بحث متقدم
الزيارة
8672
محدثة عن: 2008/01/22
خلاصة السؤال
هل الغایة من «ستة أیام» التی ذکرت فی الآیات القرآنیة، هی الأیام الطبیعیة التی تنقسم الى (24) ساعة؟
السؤال
کنت أناقش ذات یوم صدیقی المسیحی حول ما جاء فی الانجیل والقرآن فی مسألة الخلقة. جاء فی الانجیل أن الله خلق الأرض فی ستة أیام و خلق سیدنا ادم فی الیوم الاخیر (السادس) .هل القرآن أیضا یؤید هذه النظریة؟
هل ماعٌبر عنه القرآن بـ(ستة أیام) یشیر الى أیام أطول من الایام الطبیعیة (24ساعة)؟ و طبعاً صدیقی المسیحی لا یقبل هذا المضمون معتبرا أن المعنى الدقیق هو الیوم الطبیعی (24ساعة) فیا حبذا لو تشرحون لی رؤیة الاسلام حول هذه المسألة؟
الجواب الإجمالي

ذکرت فی القرآن الکریم المدة التی خلقت فیها السماوات و الارض و عبر القرآّن عنها بـ(ستة ایام)دون ان یشیر الى خَلقْ ادم فی الیوم السادس او یخبر عن تفاصیل ما فعله الله تعالى فی کل یوم.

یبدو أن المراد من تعبیر(ستة ایام ) هو ستة مراحل، کما ان (الیوم) بهذا المعنى ًاستعمل فی آّیات قرآنیة اخرى و روایات عن الائمة و اکثر الشعراء و الادباء من استعمال هذا المعنى فی کلماتهم و اشعارهم. فلذلک یمکن ان السماء و الارض کانتا قد خلقتا قبل ملایین أو حتى ملیارات السنین و هذا ینطبق على خلق آدم أیضاً. و هذه ما تؤکدها اکتشافات علم الآّثار من دراسة بقایا اجزاء البشر الاولی التی تعود الى قبل ملایین السنین. و طبعاً عندما یقال أن نبی الله آدم ُخلقَ قبل ستة أو سبعة الاف سنة لایستحیل أن یکون المقصود منه هو النشأة البشریة الحدیثة التی تبدأ من آدم فلربما الاف الأجیال البشریة سبقت هذه النشأة الحدیثة و خلت.

الجواب التفصيلي

جاء فی القرآن الکریم و التوراة ان السماوات و الارض ُخلقت فی ستة أیام[1] الا أن:

القرآن المجید لم یشر الى تفاصیل ما فعله الله تعالى فی کل یوم[2] بینما الکتاب المقدس أشار الى تفاصیل هذه الافعال[3] هذا اولا، و ثانیاً: لم یشر القرآن الى ان الله خلق آدم فی الیوم السادس.

ثم هل المقصود من (الیوم) فی الآیة الکریمة: «و لقدخلقنا السماوات و الأرض و ما بینهما فی ستة أیام»،[4] هو الیوم الطبیعی (24ساعة) أم ...؟

فنقول: من الواضح أن اللیل و النهار، اللذین ینشآن من حرکة الأرض حول مدارها و أمام شعاع الشمس، لم یکونا فی بدایة الخلیقة کما علیه الان و ذلک لأنه لم تخلق الشمس و لا الارض فی تلک المرحلة. فاذن لایمکن القول ان المقصود من (الیوم) هی حرکة الأرض حول مدارها و ان یمکن أن نجعل الیوم الطبیعی (24ساعة) یوماً مماثلاً له.

و لکن بما أن الاکتشافات العلمیة الحدیثة تشیر الى أن السماء و الأرض تحولتا الى ما نشاهده حالیاً بعد ملائین السنین فلا داعی الى أن نساوی بین (الیوم) و (الیوم الطبیعی) سیما ان مفردة الیوم لها مفهوم واسع و معانی عدیدة و هی قد استعملت و ما زالت تستعمل فی مفهوم "المرحلة" و "عهد من الزمن" سواءً کانت تلک المدة قصیرة أو طویلة کآلاف السنین بل ملائین السنین.

فعلى سبیل المثال القرآن عٌبر عن الحشر "یوم القیامة" بینما الاخرة و الحشر مرحلة طویلة جداً حیث أنه جاء فی القرآن نفسه: «تعرج الملائکة و الروح الیه فی یوم کان مقداره خمسین ألف سنة».[5]

اذن على أقل التقادیر لم تؤید الآیات القرآنیة التساوی بین "الیوم" و الـ "24 ساعة" هذا بالاضافة الى أن مفردة "الیوم" استعملت على لسان عامة الناس و الشعراء و الأدباء و حتى أئمة الدین فی معنى "المرحلة" (طویلة کانت أم قصیرة)، کماقال أمیر المؤمنین علی (ع): «الدهر یومان، یوم لک و یوم علیک».[6]

و علیه أنشد کلیم الکاشانی:

مرارة الحیاة لم تکن أکثر من یومین

و أقولها لک یا "کلیم" کیف أنها أنقضت

یومٌ هوى قلبی لهذا و ذاک

و الیوم الأخر بمفارقتی لهذا و ذاک[7]

کذلک علماء اللغة فسٌروا مفردة الیوم بمفهوم واسع: فمثلاً راغب الأصفهانی یقول: الیوم یعٌبر به عن وقت طلوع الشمس الى غروبها و قد یعبٌر به عن مدة من الزمان أیٌ مدة کانت.[8]

نستخلص مما ذکرناه: أن الله تعالى خلق السماوات و الأرض فی ستة مراحل متتالیة و ان بلغت هذه المراحل الاف بل ملایین السنین و لاتتعارض الآیات القرآنیة و الأکتشافات العلمیة فی هذا المجال.

و کذلک لو أننا فسٌرنا ماجاء فی الکتاب المقدس من "الیوم" بـ "المرحلة"، کما أن المفردة تحتمل هذا التفسیر، فأنه لایحصل هذا التناقض فی العبارة.[9]



[1] قد وردت هذه المسألة فی سبع آیات من القرآن الکریم: الأعراف،54؛ یونس،3؛ هود، 7؛ الفرقان، 59؛ السجدة، 4؛ ق، 38؛ الحدید، 4.

[2] ان الآیات الکریمة 1، 12 من سورة فصلت هی المورد الوحید فی القرآن الکریم الذی ذکر فیه بعض التفاصیل من خلق الأرض و تقدیر الأرزاق فیها فی أربعة أیام و کذلک خلق السماوات فی یومین، و قد أستند بعض المفسرین على هذه الآیات الکریمة لتخمین مراحل الخلقة بشکل احتمالی. لاحظ: تفسیر نمونه،ج 6، ص 202.

[3] الکتاب المقدس،سفر التکوین، الباب الأول رقم 1، 31.

[4] ق ، 38.

[5] المعارج، 4.

[6] نهج البلاغة، ص 546.

[7] کلیم الکاشانی. نقلاً عن تفسیر نمونة،ج 6،ص 202.

[8] مفردات الفاظ القرآن، مصطلح "یوم".

[9] للاطلاع أکثر لاحظ: بحث فی الاعجاز العلمی فی القرآن، محمد علی رضائی، ص 105، ۱۲۶.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

  • هل یصح لمن یصلی فرادی أن یلتحق بصلاة الجماعة؟
    5474 الحقوق والاحکام 2009/02/19
    لا یصح لمن یصلی فرادی أن یلتحق بصلاة الجماعة.اما اذا کان مشغولاً بصلاة واجبة و أقیمت الجماعة. و خشی أن تفوته الجماعة و لم یکن قد دخل فی الرکعة الثالثة یستحب له أن یتم رکعتین بنیة الصلاة المستحبة ثم یلتحق بصلاة الجماعة و لو خشی أن تفوته الجماعة ...
  • ما هو حکم جعل القطة عقیماً لمنع ضیاعها أو إصابتها بالأضرار بسبب المحیط؟
    6020 الحقوق والاحکام 2011/12/13
    مکتب آیة الله العظمى الخامنئی (مد ظله العالی):إذا کان العمل مؤذیاً للحیوان فإنه غیر جائز.مکتب آیة الله العظمى مکارم الشیرازی (مد ظله العالی):إذا کان هذا العمل لازماً و ضروریاً فلا مانع منه.جواب آیة هادوی الطهرانی (دامت برکاته) على النحو التالی:إذا کان العمل یجری دون أذى ...
  • ما هی الحقوق المتبادلة بین الاستاذ و الطالب؟
    7738 العملیة 2008/11/05
    ان لکل من الاستاذ و الطالب مجموعة من الحقوق المتبادلة و التی یقع قسم منها على عاتق الاستاذ و الآخر یقع على کاهل الطالب، و هذه الحقوق یمکن تقسیمها الى قسمین:1. وظائف الاستاذ تجاه تلامیذه و التی تشمل الامور الاخلاقیة و التربویة و الوظائف العائدة الى اسلوب التعلیم و ...
  • اذا بال الشخص و لم یکن الماء موجوداً فکیف یجب ان یؤتی بالصلاة؟
    6304 الحقوق والاحکام 2008/11/19
    لا یطهر مخرج البول بغیر الماء و إذا غسل بالماء القلیل فیجب غسله مرتین، و أما إن غسل بماء الاسالة المتصل بماء الکر فیکفی الغسل مرة واحدة.[1]و بناء علی هذا فاذا بال الشخص وجب علیه تطهیر مخرج البول بالماء و لا یجب علیه الذهاب الی الحمام و ...
  • هل ان الآیة 144 من سورة آل عمران تدل علی شهادة النبی الأکرم (ص)؟
    7018 التفسیر 2013/01/14
    نظراً إلی شأن نزول هذه الآیة المذکورة فی السؤال حیث انتشرت إشاعة فی معرکة اُحد بین المسلمین تؤکّد علی قتل النبی (ص). و علی اثرها خرج جمعٌ من المسلمین من المعرکة، و کان الوضع بحیث راودت البعض فکرة التنصّل عن الإسلام بعد مقتل الرسول الأکرم (ص) و اللجوء ...
  • ما هو رأی مشهور العلماء و المجتهدین فی الملوک الصفویین؟
    5937 التاریخ 2009/12/13
    لا بد أن نعلم أن العلماء و المجتهدین یعتقدون بضرورة أساس کلی و هو وجوب التبلیغ و الترویج للدین و تعالیمه، و لا ینبغی التقصیر فی هذا المجال. و لکن من الممکن أن تختلف الآراء فی الطرق و الأسالیب التی تسلک لتحقیق هذا الهدف المشترک. فالاختلاف موجود، و کلام الإمام ...
  • ما هي مميزات و خصائص تفسير منهج الصادقين للملا فتح الله الكاشاني؟
    13379 علوم القرآن 2013/11/25
    يعد تفسير«منهج الصادقين في تفسير القرآن المبين و إلزام المخالفين‏»[1] للملا فتح الله الكاشاني من علماء الشيعة في القرن العاشر (توفي عام 988 او997 هجرية)[2] من التفاسير القيمة التي دونت باللغة الفارسية منسجمة مع لغة القرن العاشر الهجري و باسلوب ...
  • ما هی مراتب الإیمان؟
    8002 مقامات 2012/09/20
    لقد أفردت المصادر الروائیة فصلا مستقلا لمراتب و درجات الإیمان، ضمّ مجموعة من الروایات الواردة عن المعصومین (ع) التی تدور حول محور درجات الإیمان و المؤمنین. و نحن نشیر بدورنا فی هذا المختصر إلى عدة نماذج منها مع الاشارة الى عناوین بعض النصوص الحدیثیة لمن یرید التفصیل.
  • ما هي فلسفة العذاب و الآلام في حياة الأولياء الالهيين؟
    11021 الکلام القدیم 2012/03/07
    إن الغاية و الفلسفة في ايجاد المخلوقات تعود الى المخلوقات نفسها، و أن اللطف الالهي و الكرم الرباني بالنسبة الى جميع المخلوقات بما فيها الجمادات هو العلة في الخلق و الايجاد و هذا ما اشار اليه الامام الصادق (ع) حينما قال ما معناه: خلق الاشياء تكرما، لا ...
  • هل یتعلق الخمس بالشقة السکنیة الموروثة؟
    7708 الحقوق والاحکام 2010/10/18
    نعرض لکم الاستفتاءات التالیة:جواب مکتب آیة الله العظمى السید الخامنئی (دام ظله العالی):اذا کانت الشقق السکنیة بنیت للسکنى فیها و قد سکنتموها فعلاً فلا خمس فیها حینئذ؛ لکن لو کان البناء للاجارة مثلاً ففی هذا الفرض اذا کانت الشقق ...

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    281666 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    262455 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    130628 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    119551 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    90529 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    62269 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    62093 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    58052 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    53797 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    50226 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...