم ، مؤسسة آل البیت، 1409 ق.

[6] سروش، عبد الکریم ، بسط التجربة النبویة، ص 123 - 132.

[7] الکلینی، الکافی، ج 8، ص 106. "قال رسول الله(ص) لعلی(ع) أنت منّی بمنزلة هارون من موسی الا أنه لا نبیّ بعدی".

[8] المائدة، 55.

[9] لاحظ: محمدی ری شهری، موسوعة الإمام علی(ع)، ج 2، ص 197.

[10] النساء، 59.

[11] لاحظ: محمدی ری شهری، موسوعة الإمام علی(ع)، ج 2، ص 129 و 169.

[12] الشیخ الصدوق، الأمالی، ص 565، انتشارات کتاب خانه اسلامی، 1362 هـ ش.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280274 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258855 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129655 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115714 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89578 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61080 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60391 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57383 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51662 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47726 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...